أخيرا أسدل الستار على أحداث أندونيسيا التي تأججت مع بداية هذا الشهر ولم تهدأ ثورتها حتى أعلن الرئيس الأندونيسي السابق سوهارتو، استقالته من الحكم وتسليمه رئاسة أندونيسيا لنائبه بحرالدين يوسف حبيبي، كرئيس لأندونيسيا خلال الفترة الرئاسية السابعة لسوهارتو، والتي بدأت في مارس 1998 وستنتهي في أوائل عام 2003.
هذا الحدث بكل تفاصيله يطرح العديد من الأسئلة الهامة التي يمكن من خلالها استشفاف المشكلة الأندونيسية وما سيواجهه الرئيس حبيبي، خلال الفترة القادمة.
في الأيام الأولى من هذا الشهر تأججت مظاهرات طلاب الجامعات وعموم الناس ضد الرئيس السابق سوهارتو، والفساد الإداري في الحكم، وبعد النظام الأندونيسي السياسي عن الإسلام مطالبين بالاستقالة السريعة للرئيس سوهارتو، من الحكم.
لماذا خرجت المظاهرات هذا الوقت وليس في وقت سابق بالرغم من أنه لا جديد في كل هذه القضايا في ظل حكم الرئيس السابق سوهارتو؟
الجواب الحقيقي هو الأزمة الاقتصادية التي ضربت جذور اقتصاد النمور الآسيوية وتركت الأندونيسيين في وضع أليم جعلهم ينقمون بحدة ودموية على رجال الأعمال الصينيين، المسيطرين على 90% من الاقتصاد الأندونيسي بالرغم أن نسبة الصينيين أو «يهود آسيا» كما يسمون في جاكرتا لا تزيد عن 2%، وعلى الحكومة الأندونيسية وخاصة لما شاهد الأندونيسيون جيرانهم الماليزيين يستوعبون بعض آثار الضربة الاقتصادية بينما دولتهم لم تستطع فعل ذلك، وقيل لهم حينها عما يعرفه كل فرد منهم من الفساد الواسع في صفوف الحكومة الأندونيسية.
في أندونيسيا تنتشر الرشوة بلا حدود على كل المستويات، بدءا من الوزارات وإلى أصغر الموظفين، وللعلاقات الشخصية دور كبير في تسيير أعمال الحكومة، وهذا ما ساعد المقربين من الرئيس الأندونيسي السابق سوهارتو، بدءا من أفراد أسرته، من تكوين امبراطوريات تجارية عملاقة على مستوى شرق آسيا.
لأن هذه الامبراطوريات كانت أقل تأثرا من غيرها بالأزمة الاقتصادية لكون أعمالها التجارية دولية ومرتبطة باليابان وأوروبا وأمريكا ولارتباطاتها الخاصة داخل أندونيسيا ولضخامة رؤوس أموالها، بدا للأندونيسيين أن هذه الامبراطوريات التجارية لا تعيش محنتهم.
حتى تتخيل أبعاد المحنة الأندونيسية، لك أن تعرف أن في ظل الازدهار الاقتصادي الأندونيسي الواسع لم يكن هناك في الحقيقة شعب غني.
في عام 1993، وفي عز النمو الاقتصادي الأندونيسي، دخلت أحياء ضخمة في العاصمة جاكرتا حيث لا تزيد مساحة منزل الأسرة ذات الـ5 أفراد المكون من غرفة واحدة عن 12 متر مربع، وحيث يلجأ الحي بكامله لحمامات جماعية مزرية، لدرجة أنه لا يوجد فيها جدران تفصل بين مستعمليها.
إذا خرجت من العاصمة جاكرتا للمدينة الثانية سوربايا في شرق جزيرة جاوة فأنت تماما خارج أي نمو اقتصادي، حيث لا يزيد المستوى المدني عن مدينة أفريقية عادية.
هذا يعني أن القطاع الأكبر من الـ180 مليون من الشعب الأندونيسي كان يعيش أوضاعا اقتصادية سيئة نسبيا، خاصة إذا قارنتها بأحياء في مدينة جاكرتا نفسها تصل فخامتها بلا مبالغة لحي «بيفرلي هيلز» في لوس أنجليس الأمريكية، وحيث كان العديد من السفراء الأجانب في جاكرتا يتمنون الاستئجار في هذه الأحياء لكن ميزانيات سفاراتهم مكنتهم من العيش مع أسرهم في أجنحة فنادق من الدرجة الأولى ولم تمكنهم من الاستئجار في هذه الأحياء.
بالرغم من هذا التباين الطبقي الرهيب بين أقلية صغيرة “قطاع كبير منها من الصينيين” في العاصمة جاكرتا تأكل معظم ثمرات الاقتصاد الأندونيسي وبين الأغلبية من الناس، كان الازدهار الاقتصادي يمكن الناس من الحصول على لقمة عيشها بسهولة.
العديد من طبقات الأندونيسيين التي عاشت فقرا مدقعا في السبعينات الميلادية صار من إمكانها الحصول على سيارة، وبعضهم صار يمكنه السفر للخارج للسياحة.
لكن الأزمة الاقتصادية الأخيرة عادت بهذه الأغلبية بسهولة إلى مرحلة الصفر، خلال أسبوع انخفض معدل دخل الفرد من 1200 دولار إلى 300 دولار، وصار الجوع شبح يسيطر على حوالي 100 مليون من الشعب الأندونيسي، بينما بدا _ في الظاهر على الأقل _ أن الأقلية الغنية لم تتأثر بالأزمة، ليتذكر الجميع حينها ما يعرفونه تماما عن الفساد الحكومي وعن المشكلات الداخلية القديمة في أندونيسيا.
أمر آخر هام جدا يجب تذكره أيضا.
لعوامل عديدة كان للمسيحيين في أندونيسيا سيطرة غير عادية، هذه السيطرة تبدأ من المستشارين الخاصين للرئيس سوهارتو، مرورا بمجلس الوزراء حيث أكثر أعضائه من المسيحيين، وبالجيش الأندونيسي حيث لم يتول وزارة الدفاع في كل عهد سوهارتو، أي وزير مسلم وحيث عدد كبير من المتنفذين في قطاعات الجيش الأندونيسي من المسيحيين، ومرورا بوزارة المالية وصندوق النقد الأندونيسي والذي من خلال السيطرة عليه أمكن مساعدة عدد كبير من رجال الأعمال الأندونيسيين المسيحيين ليكونوا شركات ضخمة ولامتلاك أهم البنوك في أندونيسيا، وانتهاء بجهاز المخابرات الأندونيسي الذي كان له دور أساسي في ملاحقة العمل الدعوي الإسلامي في أندونيسيا.
هذه السيطرة هي التي مكنت التبشير في أندونيسيا من تحقيق إنجازات لم يمكنه تحقيقها في معظم دول العالم، وحتى صارت المؤسسات التبشيرية تملك مطاراتها وطائراتها الخاصة وذلك بالرغم من كون التبشير في أندونيسيا ممنوع قانونا كما أن دعوة الأندونيسيين غير المسلمين للإسلام ممنوع كذلك قانونيا، (فلسفة أندونيسيا الوطنية “أو الدين الرسمي للدولة” وتسمى باكاسيلا تجعل الإيمان بالله هو دين الدولة دون تحديد لدين معين).
لكن مع بداية التسعينات الميلادية بدأ هذا يتغير بسرعة، بعض الفضائح المالية الكبرى في البنوك الأندونيسية ظهرت للسطح وكان المسئول عنها مسيحيون، مؤامرات خفية بدأت تنكشف للرئيس سوهارتو، بهدف عزله من الحكم، مؤامرات واسعة النطاق بدأت تنكشف لتهجير المسلمين من أبناء القرى لمناطق متخلفة وتهجير المسيحيين لمناطق أفضل منها ضمن خطة أندونيسية تنموية لإعادة توزيع التركيز السكاني، بالإضافة لتضخم سريع لم يعد الإمكان التهرب منه لعناصر الصحوة الإسلامية في أندونيسيا.
فجأة؛ قرر الرئيس سوهارتو، أمرا مختلفا.
قام الرئيس الأندونيسي بالحج ثم عاد ليعلن تغيير لقبه الرسمي إلى الحاج محمد سوهارتو، ثم أعلن وزارة جديدة ليس فيها أي وزير مسيحي، وحيث وزير الدفاع لأول مرة رجل عسكري مسلم.
أعطيت مساحات واسعة جديدة للعمل الإسلامي الدعوي، وأخرج مئات من السجناء السياسيين المسلمين من السجون.
بدأت عناصر القوة تتغير بسرعة لصالح الأغلبية المسلمة “نسبة المسيحيين في أندونيسيا لا تزيد عن 10% على أحسن التوقعات”، وبدأ نجم جديد يلمع في المعادلة الجديدة، هذا النجم كان الرئيس الأندونيسي الحالي، ووزير وزارة هامشية نسبيا، وزارة البحث العلمي والتكنولوجيا، وصديق سوهارتو، من أيام شبابه، بحر الدين حبيبي.
حبيبي، في ظل الظروف الجديدة تحرك بسرعة هائلة وذكاء خاص للسيطرة على الوضع الجديد بحيث تذهب المعادلة القديمة بلا عودة.
أسس حبيبي، ما يسمى بـ«جمعية المثقفين المسلمين»، والتي وضع لها منهجا بحيث يمكن لأي مسلم مهما كان تياره واتجاهه الانتماء إليها.
السبب ببساطة أن القضايا التي اهتمت بها الجمعية كانت جديدة بحيث تلغي كل خلافات تيارات العمل الإسلامي في أندونيسيا التقليدية منها والجديدة.
من هذه القضايا الاهتمام بالبيئة، رفع المستوى التعليمي للمسلمين، رفع المستوى الاقتصادي للمسلمين، إدخال التكنولوجيا لأندونيسيا على نطاق أوسع مما كانت عليه، وأخيرا؛ وهو أجمل هذه الأهداف، تطوير المدارس الإسلامية في أندونيسيا.
في عام 1992، زرت أندونيسيا وكان من الواضح اندهاش الأندونيسيين بدءا بالصفوة الإسلامية وانتهاء برجل الشارع الأندونيسي المسلم بالوضع الجديد.
كان الجميع يبدو سعيدا وكانت شعبية سوهارتو، ترتفع بسرعة مقارنة بالسابق في هذه الأوساط بالإضافة لشعبية حبيبي، التي انطلقت بسرعة الطائرات التي كان يصنعها.
العمل الإسلامي في الجامعات وفي كل مكان حصلت على دفعة معنوية جديدة انطلقت خلالها عشرات المؤسسات الإسلامية الجديدة، وبدأت المؤسسات القديمة بالتوسع والنمو مع طموحات لا تنتهي.
لم يكن من الواضح أن أحدا كان يعرف ما يريد بالضبط، لكن مساحات الحرية التي انفتحت فجأة للناس في هذا العام جعلت الجميع يعيش الدهشة دون أن يعرف تماما كيف يتحرك.
لكن حبيبي، تصرف بشكل مختلف، فجمعية المثقفين المسلمين كانت تتوسع بشكل سريع جدا، وأكسبها حبيبي، بديناميكتيه وذكاءه المميز أبعادا مختلفة.
استطاع حبيبي، اجتذاب شخصيات من تيارات عديدة لترأس فروع الجمعية في أنحاء أندونيسيا، كما أحاط نفسه بشخصيات إسلامية على مستوى عال من الذكاء والثقافة، مثل المفكر الإسلامي البروفسور عماد الدين عبدالرحيم، وكان هو يتحرك بلا كلل لتطوير جمعيته التي بدت للجميع بعدها كحزب سياسي جديد يريد أن يحل محل كل التركيبة الأندونيسية القديمة.
حتى تتخيل ديناميكية حبيبي، تخيل أنه ضمن أحد مشروعاته لتطوير 100 ألف مدرسة إسلامية تحفل بها أندونيسيا وإن كان معظمها في حالة ضعيفة جدا أو متخلفة، قام حبيبي، بزيارة عدد كبير من هذه المدارس وإلقاء أحاديث فيها وإن كان بعضها في أجزاء نائية جدا من أندونيسيا وربما لم تصل إليها أقدام وزير أندونيسي قبله.
زرت بعض هذه المدارس النائية في عام 1993، وكان الجميع فخورا بصورة حبيبي، مع فريق المدرسة والجميع يناقش الأفكار الجديدة التي قدمها لهم حبيبي، عن تطوير مدارسهم، بحيث يصبح معترفا بها في النظام التعليمي الأندونيسي من خلال إدخال مواد العلوم والرياضيات وغيرها من أفكار التطوير.
في عام 1993، وفي جولة أخرى في أندونيسيا، التقيت بالوزير حبيبي، في مكتبه.
كانت «جمعية المثقفين المسلمين» في ذلك الشهر تحتفل بافتتاح مكتبها الـ500 في أحد المدن الأندونيسية.
مكتب حبيبي، ببساطة هو عبارة عن طاولة اجتماعات ضخمة جدا تتسع لحوالي 30 شخصا، لكنه لا يمكن للشخص إلا استعمال مساحة صغيرة لأوراقه لأن باقي الطاولة مزدحم بلا أي فراغات بنماذج الطائرات، كان بذلك حبيبي، يخبر عن هويته كرجل ترك العمل في مصانع الطائرات الألمانية، والتي قضى فيها 18 عاما محققا منصبا عاليا وهو حاصل على الدكتوراه في الهندسة من ألمانيا، وعاد لأندونيسيا ليستلم وزارة البحث العلمي والتكنولوجيا قبل حوالي 20 عاما وحلمه فقط تطوير صناعة طائرات خاصة بأندونيسيا وتوسيع القاعدة الصناعية – الاقتصادية في أندونيسيا، وكان حينها يبدو للجميع أن حبيبي، بدأ فعلا في تحقيق حلمه بعد أول صفقة تجارية في ذلك العام مع أسبانيا لبيعها عدد من الطائرات المصنعة بالكامل في أندونييسيا.
حبيبي، كان يتحدث بسرعة وأمامه جهاز كمبيوتره يكتب عليه بسرعة من أوراق بجانبه أثناء حديثه معي.
كان واضحا أن حبيبي، يتحدث عن أحلام قادمة ضخمة، اقتصاد أندونيسي قوي، تكنولوجيا إسلامية، عمل إسلامي من نوع جديد هدفه المباشر تحقيق مصالح الناس بدءا من ازدهار حياته الاقتصادية وانتهاء بالبيئة والأرض والصحة.
لم يذكر حبيبي، حينها سوهارتو، أبدا، كان في أثناء حديثه يقدم نفسه وجمعيته وأندونيسيا كشعب وحكومة كنجوم هذه الأحلام والتغيير.
في مكتب حبيبي، التقيت بقائد الجيش الأندونيسي الجنرال فيصل تانجونج، أول قائد مسلم، الذي ألمح إلى حبيبي، كقدوة له ولم يتحدث عن سوهارتو، هو الآخر، وكان الجنرال حينها يتحدث عن إصلاح أوضاع الجيش الأندونيسي لصالح المسلمين، حتى أنه تكلم حينها عن مناصرة القضايا الإسلامية في البوسنة وفلسطين عسكريا!!.
التقيت بعدها بتوجيه من الوزير حبيبي، بوزير التعليم الأندونيسي، وهو عضو في جمعية المثقفين المسلمين، والذي تحدث عن حبيبي، أيضا، كما تحدث عن إصلاح التعليم الأندونيسي وعن أسلمته مقارنة بما كان عليه في السابق حيث كانت سيطرة المسيحيين واسعة على قطاع التعليم.
أيضا زرت جريدة يومية عامة أسسها حبيبي، والتي تتبع جمعيته، وكان حديث رئيس التحرير واضحا عن أحلام حبيبي، في إعلام إسلامي من نوع خاص.
حبيبي، واجه فيما بعد صراعا عنيفا مع هارموكو، رئيس الحزب الحاكم «جولكار»، وكان هارموكو، يصرح أن أحدا من أعضاء جمعية المثقفين المسلمين لن يستلم وزارة في حكومة عام 1998، لكن حبيبي، انتصر في الصراع، ليس فقط ليحافظ على منصبه بل ليصبح نائب رئيس الجمهورية أيضا.
بدأت أندونيسيا تشهد أجواء واسعة من الحرية والتي استفاد منها العمل الإسلامي كما استغلها المعارضون الإسلاميون أيضا للحكومة الأندونيسية وللرئيس سوهارتو.
التقيت أحدهم في مزرعة له يسكنها مع مجموعة من أتباعه في جبال بوشناق بالقرب من جاكرتا، وكان يتحدث عن تدريب الشباب الأندونيسي لمواجهة الحكومة الأندونيسية، وعن الفساد في أندونيسيا، لكن كان واضحا أن الرجل الذي سجن لفترة طويلة يتحدث عن خيالات مريضة لا معنى لها ومثالية أكثر مما يجب وأكثر بكثير مما يمكنه فعله.
في ظل تلك الأجواء كلها جاءت ما أدعي أنه الغلطة السياسية الكبرى لسوهارتو.
في 1993، أعلن سوهارتو، أنه بانتهاء فترة حكمه عام 1998 لن يعيد التجديد لنفسه لفترة رئاسية جديدة.
هذا الإعلان جعل نقاشا من نوع خاص يسود الشارع الأندونيسي وأغلفة المجلات والصفحات الأولى من الصحف، وكان هذا الحوار نفسه يسود الشارع الأندونيسي في أثناء زيارة ثالثة لأندونيسيا عام 1995.
النقاش كان فقط حول: من سيأتي بعد سوهارتو، وما نوع الحكم الجديد، وماذا سيحدث للامبراطوريات العملاقة للناس القريبين من سوهارتو، بدءا بأفراد أسرته؟
في ذلك النقاش كان التركيز حول ثلاثة أشخاص:
- نائب الرئيس الأندونيسي حينها، وهو رجل عسكري يقف وراءه القطاع العسكري في أندونيسيا ذو السيطرة التقليدية على الحكم في أندونيسيا _ الرئيس سوهارتو، كان جنرالا وقائد الجيش الأندونيسي تحت حكم سوكارنو، الرئيس السابق _ وكان هذا النائب مرشحا من قبل المحللين السياسيين أكثر من غيره بسبب صداقته الشخصية لسوهارتو، والتي حولته من حارس شخصي له إلى نائب له، ومثل هذه الصداقة طويلة المدى يمكن لها حماية مصالح أسرة الرئيس سوهارتو، التجارية.
- الشخص الثاني هو بحرالدين حبيبي، والذي لمع نجمه في التسعينات، وبدا واضحا سيطرته على الأمور في التركيبة الجديدة، وكان ورائه القطاع المدني الذي كان يريد إضعاف السيطرة الاقتصادية، وكان حبيبي، هو نجم التقدم الصناعي الأندونيسي وذو شعبية جيدة في الأوساط الإسلامية.
- وأخيرا؛ د. أمين ريس.
أمين ريس، كان يعيش في وسط جاوة كبروفسور علوم سياسية متخصص في سياسة الشرق الأوسط في جامعة جاجاه مادا بمدينة جوجاكرتا، وهي مدينة سوهارتو، ومركز للاحتجاجات السياسية ضده، وكان يخطب كثيرا في أحد أكبر جوامع جاكرتا، جامع الأزهر.
من خلال خطبه، كان أمين ريس، الأكاديمي المفكر والخطيب اللامع ذو القدرة العالية على التأثير والإقناع في خطبه والتي طالما خرجت المظاهرات من جامع الأزهر بعد واحدة من خطبه الساخنة.
كان أمين ريس، واضحا في معارضته للنظام السياسي الأندونيسي، وكان يتحدث عن حلول سحرية لمشاكل المجتمع الأندونيسي، وكان اسمه هو الألمع في أوساط الصحوة الإسلامية وبين شباب الجامعات.
هذه الشعبية المتزايدة في هذه الأوساط كانت تجعل اسم أمين ريس، مرشحا لرئاسة أندونيسيا في أي انتخابات أندونيسة خالية من التزوير بحكمه الشخص الوحيد الذي يقف ورائه قطاع واسع من الشعب الأندونيسي.
مع الحديث عن كل شخص في الإعلام وفي الشارع وفي الجامعات الأندونيسية كان هناك حديث عن مستقبل من نوع مميز يرتبط بهذا الشخص.
لكن الرئيس سوهارتو، لم يفعل ما ذكره في 1993، بل رشح نفسه لفترة رئاسية أخرى تنتهي في شهر مارس عام 2003، وكان هذا إحباطا ضخما لأولئك الذين كانوا يمنون أنفسهم لأسباب مختلفة _ أحيانا من أجل التغيير لمجرد التغيير _ برئيس جديد، وبدأ هذا الإحباط يتصاعد حتى انتهى بالأحداث الأخيرة التي ساندها شعب جائع في كل الأنحاء الأندونيسية.
من المعروف أن أمين ريس، رئيس الجمعية المحمدية، كان له دور كبير في قيادة الأحداث الأخيرة.
دعنا نتحدث قليلا عن الجمعية المحمدية.
المؤسسات الإسلامية في أندونيسيا قسمان:
- مؤسسات تقوم على نظام العضوية ومنها الجمعية المحمدية، حيث يمكن لأي مسلم أندونيسي أن يضم لعضويتها كالأحزاب السياسية.
- ومؤسسات ليس فيها أعضاء، بل موظفون يعملون في أنشطتها المختلفة مثل المجلس الإسلامي للدعوة الإسلامية الذي أسسه د. محمد ناصر، رحمه الله.
بالرغم أن المجلس الأعلى ذو مصداقية كبيرة في الأوساط الإسلامية الأندونيسية بسبب مصداقية رئيسه د. محمد ناصر، والذي يعتبر أهم شخصيات العمل الإسلامي في التاريخ الأندونيسي الحديث، ثم د. أنور هاريونو، والذي كان يتمتع بمصداقية عالية أيضا، وبسبب أنشطته الهادفة والمركزة، بالرغم من ذلك فإن تأثير المجلس وكل المؤسسات التي تماثله محدود بسبب عدم وجود أعضاء لها يقودون أحداثا واسعة النطاق كالأحداث الأخيرة.
بقيت المؤسسات ذات العضوية، وهذه المؤسسات بعضها ذات طبيعة خاصة مثل جمعية الإرشاد الإسلامية والتي كانت عضويتها متركزة على الأندونيسيين من أصل حضرمي، ومؤسسات ذات طبيعة صوفية _ وإن كانت ضخمة _ تقلل من مشاركتها في الحياة السياسية وتقلل من شعبيتها العامة، وأخيرا الجمعية المحمدية.
الجمعية المحمدية تتمتع بإطار عمل واسع جدا جعل عدد أعضائها يصل إلى حوالي 28 مليون شخص، وشعاراتها واسعة تتسع للجميع، وأنشطتها أيضا ذات تباين كبير.
هناك أنشطة للنساء وللشباب والأطفال، بالإضافة للأنشطة العامة وللجمعية مدارس لكل المستويات وعدد كبير من الجامعات الخاصة والمستشفيات، ولأن الحصول على رئاسة المحمدية يأتي بالانتخابات، كان لأمين ريس، عضو الجمعية منذ طفولته، بسهولة أن يقف على قمة الهرم بسبب شعبيته الواسعة في الأوساط الإسلامية.
لكن قيادة الجمعية المحمدية للأحداث الأخيرة عرضها لانتقادات واسعة من خارج الإطار الأندونيسي الغاضب حول تعاونها مع جبهات كثيرة في المعارضة بما فيها جبهات مسيحية في الأحداث الكثيرة في سبيل عزل الرئيس الأندونيسي السابق سوهارتو، والذي حولها من مؤسسة إسلامية ذات أهداف دعوية إلى ما يشبه الحزب السياسي، وقد ينعكس هذا بالفعل على كل الجمعية وأنشطتها في الفترة القادمة التي لا يستطيع أحد تخيل حدودها، فضلا عن التحفظ الشرعي على الخروج على ولي الأمر المسلم إلا بضوابط شرعية محددة.
أمين ريس، يرد على هذا الانتقاد الشرعي بأن الجمعية المحمدية لا تستطيع وحدها إسقاط رئيس وأنها تحتاج لكل قطاعات الشعب لفعل ذلك.
أيضا؛ لا يمكن لأحد من ناحية شرعية أن يقبل ما قامت به هذه المظاهرات من تخريب وتدمير للأشياء المدنية واعتداء على سيارات أناس أبرياء وإحراقها وقتل المئات، هذا كله مخالف تماما للرؤية الشرعية، وغلبت فيه الرؤية السياسية المصلحية البحتة.
ليس لدينا ما يدل أن المؤسسات الإسلامية أيدت ذلك لأن المعارضة شملت فئات عديدة، ولكن ليس لدينا ما يدل أن الجمعية المحمدية وغيرها قد عارض ذلك أيضا إلا على نطاق ضيق.
لم تكن طبيعة الأحداث الأخيرة جديدة على الشعب الأندونيسي فأحداث مشابهة تماما _ وإن كانت أكثر دموية بكثير حيث قتل نصف مليون شخص _ هي التي أتت بالرئيس سوهارتو، من قبل، وقضت على الرئيس السابق أحمد سوكارنو، ونظامه الاشتراكي والفساد الرهيب الذي كان يسود نظام حكمه، تصور أن ابنة سوكارنو، ميجاواتي سوكارنو، مازالت نجمة في الأوساط الغنية في العالم بالرغم أن والدها ترك الحكم قبل 32 عاما.
لكن هذه الأحداث لم تختف أبدا من ذاكرة الشعب الأندونيسي، اجلس مع أي رجل كبير السن من أندونيسيا وسيكون حديثه الأول عن هذه الأحداث والتي خلد الأندونيسيين رجالها كأبطال، ولك أن تتصور أن بعض كبار السن كان يحدثني أنه كان بالقرب من فلان حين ضرب الجنود متصورا أنني أعرف فلان لأنه شهير جدا.
هذا التخليد لتلك الأحداث والذي ساهمت فيه الحكومة الأندونيسية بشكل واسع جعل الأندونيسيين ينظرون دائما لمثل هذا النوع من المظاهرات لإسقاط نظام حكم كعمل بطولي سامي رجاله كلهم أبطال.
ربما ذلك جعل آلاف طلاب الجامعات الذين سمعوا بمآثر جيلهم السابق في إسقاط سوكارنو، يحلمون بصنع حدثهم الخاص في إسقاط النظام الذي يليه، نظام سوهارتو.
على كل، المظاهرات أمر ذو شعبية في الأوساط الأندونيسية، ولم يكن هناك أسبوع بعد تغييرات التسعينات وقبل الأزمة الاقتصادية بدون مظاهرات من أجل قضايا كثيرة.
مرة شهدت مظاهرة في جاكرتا في عام 1993 من أجل قضية فلسطين وتحرير القدس، في حين كانت أفكار السلام مع إسرائيل أمرا مسلما به في قطاعات واسعة من الجمهور العربي والفلسطيني نفسه.
وكان أي حدث بسيط كفيل بإخراج مظاهرة، وكذلك الأمر بالنسبة لخطبة جمعة حامية.
إذن؛ السخونة في الأوساط الأندونيسية ليست جديدة، لكن إذا أردنا الحديث عن الأوساط الإسلامية فهذه السخونة كانت مرتبطة بشكل كبير بشعارات واسعة فضفاضة جدا.
في بداية كل حديث صحفي مع أحد القادات الإسلامية في أندونيسيا كنت أتخيل أن ما يتحدث عنه من أهداف براقة وشعارات سيصنع موضوعا صحفيا غير مسبوق، لأن هذه الشعارات غير مسبوقة، لكنني دائما حين كنت أدخل في التفاصيل بحثا عما يعنيه بالضبط أو بحثا عن أي أنشطة تشرح تلك الشعارات التي يرفعها من يتبعه من أفراد وشباب لا أكاد أجد شيئا.
لم تكن هذه ملاحظتي وحدي، فعدد من الذين عملوا في الدعوة الإسلامية في أندونيسيا مبتعثين من مؤسسات إسلامية في دول الخليج، وخاصة السعودية، كانت لهم ملاحظات مشابهة.
انتهت المظاهرات باستلام حبيبي، الحكم آخر الأسبوع الماضي.
لكن بالرغم أن بحرالدين حبيبي، رجل ذو شعبية وذو إنجازات جيدة على الصعيد الإسلامي والاقتصادي ولا يعرف أنه استفاد من صداقته العميقة مع سوهارتو، لتكوين امبراطوريته التجارية كالآخرين، إلا أن قطاعات كبيرة من الشباب الأندونيسي بقيت غاضبة مطالبة باستقالة حبيبي، لأنه ينتمي للنظام السياسي القديم ولأن معظمهم كان يشك أن سوهارتو، سيبقى له تأثير خفي من الوراء على الأقل لحماية مصالح أفراد أسرته، ولم تهدأ هذه القطاعات حتى التقى زعيم المعارضة أمين ريس، بحبيبي، بعدها مباشرة ليعلن في خطبة الجمعة بجامع الأزهر أن التقى بحبيبي، ونبهه لما يريدون منه، معلنا أنه لابد من إعطاء حبيبي، الفرصة المناسبة وأنه سيكون أول من يتحدث حين يرى الخطأ من حبيبي.
لكن حبيبي، في الحقيقة لن يأخذ فرصته، فهو أمام مهمة مستحيلة فريدة من نوعها.
تأمل ظروف استقالة الرئيس سوهارتو، وستعرف السبب.
حبيبي، يقف أولا أمام أزمة اقتصادية ضخمة لم يصنع مفرداتها، وحل هذه الأزمات سيكون بخطة طويلة المدى تتجاوز الستة أشهر، المهلة التي أعلن الغاضبون عن انتظارهم فيها لحبيبي، كما تتجاوز عام 2003 والتي تمثل انتهاء فترته الرئاسية.
لا يمكن للرئيس حبيبي، أن يخلص الأمبراطوريات التجارية العملاقة من أفرادها ليسلمها للناس العاديين لامتلاكها وإدارتها في يوم وليلة إلا إذا أراد أن يفعل ما فعلته الثورات الشيوعية في أول هذا القرن.
حبيبي، لا يملك السوق المالية العالمية التي دمرت أندونيسيا يوما ومازالت تضغط على عملتها يوما بعد يوم، وهو أيضا لا يستطيع أن يدفع بسهولة 70 مليار دولار هي مجموع ديون الشركات الأندونيسية لصالح الشركات الأجنبية حتى لو استطاع تخفيض الأسعار المرتفعة بجنون في مقابل انخفاض دخل الفرد.
حبيبي، أيضا لا يستطيع أن يبني معجزة اقتصادية جديدة في فترة قصيرة مهما كان ذكائه وخبرته وإخلاصه لبلده.
أسوأ من ذلك، صندوق النقد الدولي والذي كان يريد تقديم 43 مليار دولار دينا لأندونيسيا لمساعدتها على الوقوف على قدميها، أعلن فور تعيين حبيبي، عن إيقافه للقرض حتى تتضح له الساحة السياسية الأندونيسية.
بالرغم أن صندوق النقد الدولي يفترض ألا يتدخل في سياسة الدول المعانة، إلا أن الحقائق تكشف أن صندوق النقد كانت له دائما شروطه القاسية التي تؤكد سيطرة الغرب في هذه الدول وتجعل الدول المسكينة تعيش في دوامات جديدة من الأزمات الصغيرة التي خلقها صندوق النقد الدولي بشروطه التي تستفيد منها فقط الشركات الغربية.
كان هذا واضحا لقطاع واسع من الجمهور الغاضب ضد سوهارتو، وهذا ما فسر لبعض المحللين إيقاف القرض.
لكن الحقيقة غير ذلك، فأحد شروط صندوق النقد الدولي _ والمكتوبة عادة بخطوط صغيرة بعيدا عن التصريحات الإعلامية _ للقرض الأخير، إيقاف تمويل صناعة الطائرات في أندونيسيا، الأمر الذي أغضب حبيبي، كثيرا والذي أعلن احتجاجه علي ذلك حينها وهو يرى حلمه الذي قدم له كل حياته في وزارته يتهدم سريعا أمام عينيه.
لهذا السبب، سحب صندوق النقد الدولي قرضه وهو يشاهد حبيبي، يستلم رئاسة أندونيسيا.
ولماذا إيقاف صناعة الطائرات ذات المردود الاقتصادي الضخم؟
جواب صندوق النقد الدولي الرسمي هو: أن أندونيسيا يجب أن تتجه الآن للأسس الاقتصادية الرئيسية في البنية المتكاملة، أما صناعة الطائرات فهي مرحلة متقدمة جدا يجب تركها حتى فترة قادمة، وربما لن تأتي هذه الفترة حتى خروج أندونيسيا تماما من تأثير صندوق النقد الدولي وهو أمر يبدو بعيدا جدا لارتباطه المباشر بالتأثير الغربي، وخاصة أن أندونيسيا هي أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث المساحة والسكان.
أيضا؛ ماذا سيفعل حبيبي لتلك الامبراطوريات الضخمة التي يملكها أفراد أسرة سوهارتو، والتي يشاهد الأندونيسيون معالمها في كل يوم يدورون فيه في شوارع العاصمة جاكرتا؟
هل يمكن لحبيبي، أن ينقض عهد صديقه القديم الذي قدمه لعالم السياسة منذ 20 عاما ويأتي ليدمر ملكيات أفراد أسرته؟
كل شئ ممكن في عالم السياسة، ولكن تاريخ مثل هذه المحاولات غير مشجع، لأن هذه الامبراطوريات عادة تسير بشكل قانوني لا غبار عليه، ومن يتأمل عجز الفليبين عن اللماس بأملاك ماركوس، وعجز حكومة زائير عن استرداد شئ من حسابات موبوتو، وغيرها من الأمثلة، يدرك صعوبة المهمة أمام حبيبي.
كل أندونيسي فقير سيمر بفندقين من أجمل فنادق جاكرتا وفي وسطها وسيتذكر أن هذين الفندقين لابنة سوهارتو، وسيغضب على حبيبي، الذي لم يستطع قانونيا أن يسيطر على هذه الفنادق ويبيعها في المزاد العلني، والذي إن حصل فلن يشتريها إلا واحد من الأقليات الثرية التي تكونت في أيام الفساد الحكومي.
عموما، خطوات حبيبي، حتى الآن تبدو جيدة، فهو قد عزل سيتي هارديانتي، ابنة سوهارتو، من وزارتها للرفاه الاجتماعي، وعزل وزير التجارة محمد حسن، أحد أغنى رجال أندونيسيا على الإطلاق والصديق المقرب جدا من سوهارتو، والجنرال براباوا سوينتانتو، صهر سوهارتو، وقائد القوى الاستراتيجية في الجيش الأندونيسي والمسئول المباشر عن صفقات السلاح.
أخيرا، إذا كانت هذه المظاهرات الغاضبة لم تطالب بشئ واضح إلا القضاء على الفساد الحكومي وتحسين الاقتصاد الأندونيسي واستقالة سوهارتو، من يضمن لحبيبي، أن لا تخرج هذه المظاهرات مرة أخرى مطالبة بالشيء نفسه، حيث لا يمكن أبدا إثبات أن الفساد الحكومي لم يعد مشجعا من قبل حبيبي، وإن كان الفساد سيستمر على كل الأحوال لأنه لا يمكن القضاء على الرشاوي وأثر العلاقات الشخصية في الطبقات العليا والدنيا في الحكومة في فترة قصيرة مهما كانت قوة النظام الحاكم، كما لا يمكن الإدعاء أن الاقتصاد في طريقه للتحسن مهما كانت الجهود المبذولة وهناك 100 مليون أندونيسي يعانون من الفقر منذ أكثر من 30 سنة.
أيضا، لا ننسى أن رؤوس المعارضة لم ينالها شئ من ثمرات الانتصار والذي دفع ثمنه أرواح المئات، وأن الانتصار على سوهارتو، الرئيس العملاق الذي دام في الحكم حوالي 3 عقود من الزمن من خلال المظاهرات سيشجع المعارضين نفسهم على الخروج ضد أي رئيس آخر وتكسير كل ما أمامهم في الشوارع وغزو البرلمان مادامت نتيجة كل ذلك كانت إيجابية جدا في محاولتهم الأولى.
أخيرا، لا ننسى أن حبيبي، غير عسكري وكانت علاقته بالجيش سيئة جدا لأنه كان يطالب دائما بتخفيض تمويل الجيش الأندونيسي لاعتقاده أن هذا التمويل يستهلك من الميزانية أكثر مما ينبغي، وبالتأكيد سيكون هذا أول ما سيفعله في خطته الجديدة لإصلاح الاقتصاد الأندونيسي، مما سيغضب بالتأكيد شخصيات الجيش الأندونيسي مما قد يؤدي لخذلانه في مواجهة أي تظاهرة شعبية قادمة، وهناك دلائل قوية أن بعض قطاعات الجيش الأندونيسي خذلت سوهارتو، بالفعل في الأحداث الأخيرة وخاصة أن الجنرال ويرانتو، القائد الأعلى للقوات المسلحة هو الذي طلب من سوهارتو، الاستقالة، لأن الجيش نفسه الذي يمكنه أن يستوعب مظاهرة غاضبة بأساليب ذكية وبدون ضحايا يمكنه أن يرتكب كوارث إذا قاوم مثل هذه التظاهرة بإهمال.
لهذا السبب احتفظ حبيبي، بالجنرال ويرانتو، كوزير للدفاع في حكومته الجديدة، حتى يحافظ على مثل هذه العلاقات.
كل هذه المقدمات هي للتأكيد أن فصول المأساة الأندونيسية لم تنتهي بل هي ربما في بدايتها ولا أحد سوى الله، سبحانه وتعالى، يعرف العواقب.
ترى من المسئول عن كل هذا؟
أهو جورج سوروس، التاجر الأمريكي اليهودي الذي لعب بالسوق المالية وأحدث مأساة النمور الآسيوية، أو الأنظمة الاقتصادية التي بنيت على أساس ربوي هش جعلها تنهار أمام الضربة القاصمة الأولى؟
ليس مهما معرفة المسئول لأن أحدا لن يحاكمه، لكن في فصول هذه المأساة الكثير من الدروس التي ينبغي على الدول الإسلامية دراستها وتعلمها حتى لا يسقط أحد ضحية الصراع الاقتصادي الإسلامي الغربي في المستقبل.
* نُشر في جريدة المسلمون الدولية