هل حاولت يوما أن تتخيل ما ستكون عليه بيوتنا في القرن الحادي والعشرين؟ هل تمنيت أن يكون لديك بيت إلكتروني تتحكم بكل ما فيه بالريموت كنترول بالشكل الذي يتوافق تماما مع رغباتك؟ أكثر من ذلك هل تريد «بيتا ذكيا» يفهم ماتريد من دون أن تخبره ويحققه لك حسب احتياجاتك؟
هناك حاليا جهود ضخمة تبذلها شركات تطوير التكنولوجيا بحيث يمكن تحقيق هذه الأحلام، وبعض هذه الجهود أسفرت بالفعل عن إيجاد بعض التقنيات التي كانت تعتبر قبل سنوات من الخيال العلمي الذي تراه في الأفلام السينمائية.
قبل أيام تم الكشف عن تكنولوجيا جديدة في مؤتمر «غرفة المعيشة الرقمية»، وتتضمن غرفة معيشة المستقبل على شبكة إنترنت لاسلكية، بحيث يمكن الدخول للشبكة من كل غرف البيت ومن خلال العديد من الأجهزة مثل الهاتف والميكرويف والتلفزيون والسيارة.
الغرفة أيضا تحتوي على «أجهزة ذكية» مثل الغسالات التي تقرأ التعليمات الموضوعة على الورقة الصغيرة الموجودة مع كل قطعة ملابس، والتي تصف كيف يمكن غسيل كل قطعة بشكل مثالي، ومن ثم برمجة عملية الغسيل لتحقيق الوضع المثالي مع فصل الأبيض عن الملون وإعطاء كل قطعة ما تحتاجه من مسحوق الغسيل.
من الأجهزة الذكية المقترحة الثلاجات التي تقوم بفحص المعلومات الموجودة _ والموضوعة بطريقة معينة من قبل المصنع _ على الأكل، والتي تحدد درجة البرودة اللازمة لكل قطعة وتحقيق هذه البرودة.
أيضا من ذكاء الأجهزة أن تحقق أوامر صاحب البيت الصوتية دون الحاجة للمس أي أزرار.
لكن غرفة المعيشة الرقمية تبقى حلما سيأخذ الكثير من السنين قبل أن ينتشر بين الناس، وذلك لعدة أسباب منها غلاء هذه التقنيات والذي سيحصرها في بيوت الأغنياء جدا من الناس قبل أن يزيد الطلب ويقل السعر، ولأنه ليس هناك مواصفات قياسية محددة لكل الأجهزة يجعل اتصال الأجهزة مع بعضها ممكنا، ولأن شبكة الإنترنت نفسها ليست سريعة بما يكفي حتى الآن، فحتى تشاهد برنامجا للطبخ يبث عبر الإنترنت من خلال شاشة موضوعة على الثلاجة تحتاج لبث إنترنت عالي السرعة والكفاءة، وهو الأمر الذي مازال محدود الانتشار حتى الآن.
أخيرا الاستطلاعات التي أجريت في أوساط الشعب الأمريكي تري كيف أن الكثيرين يرون في هذه التقنيات رفاهية زائدة عن اللزوم لا حاجة لها، وهذا لا يشجع المستثمرين على الإنفاق في اختراع وإنتاج وتسويق مثل هذه الأجهزة شديدة التعقيد والغلاء.
طبعا لابد أن تضيف إلى ذلك كله _ بالنسبة لسكان العالم العربي _ مشكلة «تعريب» هذه الأجهزة، والذي سيأخذ وقتا وتكلفة إضافية.
عموما يتوقع أن تكون الغسالات والثلاجات الذكية والقدرة على إعطاء الأوامر بالصوت متاحة كتقنيات لمن هو مستعد أن يدفع في العام القادم.
العديد من التقنيات الأخرى ستظهر سريعا في مجال الأجهزة الذكية بعد تبرع شركة «موتورولا» بمبلغ خمس ملايين دولار لبناء معمل أبحاث تابع لـ«أكاديمية ماساشوستش التقنية»، أحد أرقى جامعات أمريكا على الإطلاق، بحيث يتخصص هذا المعمل في الأبحاث ذات العلاقة بالأجهزة الذكية على اختلاف أنواعها.
بالريموت كنترول..
واحد من المجالات التي تحاول التقنيات تطويره هو إيجاد نظام تحكم مركزي في المنزل، حيث يمكنك التحكم بكل شئ في المنزل من خلال ريموت كنترول واحد وإيجاد نوع من البرمجة لما تريد البيت أن يكون عليه، بحيث تستطيع من ضغطة واحدة الحصول على كل الخيارات التي حددتها سابقا.
تريد مثلا أن تكون كفاءة الصوت ودرجة الحرارة والأجهزة وأبواب المنزل والأضواء في وضع معين يتناسب مع فترة استقبال الضيوف، ووضع آخر لفترة النوم أو الاسترخاء، وآخر لفترة الدراسة أو اجتماع أفراد الأسرة، وتحصل على كل تلك الخيارات المحددة مسبقا بضغطة زر واحدة على ريموت كنترول تحمله بيدك.
ماذا لو كان الريموت كنترول نفسه يمكن استخدامه كهاتف بحيث يمكنه استقبال مكالمات هاتفك الجوال والبيجر، ويمكن استخدامه للحديث مع غرف أخرى في البيت أو مع الزائر الواقف عند باب البيت، ويمكن من خلاله أيضا الاطلاع على رسائل البريد الألكتروني؟
هذا أيضا حلم تسعى عدد من الشركات الأمريكية واليابانية حاليا العمل حثيثا على تحقيقه.
الموجود في الأسواق حتى الآن يحقق هذه الاحتياجات كلها من خلال شاشة يزيد حجمها عن الريموت كنترول الذي يمكن حمله باليد، ولكن الريموت كنترول على الطريق.
هذه الشاشة يمكنها بالإضافة للوظائف التي ذكرت أعلاه تجهيز الماء الساخن في البانيو، وسقي مزروعات المنزل، وإدارة أي أجهزة أمنية في البيت، والتحكم في كاميرات لمراقبة غرف المنزل، وإعطاء أوامر لعرض فيلم فيديو معين في غرفة ما في المنزل.
شركتان أمريكيتان أعلنتا عن تدشين خدمة مجانية في الوقت الحاضر، تقوم على منح كل زبون رقم هاتفي واحد لا يتغير، تتحول إليه كل المكالمات الهاتفية لمختلف الأرقام التي يربطها بهذا الرقم مثل هاتف المنزل وهاتف المكتب والهاتف الجوال وهاتف السيارة والفاكس والبيجر، بالإضافة لرسائل البريد الألكتروني وغيرها.
الجميل أن هذا الرقم لا يتغير حتى لو انتقل الشخص لمدينة أخرى وتغيرت معها كل الأرقام.
أحد التقنيات الأخرى اللطيفة التي ستتاح في المستقبل القريب قدرة باب المنزل التعرف على وجوه معينة هي وجوه ساكني البيت، بحيث يفتح الباب إلكترونيا عند اقترابك منه دون الحاجة لإخراج المفاتيح أو دق الجرس وانتظار أحد ما يخرج للرد على الباب.
لولا خوف الشركات من أن يكون الجهاز غير قادر على التمييز الكامل لكل وجه عن الآخر، بحيث لا يفتح الباب لشخص غريب بسبب تشابه وجهه مع وجه أحد سكان المنزل، لأصبحت التقنية متاحة منذ حوالي عامين.
أحد التقنيات الأخرى وجود أجهزة معينة في البيت تعمل على عدم السماح للأجهزة بتجاوز حد معين من استهلاك الطاقة الكهربائية، أو تمنعها من تجاوز حد معين من الضجة مع قدرة هذه الأجهزة على إيجاد تناسق معين في المنزل حسب خيارات صاحب البيت.
بالنسبة للتحكم بالصوت فقد تطورت فيه التقنيات بشكل كبير، حيث يمكن الآن تركيب تكنولوجيا صوت رقمية لها نفس كفاءة الصوت الصادرة عن الأقراص المدمجة وتصدر من كل جانب من البيت بدلا من جهة واحدة.
شركة «ياماها» طورت تقنية من هذا النوع تصل تكلفتها إلى 1870 ريال تعمل بالكمبيوتر ويمكن التحكم فيها بسهولة، ويمكن من خلالها اختيار طبيعة صوتية معينة لكل الأجهزة في البيت، كما يمكن وضع بيئة معينة في البيت مثل أصوات المطر أو الغابات أو صوت البحر بضغطة زر واحدة.
لأولئك الذين يحبون حفظ وقتهم أو إشغال أنفسهم في الحمامات بالقراءة، قامت أحد الشركات بتطوير جهاز اسمه «ليبرتي» يكلف 8625 ريال، لمقاس 12 إنش.
الجهاز يتم تركيبه في مرآة الحمام، كما يمكن وضعه علي أي حائط، ويقوم باستعراض دائم للأخبار اليومية التي يتم تحديثها بشكل متواصل، وهكذا ففي الوقت الذي تغسل فيه وجهك في الصباح تكون قد عرفت أهم ما حدث في العالم منذ آخر مرة دخلت فيها للحمام!!
الجميل في الجهاز أنه لا يحتاج ريموت كنترول أو فأرة تحكم، بل يمكن لمس الشاشة إذا أردت الجهاز أن يأخذك لأخبار الأمس أو نوع معين من الأخبار أو إذا أردت أهم العناوين فقط.
الحمام العجيب..
طبعا هذه ليست التقنية الوحيدة الجديدة للحمامات في المنزل الإلكتروني، اليابانيون طوروا شيئا جديدا اسمه «الحمام المتحدث».
في هذا الحمام عدة تقنيات مثل كرسي الحمام الساخن، وأنابيب المياه الموجودة في كل أطراف الحمام، والتي تطلق المياه في كافة الاتجاهات حسب توجيه الجالس على الكرسي، بالإضافة للتجفيف بالهواء الساخن، وتسجيلات لصوت ماء «السيفون» في حال خجل الشخص من أن يسمع أحد ما يحدث في الحمام، وتقنيات لإخفاء الروائح، وأشياء أخرى عديدة قد لا يناسب ذكرها هنا!
هذه الحمامات، والتي أنتجتها شركة «توتو» اليابانية، حصلت على شعبية واسعة في البداية، ثم بدأ بعض الناس في أمريكا يتخوف منها بعد أن قام بعضهم بفعل أخطاء بضغط الزر الخطأ الذي أدى لأشياء مخجلة مثل غسله بالماء من أعلاه لأسفله.
هذا السبب بالإضافة لأسباب أخرى أدى لانخفاض مبيعات الشركة بنسبة 11% في العام الماضي، ولكن أرباحها مازالت 30 مليون دولار سنويا.
سعر هذه الحمامات يتراوح في أمريكا بين 7500 إلى 15000 ريال، حسب التقنيات الموجودة.
هذه السعر يزيد حين يكون الحمام مجهزا بطريقة خاصة لمساعدة كبار السن والمعاقين بكل ما يخدم احتياجاتهم دون الحاجة لمساعدة أحد من الناس.
كراسي المساج ليست بتقنية جديدة/ لكن شركة كندية طورت كرسيا جديدا اسمه «كامديكس» وتكلفته 7500 ريال.
هذا الكرسي أصبح حديث الصحف في أمريكا، بعد أن كشفت الشركة المنتجة عنه بسبب طرازه الجميل وبسبب وظائف المساج التسعة التي يقوم بها الكرسي، بالإضافة لإمكانية التحكم بالكثير من أوضاع الكرسي بالريموت كنترول.
أجهزة الفيديو تشهد أيضا تطورا سريعا، وآخر هذه التطورات فيديو تبلغ تكلفته من 2600 إلى 3500 ريال في الأسواق الأمريكية، وهذا الجهاز يقوم بتقطيع شاشة التلفزيون بالشكل الذي تريد، بحيث يمكنك مشاهدة عدة قنوات في وقت واحد وتسجيل عدد منها على جهاز الفيديو دون الحاجة لأشرطة، ثم مشاهدتها عندما يحصل وقت الفراغ، مع القدرة على تجنب الإعلانات التي تأتي وسط البرنامج.
أيضا الجهاز يسمح لك بمشاهدة برامج على قناة ما وتسجيل برامج على قناة أخرى.
الجديد جدا في هذا الجهاز أنه يمكن لصاحبه تحديد كلمات معينة، حيث يقوم الفيديو بالبحث في الفهارس الإلكترونية للبرامج لكل محطة، وهو أمر موجود مسبقا لكل المحطات في أمريكا ويتضمن جدولا بالبرامج ووصفا موجزا لكل منها، والتقاط أي برنامج يحمل هذه الكلمات وتسجيلها أتوماتيكيا.
الجهاز يمكنه حاليا أن يسجل 30 ساعة من البرامج دون الحاجة لأشرطة.
أغلى شاشة تلفزيون..
بالنسبة لشاشات التلفزيون، قامت شركة أمريكية بإنتاج شاشة «فارودجا»، والتي يبلغ حجمها 58 إنش وتتميز برقتها وخفتها وسهولة نقلها وبتقنيتها الرقمية المتطورة التي تجعل مشاهدتها تشبه مشاهدة شاشة السينما.
طبعا هذا له ثمنه وهو في الأسواق الأمريكية ما يساوي 131 ألف ريال!!
أحد الشركات أعلنت عن طرح تكنولوجيا جديدة لربط أجهزة الكمبيوتر بأجهزة التلفزيون والفيديو، وأجهزة الراديو والمسجلات في المنزل، بحيث يمكن استعراض ما على أي من هذه الأجهزة من خلال كل الأجهزة الأخرى، فإذا كنت جالسا على كمبيوترك يمكنك الانتقال على شاشة الكمبيوتر نفسها لتشاهد ما يعرضه التلفزيون أو الفيديو، أو لتسمع ما على الراديو الموجود في غرفة أخرى من المنزل، ونفس الأمر بالنسبة للتلفزيون الذي يمكنه عرض ما على شاشة كمبيوترك مثل الإنترنت وغيره.
أجهزة التكييف تطورت بحيث يمكنها فحص حرارة جسم الإنسان “وليس البيت” وأقلمة حرارة المنزل بحسبها.
أيضا يمكن لهذه الأجهزة أقلمة حرارة كل غرفة لوحدها.
قريبا يتوقع إيجاد تقنية يمكنها تحديد حرارة جسم الإنسان عند دخوله البيت وملاحقته أينما ذهب وأقلمة الحرارة بما يتناسب مع جسمه وخياراته المبرمجة مسبقا.
وإذا وجد أكثر من شخص في غرفة ما، فإيجاد جو في المعدل بين الإثنين أو إيجاد جو معين في كل ناحية من الغرفة كما يتوقع، وكما يقال أن بيل جيتس، قد أوجد هذه التقنية عمليا في منزله، والذي يعتبر أكثر منزل تطورا من الناحية التكنولوجية في العالم.
الحديث عن البيوت الإلكترونية لا يكتمل دون الحديث عن الخدم الإلكترونيين أو «الرجل الآلي».
عدد كبير من الشركات اليابانية والأمريكية تعمل حثيثا لخدمة هذا الجانب الترفيهي من حياة الإنسان، وذلك بالسعي لزيادة الوظائف التي يمكن للربوت الآلي القيام بها مع تقليل عدد المحركات والتعقيد التكنولوجي الموجودة فيها، وبالتالي تخفيض أسعارها.
واحدة من أهم الوظائف التي يمكن للربوت الآلي القيام بها بمهارة هي التنظيف، تنظيف الأرض والسجاد والحائط وغير ذلك، أضف إلى ذلك إحضار الأكل والشاي والقهوة وغيرها إلى غرفة معينة حسب برمجة مسبقة والحديث للناس بالأدب نفسه الذي يحمله أي خادم أرستقراطي.