قدم مؤخرا في الكونجرس الأمريكي مشروع قرار ينص على إنشاء «لجنة الإرهاب الوطنية»، والذي يمثل بصيغته الحالية تهديدا غير مسبوق للجالية الإسلامية ومؤسساتها في أمريكا.
مشروع اللجنة تقدم به عضو الكونجرس الجمهوري فرانك وولف، وهو الشهير بمشروع القرار الذي مازال معلقا حتى الآن، والذي ينص على مقاطعة الدول التي يدعي اليمين المسيحي في أمريكا أنها تضطهد المسيحيين حول العالم وتضم قائمة هذه الدول عددا كبيرا من دول العالم الإسلامي.
اللجنة حسب مشروع القرار يفترض أن «تدرس سياساتنا الوطنية لمكافحة الإرهاب وتقترح خطوات يمكن أخذها لنكون أكثر فعالية في مواجهة الإرهاب»، ويضيف فرانك وولف، أن «اللجنة ستكون من مهامها التأكد أن قضية الإرهاب ستبقى أبدا تحت الضوء».
هذا بالتأكيد ليس ما تخافه الجالية الإسلامية في أمريكا بحكم أنها تؤيد كذلك اتخاذ خطوات عملية لمكافحة الإرهاب في العالم، بل ما أثار قلقها كون مشروع القرار مقدم م شخصية معروفة بعدائها وتركيزها المستمر على الإسلام والمسلمين ومعروف كذلك بتعصبه لليمين المسيحي المتطرف وعلاقاته المتينة مع اللوبي اليهودي في أمريكا.
أكثر من ذلك مشروع القرار يتضمن أسماء 15 شخصا يفترض أن يوافق عليهم الكونجرس ضمن موافقته على تأسيس اللجنة.
أحد هؤلاء هو إد بادولاتو، الرئيس التنفيذي لما يسمى بالاتحاد الدولي لخبراء الأمن ومكافحة الإرهاب، ومسؤول سابق للشؤون الأمنية.
بادولاتو، كان قد كتب مقالة في عدد أخير للمجلة الصادرة عن الاتحاد، أكد فيها على أن معظم المؤسسات الإسلامية والعربية في أمريكا بما فيها الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية ISNA، والحلقة الإسلامية لأمريكا الشمالية ICNA، والمجلس الإسلامي الأمريكي ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية CAIR، واللجنة العربية الأمريكية لمكافحة العنصرية، ومجلس الشؤون العامة للمسلمين، هي مؤسسات إرهابية يجب محاربتها.
آخرون ينتمون للاتحاد نفسه ذكرت أسماؤهم ضمن أعضاء اللجنة مثل دانيال بيبس، والمعروف بمقالاته التي تعترض على هجرة المسلمين «ذوي الجلد البني والطعام الغريب» للجتمعات الغربية، كما تحدى عدة مرات وجود أي علاقة دينية بين المسلمين ومدينة القدس.
عضو أخر للجنة هو ستيفين بوميرانتز، والذي تقول عنه تقارير صحفية أمريكية بأنه رجل ذو علاقات متينة مع الموساد والجيش الإسرائيلي.
هناك عضوان مقترحان ضمن اللجنة أحدهما عربي والآخر «مسلم».
فؤاد عجمي، هو الشخصية التي تعود لأصل عربي، وعجمي، هو أستاذ جامعي كان قد شارك عام 1992 في عشاء لجمع التبرعات لتمويل هجرة اليهود الروس لإسرائيل.
في كلمته على العشاء، عجمي، استهزأ بعبارات صريحة بـ«مراسم الأكل مع البدو»، وكان في العشاء نفسه وزير الخارجية الأمريكي السابق، هنري كيسنجر، والذي قال بعد ذلك «أنا أميل لموافقة فؤاد عجمي، على أنه لا يمكنك بالفعل أن تصديق أي شئ يقوله عربي».
في عام 1993م وفي مناسبة أخرى، قال عجمي، بأنه لا يجد فرقا بين السنة والشيعة إلا أن «السنة قتلة والشيعة انتحاريون».
الشخصية الأخرى المذكور اسمها في اللجنة هو رياض ناشف، والذي يرأس تجمع «الأحباش» القوي في أمريكا.
ترشيح ناشف، جاء مفاجئا للجالية الإسلامية بسبب كونه محكوما عليه بعدة أحكام سيطبق آخرها هذا الشهر بسبب اعتداءه ومجموعة معه على إمام المركز الإسلامي في ماساشوستس والقبض على المجموعة متلبسين بالاعتداء وآثار دم الإمام ونائبه مازالت على ملابسهم وأدواتهم الحادة.
مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية CAIR، تحرك ضد مشروع القرار بحث أفراد الجالية المسلمة في أمريكا بالاتصال بكل وسيلة ممكنة بممثلي ولاياتهم في الكونجرس الأمريكي بجناحيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ للمطالبة بالتوقف في وجه مشروع القرار وعدم التصويت لصالحه وإن كان هناك تخوف كبير من التصويت بالأغلبية لصالح القرار وذلك مع اقتراب انتخابات الكونجرس وتركيز الإعلام على قضية الإرهاب بعد تفجير السفارتين الأمريكيتيين في كينيا وتنزانيا، وعدم رغبة أي عضو من الكونجرس أن يقال عنه إعلاميا أثناء الانتخابات أنه وقف في وجه مشروع لمكافحة الإرهاب.
المجلس الإسلامي الأمريكي سلك طريقا آخر، حيث تقدم رئيسه التنفيذي عاطف هاردن، بطلب رسمي للجنة الأمن الوطني والشؤون الدولية والأمن الجنائي بالكونجرس الأمريكي، قدم فيها بديلا مختلفا عن اللجنة المقترحة.
في الخطاب الرسمي لهاردن، تأكيد على براءة الإسلام والجالية المسلمة في أمريكا من الإرهاب وممارساته المختلفة، وتأكيد بالمقابل على ضرورة عدم وضع الجالية المسلمة كهدف لمشروع قانون كهذا القانون بلا ذنب ارتكبته.
اللجنة البديلة والتي سماها هاردن، «اللجنة الوطنية لدراسة أسباب ومكافحة الإرهاب»، والتي يفترض أن تكون لجنة مؤقتة تدرس هذه القضية وتقدم فيها تقريرا مفصلا للكونجرس لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن.
اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة العنصرية من جانبها عبرت عن قلقها الشديد من كون المشروع اتخذت له خطوات قانونية تجعل التصويت عليه سريعا دون دراسته مسبقا من خلال لجنة متخصصة مع ربط القرار بقرار آخر سيصوت عليه الكونجرس الأسبوع القادم بشأن المساعدات الخارجية الأمريكية.
اللجنة نادت أيضا الجالية العربية الأمريكية بالاتصال بممثلي ولاياتهم في الكونجرس لاستنكار تكوين لجنة بهذا الشكل.
* نُشر في جريدة المسلمون الدولية