ظهر نوع جديد من “العطش” في قرننا الواحد والعشرين _ حسب تعبير أحد الكتاب الأمريكيين _ وهو العطش لـ”Bandwidth” والتي يمكن تعريفها باللغة العربية بكمية ضخ البيانات.
لماذا يحتاج الناس ويتعطشون لمسألة تقنية بحتة ؟، فيما يلي شرح مبسط للحكاية التي تشغل آلاف المسؤولين والمدراء والمهندسين حول العالم.
يعتمد الإنترنت في طبيعته على بنية تحتية من الشبكات التي تنتقل من خلالها البيانات والمعلومات، تماما كما تنتقل الكهرباء في الأسلاك.
عندما تكتب عنوان موقع في أمريكا، فإن طلبك يسافر عبر هذه الشبكات إلى الخادم “السرفر”، الذي يحمل معلومات هذا الموقع في أمريكا، لتأتي المعلومات إليك على شاشة كمبيوترك.
ولأن الإنترنت نمى بسرعة غير مسبوقة تاريخيا، ولأن تطبيقات الإنترنت تزداد يوما بعد يوم، ولأن الاحتياج الأساسي للناس حتى تستمتع وتستفيد من الإنترنت هو السرعة مع القدرة على استقبال حجم كبير من الملفات ومشاهدة الفيديو بجودة عالية، لهذا السبب كله فإن البنية التحتية الموجودة حاليا لم تعد تكفي لتلبية احتياجات الناس.
هناك مشاريع عملاقة حول العالم لتطوير البنية التحتية للإنترنت وبناء الشبكات اللازمة، ولكن لأسباب اقتصادية وهندسية فإن هذا يمضي بشكل أبطء من نمو حاجة الناس إلى السعة الكافية والسرعة المطلوبة لنقل المعلومات واستهلاك مواقع الإنترنت، ولذا فإن العالم يعيش في احتياج كبير أو “عطش” للمزيد والمزيد من السرعة والسعة.
هناك حل تقني غير عادي ظهر قبل حوالي خمس سنوات وبدأ ينتشر بسرعة ويسمي بالبث من “زميل إلى زميل” Peer-to-Peer، ويعتمد على حل تقني بحيث يحصل مستخدم الكمبيوتر على الطاقة والسرعة من الكمبيوترات الأخرى المتصلة بشبكة الإنترنت.
بكلمات أخرى؛ كل كمبيوتر يستهلك سعة معينة من خلال اتصاله بالإنترنت محجوزة له أثناء الاتصال، ولكن إذا كان الكمبيوتر متصلا بالإنترنت وفي حالة سكون أو استخدام محدود مثل الإيميل فإن معظم هذه السعة يذهب بلا استفادة.
جاء البعض وطور برامج تسمح بسحب هذه الطاقة من الأجهزة أثناء سكونها، بحيث لا يضطر لتوفير سرفرات تقدم هذه السعة كلها، ومثلت هذه البرامج حلول ممتازة لمواقع بث الفيديو، وصارت معظمها يعتمد على هذه البرامج.
الطريف أن جامعة ستانفورد الأمريكية، أرادت الاستفادة من هذا المفهوم في تشغيل شبكة من الكمبيوترات المتقدمة التي تحاول فك ألغاز التركيب الجيني للإنسان لاكتشاف علاج للسرطان، ولأنها لا تملك السعة المطلوبة فقد طلبت من الذين يملكون أجهزة Play Station 3، أن يوافقوا على منح السعة التي تزيد عن حاجتهم للاستفادة منها في تشغيل تلك الكمبيوترات، وبالفعل يوجد حاليا 84000 متبرع بالباندويدث لدعم أبحاث السرطان!
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية