الحياة على كوكب إلكتروني آخر!

من قسم الثورة الرقمية
الإثنين 26 مايو 2008|

هناك موقع شهير على الإنترنت اسمه “الحياة الثانية” secondlife.com، والذي يقدم لزائريه مجتمعا افتراضيا فيه آلاف الأشخاص الذين يعيشون فيه وقد جاءوا من مختلف أنحاء العالم، وهؤلاء الأشخاص يتحدثون مع بعضهم، ويعملون في التجارة وشراء العقارات، والتجول في مدن المجتمع الافتراضي والسهر على الشاطئ، وغيره من الأنشطة التي يقوم بها الإنسان في حياته اليومية.

الفكرة قائمة على استخدام الجرافيكس ثلاثية الأبعاد، وعندما يسجل الشخص في الموقع يحصل على شخصية يقوم باختيار شكلها بالطريقة التي يريد ويبدأ في التجول بهذه الشخصية والحديث من خلالها، ولما تكاثر الناس في مناطق معينة يرتادها الأشخاص أكثر من غيرها صار شراء منطقة فيها لوضع مبنى هناك وبيع الأشياء من خلاله مبررا، حيث يفتح الموقع الباب لامتلاك أرض معينة بمقابل مادي محدود، إلا أن هذا العقار يزداد سعره مع الأيام حيث يشتريه الناس من بعضهم عندما يزيد إقبال زائري المجتمع الافتراضي عليه.

الحياة الثانية تعتبر ظاهرة بكل المقاييس، وقد وصل حد الإقبال عليها أن شركات عالمية متعددة فتحت فروعا لها هناك، بل إن أحد الدول الأوروبية فتحت سفارة لها في مجتمع الحياة الثانية، كما تجاوز سعر أحد عقاراته العشرين ألف دولار والقصص التي تثبت أن الموقع صار مجتمعا متكاملا بكل ما تعنيه الكلمة لا حد لها.

هذا الموقع مثل أيضا تجسيدا لمزج تقنيات الجرافيكس ثلاثية الأبعاد مع أفكار الشبكات الاجتماعية التي تحدثت عنها في الأسبوعين الماضيين، ولأن استخدام هذا الموقع يتطلب أداء قويا للكمبيوتر وسرعة مناسبة للإنترنت فهو أيضا يستثمر التطور في هذين المجالين أيضا ليظهر شيء تم التعارف على تسميته بـ”الواقع الافتراضي” Virtual Reality.

لكن التطبيقات والأفكار التي نشأت حديثا للاستفادة من أفكار الواقع الافتراضي لا حد، فهناك جهات مثل BBC البريطانية، أطلقت مجتمعا افتراضيا للأطفال والذين يجتمعون من خلال الموقع للدردشة، كما أن هناك ورش فنية للرسم والتلوين والأعمال الفنية _ التي تتم كلها طبعا من خلال الكمبيوتر _ ثم بعد ذلك عرض هذه الأعمال في معارض افتراضية في نفس المجتمع.

هناك حديث عن مجتمعات افتراضية خاصة بالفنانين والمحترفين في مختلف المجالات، وعن مستشفى افتراضي يجتمع فيه الأطباء من كل العالم لمناقشة القضايا الطبية وإجراء العمليات واستقبال المرضى الذين يريدون الاستفسار عن أمراضهم وربما حتى إجراء بعض الفحوصات التشخيصية، كما ظهرت بعض المحاولات التي تحاول إقامة معارض افتراضية دائمة على غرار المعارض التجارية التي تقام هنا وهناك.

الإنترنت سيأخذ مساحات أوسع بكثير في حياتنا مع تطور المجتمعات الافتراضية، ومن يدري فقد ننتقل يوما للعمل والحياة في مجتمع افتراضي!

* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية