كانت لحظة تاريخية الأربعاء الماضي عندما أعلنت قوى السوق في أمريكا أنها صارت تفضل الشركة التي تركز على ثورة الموبايل على الشركة العملاقة التي صنعت ثورة الكمبيوتر الشخصي، وبالتحديد عندما ارتفعت قيمة شركة Apple _ حسب أسعار الأسهم في السوق _ على شركة Microsoft، لتصبح Apple ثاني أكثر شركة في أمريكا قيمة بعد ExxonMobil بقيمة إجمالية لـApple تصل إلى 222.12 مليار دولار.
عناوين الصحف الأمريكية والعالمية جاءت لتعبر عن المفاجأة، وذلك لأن Microsoft العملاق الذي لم يكن ينتظر أحد أن يُقهر سريعا جاءت هزيمته على يد Apple التي توقع المحللون قبل عشر سنوات أنها قريبة من باب النهاية مع الإقبال الشديد على أنظمة Windows وضعف مبيعات كمبيوترات Apple، ولأن Microsoft ما زالت تتفوق في الأرباح والأصول السوقية وغيرها من المعايير على Apple، مما يعني أن شركات الاستشارات المالية والبنوك وشركات إدارة الثروات _ التي تتحكم في حركة الأسواق المالية وقرارات المستثمرين _ لديها الآن ثقة أكبر في مستقبل Apple مقارنة بمستقبل Microsoft.
بكلمات أخرى، Apple التي سيطرت على مبيعات الموسيقى من خلال جهاز iPod مدعوما بموقع iTunes، ثم استطاعت أن تحدث انقلابا في أسواق أجهزة الموبايل من خلال جهازها iPhone والمرتبط بكم هائل ومتزايد بسرعة من التطبيقات الخاصة بالأجهزة، ثم استطاعت أن تحدث انقلابا آخر من خلال جهاز iPad صار يتوقع لها نجاحا أسرع من Microsoft، العملاق الذي يسيطر على أكثر من 90% من أجهزة الكمبيوترات الشخصية.
المؤشرات الرقمية تدعم هذه التوقعات بوضوح، فمثلا حيث تتسارع مبيعات أجهزة iPhone خمس مرات أكثر من مبيعات أجهزة الكمبيوترات الشخصية عاما بعد عام.
رد Microsoft على التحليلات الصحفية التي أعلنت انطلاق عهد جديد جاء غاضبا، مؤكدا أن Microsoft تبقى الشركة الأعلى أرباحا في عالم التكنولوجيا، ولكن الصحف الاقتصادية لم تتأثر بذلك وصارت تردد بأن Google هي أيضا في طريقها لإسقاط Microsoft، وأن المنافسة على القمة لم تعد بين Microsoft و Apple، بل إنها ستصبح قريبا بين Apple و Google، ودعم الصحف في ذلك تصريحات متوالية لأساطين صناعة التكنولوجيا في أمريكا يؤكدون فيها أن Apple هي “ملك التكنولوجيا الجديد”، وأن ذلك جاء لأنهم رأوا المستقبل، وعرفوا مبكرا قيمة الأجهزة المحمولة، وقيمة أن يكون المستهلك سعيدا بالمنتج، راضيا عن سهولة استخدامه، مرتبطا به طوال اليوم.
الصراع بين Microsoft و Apple و Google وربما لاحقا “فيسبوك” هو الصراع بين الشركات التي ترسم ملامح كل دقيقة من حياتنا الشخصية والعملية في يومنا هذا.