ولاية فلوريدا تحول نفسها إلى موقع إنترنت!

من قسم الثورة الرقمية
الإثنين 23 يوليو 2007|

كان قرار ولاية فلوريدا الأمريكية بتحويل جميع لوحات السيارات في فلوريدا، بحيث أنها تحمل عنوان موقع الولاية على الإنترنت بدلا من اسم الولاية، فصارت كل اللوحات تقول MyFlorida.com بدلا من فلوريدا، ليتحول الموقع بين يوم وليلة لواحد من أكثر مواقع الإنترنت ترويجا في العالم.

وإذا عرفنا أن الولايات الأمريكية تتنافس في تصميم لوحات السيارات التابعة للولاية وإبراز شعار الولاية عليها، فإن هذا يجعلنا نفهم لماذا أثار القرار إعجاب كثيرين وسخرية آخرين كثيرين من الولاية التي تضم اثنتين من أشهر المدن السياحية الأمريكية: ميامي وأورلاندو.

حكومة فلوريدا كانت توجه بهذا القرار رسالة واضحة: موقع الإنترنت يمثل عالم فلوريدا، يتضمن كل المعلومات وكل الخدمات، وإذا أردت أن تعرف فلوريدا فاذهب إلى موقعها على الإنترنت.

إنه توحد كامل في الهوية بين الحقيقة والموقع، وهذا الأمر ليس خاصا بحكومة فلوريدا بل هو توجه جديد عام في تسويق مواقع الإنترنت بدأ يغزو كبرى الشركات في العالم.

لو فكرت في الموضوع لوجدت أن علاقتك مع أي مؤسسة من أي نوع كانت تدور في أغلب الأحيان حول الحاجة لمعلومات أو لخدمات، والإنترنت يوفر لك هذه المعلومات بأفضل شكل ممكن، إذا تم ترتيبها بالشكل الصحيح، كما أنه مع تطور أتمتة الخدمات، فإنه أيضا البوابة المناسبة لكل الخدمات، مما يعني أن علاقتك مع تلك المؤسسة يمكن أن تكون بكل أجزائها عن طريق موقع الإنترنت فقط.

لقد بدأت المؤسسات في التسعينات مع الإنترنت من خلال رسالة تقول: “لأولئك الذين يحبون الإنترنت، أحب أن أوضح لكم أن لدينا موقعا هناك، وهذا يؤكد أننا شركة متقدمة”.

المرحلة الثانية جاءت مع رسالة أكثر عملية: “إذا ذهبت إلى الإنترنت وخطرنا على بالك، فستجد موقعنا هناك كما ستجد طريقة سهلة للاتصال بنا”، ثم جاءت المرحلة الثالثة بإحساس إيجابي أعلى نحو الإنترنت: “رجاء اذهب إلى موقعنا على الإنترنت حتى تجد كل المعلومات والخدمات التي وضعناها هناك، وربما نعطيك مكافأة حتى تفعل ذلك”.

لم تتجاوز الشركات والمؤسسات العربية في أفضل أحوالها المرحلة الثالثة، ولكن هناك مراحل لاحقة، فالمرحلة الرابعة كانت تقول: “إذا أردت أن تتعامل معنا فقد لا يمكنك ذلك إلا من خلال موقعنا على الإنترنت”، والمرحلة الخامسة والأخيرة التي وصلت إليها العديد من الشركات والمؤسسات الحكومية والخيرية ومنها حكومة ولاية فلوريدا: “موقعنا على الإنترنت هو نحن”، بمعنى أنه اتحاد في الهوية أو الـbrand بين المؤسسة والموقع على الإنترنت، وحيث تجد “كل” المعلومات على الموقع، ويمكنك الحصول على “كل” الخدمات من خلال الموقع.

في العالم العربي لدينا عدة مشكلات تجعلنا متراجعين في تحقيق تلك الخطوات، فما زالت المؤسسات تعاني من عدم وجود شركات محترفة ومميزة لتطوير مواقع الإنترنت في العالم العربي بما يضع الشركات دائما في ورطة، وما زالت سرعة الإنترنت بطيئة وإن كانت تزداد باضطراد جيد، والأهم من ذلك أن الإنترنت ليس متوفرا لكل الناس، فما زالت نسبة انتشار الإنترنت محدودة مقارنة بدول العالم المتقدمة، وهذا يعني أن ربط الخدمات والمعلومات بموقع الإنترنت تمثل مخاطرة كبيرة.

ولكن الأمر في تحسن سريع ولا شك، وخاصة في بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات والكويت وغيرها، ولهذا فإن الشركات تحتاج للنظر سريعا في استراتيجية مواقعها على الإنترنت وتطويرها بالشكل الذي يتلائم مع انتشار الإنترنت وإقبال الناس عليه، وخاصة أن معظم مواقع المؤسسات التجارية أو الحكومية تعاني من ضعف التركيب وفقر المعلومات وضعف الخدمات عندما كان التركيز فقط على إيجاد تصميم جميل للموقع دون التركيز على النواحي الأخرى.

يقول أحد علماء الاقتصاد الأمريكيين بأن العالم يتحول إلى معلومات رقمية، لأن كل شيئ في العالم يمكن اختصاره بالنسبة للفرد أو المؤسسة على شكل معلومات، ولأن المعلومات يمكن وضعها على الإنترنت، بما في ذلك المعلومات الخاصة بخدمة معينة، ولأن الاتصال مع مصدر المعلومات هو أساس التبادل التجاري حسب نظرية هذا العالم، فإن العالم سينتقل كله إلى الفضاء الافتراضي “الإنترنت”.

خلال الأسبوعين الماضيين تجولت في عدد من الولايات الأمريكية، وكنت أستطيع أن أقف في أي مكان لأفتح اللابتوب ولأجد شبكة لاسلكية مجانية قادمة من مكان ما، بحيث تمكني من استخدام الإنترنت بشكل سريع وميسر.

كان اللابتوب بوابتي لمعظم الأشياء التي احتجت لتنفيذها، وفي مرة من المرات جلست في بهو الفندق لأجري الحجز فيه عن طريق الإنترنت لأنني اكتشفت أن أسعاره عن طريق الإنترنت أرخص بكثير من الأسعار التي أحصل عليها من على الكاونتر.

أهلا بكم في الحياة على سطح “الإنترنت” وليس “القمر”!

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية