في أواخر التسعينات الميلادية أطلقت آلاف المواقع حول العالم للتجارة الإلكترونية، سواء منها الموجهة لعموم المستهلكين B2C، أو الموجهة للتعاملات بين الشركات B2B، وتم استثمار رؤوس أموال ضخمة فيها على أساس أن الناس ستقبل على الشراء من على مواقع الإنترنت بدلا من التوجه للمحلات التجارية، حيث كل شيء موجود في بيتك وعند أطراف أصابعك.
كانت بعض الآراء المبالغة تقول بأن المحلات التجارية كما نعرفها ستنتهي خلال سنوات لأن الناس ستقبل بلا حدود على الشراء من على الإنترنت، وأثارت هذه الآراء ذعر الكثير من شركات المحلات التجارية الضخمة التي أقبلت هي كذلك على الاستثمار في تأسيس مواقعها على الإنترنت.
لكننا الآن بعد 12 عاما من انطلاق هذه الطفرة الهائلة نعرف أن هذا الكلام غير صحيح، وأن الناس ما زالت تفضل أن تذهب إلى المحلات التجارية وتختار بنفسها ما تريد بدلا من التسوق على الإنترنت، وهذا ساهم في هدوء الطفرة سواء في أمريكا وأوروبا أو في العالم العربي، وصار هناك نمو بطيء للتسوق على الإنترنت.
لكن هذا تغير بشكل سريع ومفاجئ خلال العام الحالي في أمريكا وأعطى مؤشرا حقيقيا للسبب الذي يمكن أن تنجح معه التجارة الإلكترونية، حيث أدى ارتفاع أسعار البترول إلى شعور شعبي عام بالحاجة إلى التقليل من استخدام السيارة، مما جعل الناس تقبل فجأة على التسوق من مواقع الإنترنت، وبينما تعاني المحلات التجارية من انخفاض يصل إلى حوالي 10% في مبيعاتها فإن نمو التجارة الإلكترونية تزايد إلى حوالي 30% في نفس الوقت.
كيف يمكن للمستثمر العربي في مجال التجارة الإلكترونية أن يستفيد من هذه التجربة؟
- أولا: ابحث عن مجالات التجارة التي يكون فيها الوصول للمكان الذي يتم من خلاله التسوق صعبا.
إذا أردت أن تبيع العطور أو الكتب على الإنترنت في بلد مثل السعودية فقد لا يكون هذا حكيما ونحن نعلم أن هناك محلات ضخمة لديها مواقف سيارات مريحة ومتوفرة على الشوارع الرئيسية لبيع العطور أو الكتب.
لهذا تجد أن قنوات التسوق التلفزيونية الناجحة تركز على بيع الأشياء والمنتجات التي لا تجدها بسهولة في المحلات التجارية.
- ثانيا: ابحث عن مجالات التجارة التي يكون فيها البيع والشراء مباشرا وليس فيه الحاجة للنقاش والتفاوض، ولذا فمواقع العقارات لم تنجح في عالمنا العربي رغم أن البحث عن عقارات أمر مرهق جدا وذلك لأن زيارة مكتب العقار بشكل شخصي مهمة ولا يغني عنها موقع الإنترنت.
- ثالثا: التجربة الأمريكية تقول بأن موقع الإنترنت المرتبط بمحل تجاري معروف مؤهل للنجاح أكثر من موقع الإنترنت المستقل، وهذا يدعو الشركات الكبرى لتأسيس مواقعها المتخصصة في التجارة الإلكترونية كما يدعو المستثمرين لربط مواقعهم بالمحلات التجارية المعروفة.
بقيت لدينا مشكلة أساليب الدفع المالي وأساليب تسليم البضائع وتوزيعها وهذه لها حديث آخر..
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية