في الأسبوع الماضي استوحيت من ابراهيم ناجي وحبه لـ”واثق الخطوة يمشي ملكا” ومن ما تقرره الدراسات العلمية وتجارب الناجحين أن الثقة بالنفس هي أحد أهم عوامل النجاح في الحياة التي يتمنى الكثيرون امتلاكها.
لهذا السبب توجد مئات الكتب التي تحاول فك ألغاز النفس وتمنح الإنسان الدفعة التي تحوله من الضعيف الخائف إلى القوي الواثق.
ولعل أهم أسباب نجاح الواثق بنفسه في التقدم في مسالك الحياة وأسر قلوب الآخرين حسب ما تقول بعض الدراسات أن من يملك الثقة بالنفس يشيع حوله دوائر من الثقة التي تتسلل إلى قلوب الآخرين فيمنحونه ثقتهم العميقة ويكون هذا سببا في نجاحه في الحياة، وهذا يشمل كل الذين يتعاملون معه سواء كانوا أصدقائه أو زملائه في العمل أو مديريه أو عملاؤه أو جمهوره أو حتى أسرته الصغيرة، ولذا فإن السؤال “كيف أحصل على ثقة الآخرين ؟” يمكن الإجابة عليه من خلال السؤال “كيف أبني ثقتي بنفسي ؟” لأنهما مرتبطان ببعضهما.
هناك مظاهر معينة للشخص الواثق بنفسه، ومظاهر للشخص الذي ضعف إيمانه بنفسه، وهناك أيضا مظاهر للأشخاص الذين زادت ثقتهم بأنفسهم عن حدها فتحولت إلى غرور وتهور.
الواثقون بأنفسهم يتميزون بالتالي:
- يفعلون ما يرونه صوابا، ولا يبالون إذا سخر منهم الآخرون أو انتقدوهم.
- مستعدون للمخاطرة ويخرجون عن الروتين ويفعلون المزيد لتحقيق أمور أفضل في حياتهم.
- مستعدون للاعتراف بأخطائهم ومستعدون للتعلم من الآخرين.
- ينتظرون من الآخرين أن يهنؤوهم على نجاحاتهم، وعندما يسمعون الثناء يتقبلونه بامتنان.
الذين انخفض مستوى الثقة بالنفس لديهم تلاحظ عليهم الظواهر التالية:
- يحكمون سلوكهم حسب ما يراه الآخرون.
- يبقون دائما في المنطقة الآمنة، يخافون من الفشل ولا يحبون المخاطرة.
- يعملون ليل نهار لإخفاء نقاط ضعفهم ويأملون فقط أن تختفي مشكلاتهم قبل أن يكتشفها أحد.
- يخافون من الثناء وإعلان مناقبهم، وإذا جاءهم ثناء معين يتهربون منه بأي طريقة.
هذه الصفات تدمر حياة الإنسان الذي ضعفت ثقته بنفسه، وتتحول إلى عوامل سلبية، أما الواثقون بأنفسهم فهو يؤمنون بما لديهم وبقدراتهم وينظرون للحياة ومغامراتها والاستمتاع بها وما يمكنها أن تمنحه لهم بعين إيجابية.
هؤلاء أيضا يملكون قدرة التوازن لأن الثقة الزائدة بالنفس تؤدي لأن يأخذ الإنسان مخاطرة غير محسوبة تؤدي للفشل والانهيار، فضلا عن الصفات الشخصية السلبية في التعامل مع الآخرين لدى أولئك الذين تزايد لديهم مستوى الثقة بأنفسهم.
كيف يبني الإنسان ثقته بنفسه ؟
الحل ليس سهلا ولكنه في متناول اليد، ومع الجهد والتركيز والتصميم يمكن تحقيقه، ورغم أن هناك أساليب عديدة يقترحها الخبراء لدعم الثقة بالنفس، فقد اخترت أسلوبا معينا قائما على إعادة هندسة حياة الشخص نفسها الذي أراه من أفضل الأساليب التي اقترحتها الكتب الغربية.
الخطوة الأولى تبدأ بتهيئة النفس لرحلة إعادة بناء الذات نحو النجاح والتميز. تهيئة النفس تكون أولا بأن يستعرض الإنسان حياته بإيجابية ويرى إنجازاته.
اكتب قائمة بأهم عشر إنجازات في حياتك، استعرضها بفخر، ثم ضعها في مكان قريب منك، فربما تأخذ مع نفسك دقائق كل أسبوع لاستعراضها والاستمتاع بما حققته في الحياة.
هذه القائمة أيضا ستساعدك على وضع قائمة لأهم نقاط القوة والتميز لديك.
أجري تحليلا لشخصيتك يشبه التقييم الذاتي الذي تجريه الشركات والذي يسمى SWOT Analysis، فاعرف بمصارحة شفافة مع النفس ما هي نقاط قوتك وما هي نقاط ضعفك الذاتية، ثم فكر بالفرص المتاحة لك، وفكر أيضا بعوامل الحياة السلبية التي قد تحصل لك وتهدد نجاحك في الاستفادة من هذه الفرص.
بعد ذلك فكر بعمق وتمهل في ما تريد تحقيقه في حياتك وما هو مهم لك.
استفد من التحليل الذاتي الذي أجريته لنفسك وحدد أهدافك التي تريد تحقيقها، لأن أسهل طرق تحقيق الثقة بالنفس وأكثرها فعالية على المدى الطويل هي وضع أهداف وتحقيقها فعلا، وسأتحدث في حلقة قادمة عن كيفية وضع الأهداف في الحياة وما هي الأدوات التي يمكن استخدامها لذلك.
بعد ذلك عليك أن تعود إلى عقلك وقلبك، وتبدأ بمخاطبتهما والاتفاق معهما على الانطلاق الإيجابي في رحلة بناء الثقة بالنفس والتي سأتناول مراحلها التالية في الحلقة القادمة.
أحيانا ننسى اكتشاف أنفسنا وننشغل بالهرب من عواصف الحياة ومحاصرة الآخرين لنا.
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية