ثلاث أولويات لإصلاح عالمنا العربي، ولكن كيف؟

من قسم سياسة
السبت 21 مايو 2005|

اختار القائمون على المنتدى الاقتصادي العالمي الذي اختتم هذا الأسبوع في البحر الميت “والشهير بمنتدى دافوس” أسلوبا جديدا في معالجة القضايا سموه “اللقاء المفتوح”.

حضر هذا اللقاء شخصيات سياسية واقتصادية عربية وعالمية جاءت لتناقش قضايا “إصلاح” الشرق الأوسط، وذلك ببساطة حسب ما قال القائمون على المنتدى لأننا نعيش في قرية عالمية صغيرة، والمشكلات في أي من شوارع القرية تؤثر على القرية أجمعها.

بمعنى آخر، قرر القائمون على المنتدى بأن العولمة لم تعد تسمح لأحد أن يطلب عدم التدخل في مشكلاته الداخلية لأن كل مشكلة تؤثر على الجميع بلا استثناء.

في هذا اللقاء، قرر المجتمعون أن يختاروا أهم ثلاث قضايا تمثل أولويات أساسية للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي، وذلك من خلال التصويت، وبالفعل تم تقسيم الحضور إلى مجموعات صغيرة، بحيث تدخل كل مجموعة في نقاش حول الأسئلة قبل التصويت، وكانت القضايا التي فازت بأولويات الاهتمام هي بالترتيب: التعليم، المشاركة السياسية، والشفافية والمحاسبة.

بعد ذلك تم التصويت على أسباب هذه المشكلات، وتم الاتفاق على أن “وجود أنظمة قضائية مستقلة ونزيهة” سيدعم الشفافية والمحاسبة عربيا، بينما يمثل “تحديث المناهج التعليمية لتتوافق مع متطلبات الأنظمة الاقتصادية الحديثة” الأولوية الأهم لتطوير التعليم عربيا، وأخيرا، اعتبر المشاركون أن “عدم ثقة الناس في الأحزاب السياسية” هو ما يمنعهم من المشاركة السياسية الفعالة.

كانت المفاجأة أن هذه الاختيارات نفسها توافقت تماما بدون أي اختلافات مع نتائج استطلاع أجرته قناة “العربية” من خلال موقع “العربية. نت”، والذي طرح نفس الأسئلة “بالتنسيق مع منتدى دافوس”، وأجاب عليه 3000 شخص من عموم زوار الموقع من العرب في مختلف دول العالم، وهذا أعطى الحضور من العرب والغربيين الشعور بأن النتائج التي توصلوا إليها تمثل رأي عموم العرب أيضا، وهذا أعطاها كثير من المصداقية أيضا.

بعد ذلك بدأ النقاش الصعب، حيث طلب من المجموعات الصغيرة أن تقترح خطوتين عمليتين لتحقيق كل واحدة من هذه الأولويات، وبدأ النقاش ينطلق، الأمر الذي ساهم في منح المشاركين إحساسا عمليا بمدى تعقيد هذه القضايا بالنسبة للعالم العربي.

كانت مجموعتنا الصغيرة مكونة من عدد من كبار مدراء البنوك في الخليج، وثلاثة من رؤساء التحرير في الخليج أيضا، وكان النقاش قد بدأ يأخذ منحى الإحباط عندما دخلنا في بعض الأسئلة العملية الهامة، وهو الشعور الذي عاشته المجموعات الصغيرة الأخرى كما اتضح من النقاش الذي دار لاحقا على مستوى المشاركين جميعا.

لكن الإحباط الحقيقي بدأ يتسرب للحضور، وخاصة العرب منهم، لما بدأ السؤال عن من يفترض أن يقوم بخطوات الإصلاح هذه التي نتحدث عنها.

هل هي الحكومات؟

ربما، ولكن كان معنا عدد كبير من الوزراء من مختلف دول العالم العربي، وكانوا هم يشعرون بنفس الشعور، وذلك حسب قولهم لأن القوى الاجتماعية والوضع السياسي للمنطقة وضعف الموارد البشرية، وضعف التعليم والمشكلات الاقتصادية تقيد أيديهم تماما.

هل هم الناس ممثلين بمنظمات المجتمع المدني وعموم الناس في الشارع؟

ربما أيضا، ولكن الناس تشعر حسب استطلاع “العربية. نت” بأنهم مقيدين وأن الحكومات هي السبب في كل مشكلاتهم.

هل نحتاج للتدخل الخارجي؟

ربما أيضا، ولكن تجربة العراق تؤكد بشكل قاس أن التدخل الخارجي قصة لا تتحملها منطقتنا وأنها سبيل للدمار أكثر من كونها سبيل للإصلاح.

هل هؤلاء جميعا؟

ربما، ولكن سوء العلاقة بين الحكومات العربية والغربية والمجتمع المدني يمنع أي تنسيق من هذا النوع.

حسب “اللقاء المفتوح” الذي تم على ضفاف البحر الميت، بينما جبال فلسطين المحتلة تلوح لنا من شباك الفندق على الضفة الأخرى القريبة من البحر نفسه، فإن المشكلة الرئيسية في الإصلاح هي: من هو الذي سيعلق الجرس؟

حسب هذا النقاش، الإصلاح ممكن، والخبراء وعموم الناس يعرفون الطريق، ولكننا نحتاج لبطل يرفع الراية.

حتى يأتي هذا البطل، قد يكون خير علاج هو إضاءة شمعة بدلا من لعن الظلام، عمل الممكن أملا في أن يتبعه غير الممكن، الحل هو الأمل، لأن اليأس هو الذي أنتج.. الانتحاريين!!

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية