صراع عالمي على «أسلاك الإنترنت»!

من قسم الثورة الرقمية
الثلاثاء 02 سبتمبر 2008|

منذ أن اخترع الإنترنت، كان لأمريكا مكانة خاصة في استضافة شبكة الإنترنت كسرفرات و”سويتشات” و”كابلات”، أي أن البنية التحتية التقنية كان أكثرها في أمريكا، بالإضافة لشركات الاستضافة الضخمة، وكان الاتصال عبر الإنترنت حتى ضمن الدولة الواحدة يمر عبر أمريكا.

لتقريب المسألة للفهم، عندما يتواصل اثنان عبر الإنترنت (البريد الإلكتروني أو المسنجر)، فإن المعلومات التي يرسلها شخص تتحول إلى ما يشبه الشارة الكهربائية data Packet، والتي تذهب عبر الكابلات بأنواعها أو عبر الاتصال اللاسلكي لتصل إلى الشخص الآخر.

عندما تحاول زيارة موقع ما، فإنك تكتب العنوان والذي يمثل معلومات ترسل عبر البنية التحتية لشبكة الإنترنت لتعود لك بمعلومات تمثل محتوى الموقع الذي تحاول زيارته.

هذا يتم أحيانا حتى لو كان الموقع أو الشخص الآخر موجود في نفس المدينة التي تعيش فيها.

في كثير من الأحيان تمر هذه المعلومات عبر البنية التحتية لأمريكا، الأمر الذي أعطى الأمريكيين سيطرة على شبكة الإنترنت وساهم في تمكنهم من مراقبة محتواها متى ما رغبوا، ولكن مجاهرتهم بذلك بشكل صريح بعد أحداث 11 سبتمبر باسم مراقبة الإرهاب جعل كثيرا من الدول تتخوف من هذا السلوك، وخاصة فيما يتعلق بمعلومات البنوك التي تعتمد على الإنترنت في كل عملياتها، فبدأت كثير من الدول تأسيس شبكات لا تمر بأمريكا لتحقيق “سيادة إلكترونية” تجعلها المتحكم الوحيد في هذه الشبكة التي تحولت إلى عماد أساسي لحياة الناس وسير الأعمال في الدول.

العامل الآخر الذي ساهم في هذا التحول خارج إطار الأمريكيين هو التوسع السريع للشبكة بشكل لم تعد الشركات الأمريكية قادرة على مواكبته، وهذا أعطى فرصة للشركات الآسيوية والأوروبية لدخول اللعبة التي تحقق الكثير من الأرباح.

الصين من جهة أخرى تبدو كلاعب جديد في المنطقة مع وجود مستخدمين صينين للإنترنت يزيدون على عدد الأمريكيين، ومع حرص الصين على “تحرير” حركة المعلومات الصينية على الإنترنت من أي رقابة أمريكية.

الدولة الأخرى التي بدأت تتحرك على هذه الجبهة بشكل مكثف هي اليابان والتي تسعى جاهدة لبناء شبكة إنترنت تتحرك فقط ضمن آسيا ولا تقترب من أمريكا، بالإضافة إلى أن الاحتياج الأمريكي للمزيد من الإنترنت من حيث السعة والسرعة جعل الشركات اليابانية (بالإضافة للصينية) هي الأكثر استثمارا في مجال توسعة الإنترنت.

لقد جاءت هذه القضية للضوء في الإعلام العالمي هذا الأسبوع مع إعلان الجورجيين من قلقهم على شبكة الإنترنت الخاصة بهم لأنها تمر بروسيا وهذا ما جعلهم يسرعون خطة للاعتماد على تركيا وبلغاريا في الاتصال بالعالم عبر الإنترنت بدلا من روسيا.

* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية