انقطاع الإنترنت الذي حصل في مطلع هذا الأسبوع وما زالت آثاره مستمرة أمر مزعج إلى أقصى حد، وآثاره المالية ضخمة، وآثاره على كل الجهات التي تعتمد على الإنترنت في عدة دول عربية بما فيها السعودية ومصر كبيرة أيضا.
ولأن الاعتماد على الإنترنت يزيد بسرعة كبيرة سواء في قطاعات الأعمال أو على المستوى الشخصي فإن تكرر مثل هذا الحدث مرتين في سنة واحدة يستدعي اتخاذ إجراءات في منتهى الاحتياط والحذر، ويتطلب ضغطا دوليا على الدول والشركات التي سمحت بمثل هذا الانقطاع أن يحصل.
الغريب أن الانقطاع في المرتين حصل بسبب مشكلات في الكيبلات البحرية التي تستخدم لشبكة الإنترنت والمكالمات الهاتفية الدولية في البحر الأبيض المتوسط بين مصر وتونس، والغريب أيضا أن هذه المشكلات لم تحصل في أي مكان آخر في العالم في عامي 2007 و2008.
بعض الصحفيين الغربيين قالوا بأنهم لا يصدقون أن حركة السفن وحدها هي السبب في المشكلة وأن هناك جريمة خفية وراء الحدث، وآخرون عبروا عن انزعاجهم لأن مثل هذه الأحداث تكشف للمجرمين سهولة إيذاء دول بكاملها من خلال قطع كيبلات الإنترنت، وفريق ثالث قال بأن بعض الدول العربية لديها إجراءات مستاهلة مع الحركة البحرية تسمح بمثل هذه الحوادث.
في كل الحالات، الإنترنت يتطلب بطبيعته أن تعتمد الدول على دول أخرى حتى يبقى تدفق الإشارات الرقمية قائما والشبكة فعالة، وهذا يتطلب إجراءات ذات طابع دولي.
ولعل أشهر حدث بعد هذا الحدث في عام 2008 حسب ما نصت مجلات أمريكية هي لما انقطع موقع “يوتيوب” لمدة ساعتين وجن جنون اليوتيوبيين حينها لما جاءت شركة اتصالات في باكستان “باكستان تيليكوم” وطلبت من جهات تنظيم الإنترنت نفس رقم الـIP الذي يستخدمه “يوتيوب” مما سبب انقطاع الموقع عن الناس.
الحدث الثالث على ترتيب الأحداث الأسوأ في عام 2008 والتي سببت انقطاع الإنترنت هي احتراق مركز لاستضافة المواقع في هيوستن ساهمت في انقطاع حوالي 9000 موقع على الإنترنت لمدة عدة أيام.
هذا يعني أنه لم تكن هناك كثير من الأحداث الرهيبة وأن شبكة الإنترنت بقيت حيوية وقوية في كافة أرجاء العالم ما عدا في منطقتنا العربية، حيث عانى الناس بحدة في بداية السنة ويعانون هذا الأسبوع من انقطاع ثلاثة كيبلات من أصل أربعة، ولو انقطع الرابع لانقطع الإنترنت بالكامل عن كل دول العالم العربي.
بكل جدية، أعتقد أن هذا الحدث يتطلب اجتماعا عاجلا لجامعة الدول العربية لأن أحدا لا يستطيع العيش بلا إنترنت في يومنا هذا.
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية