ما قيمة أنظمة حفظ حقوق النشر؟

من قسم الثورة الرقمية
الثلاثاء 13 مايو 2008|

لا يمكن لصناعة النشر بأنواعها، سواء كانت نشرا لنصوص مكتوبة أو سمعية أو بصرية، أن تزدهر بدون حفظ الحقوق، لأن المحتوى النوعي والمميز يتطلب استثمارا ضخما، وحفظ الحقوق هو الذي يجعل لهذا الاستثمار معنى.

كثير من دول العالم المتقدمة استطاعت وضع تشريعات متشددة لحفظ الحقوق، وهذا يفسر _ على سبيل المثال _ نمو صناعة برامج الكمبيوتر في كثير من دول العالم، بينما ما زالت الصناعات البرمجية محدودة جدا في العالم العربي، وذلك لأن الاستثمار في برنامج كمبيوتر يصبح غير ذي جدوى إذا كان سيتم نسخه في اليوم التالي وبيعه على الرصيف أمام الملأ من قبل أناس لم يبذلوا أي جهد سوى في نسخ القرص المدمج.

الصين واجهت نفس المشكلة التي واجهها العالم العربي، وكان لدى الصينيين نفس الشعور الذي يتملك العرب بأن هذا منتج قادم من الخارج ولا ينبغي التعاطف مع ملاكه “الأجانب”، إلا أنه مع الزمن اكتشف الصينيون أن انتشار “كسر” الحماية على الأقراص المدمجة ساهم في تدمير صناعاتها البرمجية الداخلية، ولذا بدأت الآن حملة ضخمة لحماية الحقوق ومحاصرة لصوص “البرامج”.

ما ينطبق على البرامج، ينطبق على الأفلام والموسيقى والنصوص بأنواعها، كما ينطبق كذلك على كل ما يعد لأجهزة الجوال بشكل خاص، وهذا جعل تطوير برامج حماية الحقوق أمرا حيويا في تطور انتقال المحتوى بأنواعه إلى التقنيات الحديثة “الإنترنت، الجوال، الـi-Pod وغيره”.

تقوم فكرة برامج حماية الحقوق Digital Rights Management والتي يرمز لها بـDRM، على أساس وجود قواعد معينة يتعرف عليها البرنامج عند محاولة استخدامه، فمثلا يمكن لبرنامج حماية الحقوق أن يحدد عدد مرات الاستخدام، ومتى تنتهي صلاحية المحتوى، ومدى صلاحية نقله من جهاز إلى آخر، وحتى ما هي الدول التي يمكن استعراض المحتوى فيه، وهكذا.

هذه البرامج أكثر فعالية على الجوال منها على الإنترنت أو على الأقراص المدمجة بسبب أنه لا يوجد الكثيرين الذين يحسنون التعامل مع بيئات الجوال البرمجية، ولأن الاستثمار في هذه البرامج كان أعلى بالنسبة للجوال بحكم الدخل الكبير الذي يحققه محتوى الجوال.

هناك جهود ضخمة لتطوير هذه البرامج، وذلك لأن الشركات المالكة للمحتوى، مثل شركات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني والموسيقي ودور النشر، تريد الاستفادة من التقنيات الجديدة ولكن بدون أن تخسر قدرتها على الاستفادة الاستثمارية من هذا المحتوى، وعندما تتطور هذه البرامج سنرى طفرة هائلة في انتقال مختلف أنواع المحتوى إلى الإنترنت والجوال.

هناك أساليب استثمارية أخرى لشركات الإنتاج التي لا تريد الانتظار، وهذا ما سأتحدث عنه في الحلقة المقبلة.

* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية