لما كنت صغيرا في المرحلة الابتدائية كان والدي مهتما منذ تلك الفترة أن أحدد أهدافي في الحياة، وقال لي حينها مثلا بقي تأثيره عميقا في حياتي حتى هذا اليوم.
قال لي تخيل أنك تقود السيارة بدون أن تعرف أين ستذهب، وشخص آخر يعرف أنه يريد الذهاب إلى محل تجاري معين، من المؤكد أن الشخص الذي يعرف أنه يريد الذهاب إلى ذلك المحل التجاري سيصل في الغالب أسرع من الشخص الذي يصل إلى ذلك المحل صدفة فقط.
في ذلك الحين، ربما سيطر علي تخيلي كطفل لمتعة قيادة السيارة، ولكن كلما مضيت في دروب الحياة أدركت كيف يعتمد نجاح الإنسان وسعادته واستخدامه الأمثل لوقته ومهاراته على أن يحدد أهدافه، وهو الأمر الذي تؤكده معظم الدراسات المهتمة بقضايا النجاح وبناء الذات.
لكن تحديد الأهداف ليس سهلا في كثير من الأحيان، فأنت من جهة عندك عدد هائل من الخيارات التي يجب أن تختار من بينها ويجب أن تقرر إهمال الخيارات الأخرى التي قد يكون لها من نفسك وهواك مكانا.
من جهة أخرى، يقف الإنسان أحيانا حائرا غير مهتم بشكل خاص بأي خيار بعينه سوى بالحصول على الراحة والمتعة وبعض المال من أي وظيفة تتيسر له.
ليس ذلك فحسب، فعندما يبدأ الإنسان بتحديد خياراته يجد نفسه ممزقا بين العقل الذي يقول له شيئا و”المزاج” الذي يقول له شيئا آخر، والمجتمع الذي يدفع به في اتجاه ثالث، بالإضافة للحسابات الواقعية التي تجعل الحلم أمرا ممكنا أم مجرد خيال لا يمكن تحقيقه.
تحديد الأهداف إذن ليس أمرا سهلا، ولكنه يستحق الجهد والعناء وبذلك الكثير من الوقت فيه ليس فقط لأنها أداة النجاح الأهم بل أيضا لأن وضوح الأهداف هو أفضل ما يحفز الإنسان على الانطلاق وتحدي المصاعب.
فيما يلي بعض النصائح التي تساعد على تحديد الأهداف:
- نصيحة قلتها قبل أسبوعين: أجري تحليلا لشخصيتك يشبه التقييم الذاتي الذي تجريه الشركات والذي يسمى SWOT Analysis، فاعرف بمصارحة شفافة مع النفس ما هي نقاط قوتك وما هي نقاط ضعفك الذاتية، ثم فكر بالفرص المتاحة لك، وفكر أيضا بعوامل الحياة السلبية التي قد تحصل لك وتهدد نجاحك في الاستفادة من هذه الفرص، وقرر في النهاية أين يجب أن يكون الاتجاه
- يسهل تحديد الأهداف عندما يحدد الإنسان ملامح الصورة المستقبلية المثالية لحياته وماذا يريد أن يكون، على الأقل بعد 10 سنوات.
بعد ذلك يمكن وضع قائمة من الأهداف الكبيرة التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف، ثم مجموعة من الأهداف الأصغر والأكثر تحديدا، حتى تصل إلى مجموعة طويلة من المهام التي يمكن تحقيقها والانتهاء منها والانتقال بعدها إلى مهام أخرى ضمن تحقيق الأهداف المحددة والتي تساهم بمجموعها في تحقيق الحلم المستقبلي.
- ركز في صناعتك لأهدافك على النظر إلى حياتك من زوايا متعددة، ومن أمثلة هذه الزوايا:
- إلى أي حد تريد الوصول في حياتك العملية؟
- ما هو المستوى التعليمي الذي تريد تحقيقه؟ هل هناك نوع معين من المعرفة أو المهارات تريد امتلاكه؟
- كم تريد أن يكون دخلك خلال كل مرحلة من مراحل حياتك؟
- هل تريد بناء أسرة؟ ماذا سيعني هذا بالضبط بالنسبة لبناء أهدافك في الحياة؟
- كيف تريد أن تستمتع بحياتك؟ هل تريد تكون بعض الهوايات جزءا من أهدافك؟
- ما هي رسالتك في الحياة؟ هل تريد أن تكون حياتك ذات هدف سام لخدمة الناس من حولك؟
- هل لديك اهتمامات إبداعية أو فنية تريد تنميتها؟ هل لديك اهتمامات رياضية؟ كيف تريد أن تكون صحتك عندما يتقدم بك العمر؟
- هل لديك تحديات نفسية تقف في وجه تحقيق أهدافك؟ كيف ستعمل على معالجة هذه التحديات؟
- اكتب أهدافك.
استخدم لغة إيجابية طموحة في كتابة الأهداف، كن دقيقا في تحديد ماهيتها، حدد أي الأهداف أكثر أهمية من الأخرى، حاول أن تكون هناك نسخة عملية لأهدافك تركز على ما تريد “أن تفعله” لا ما تريد “أن تحققه” لأنك قد تبذل كل جهد ممكن ثم لا تحقق هدفك في النهاية.
- كن عمليا في تحديد أهدافك.
تحتاج لأهداف تعرف في قرارة نفسك أنك ستستطيع تحقيقها وإلا فإن الأهداف ستكون مجرد حلم مستحيل يؤثر عليك سلبيا ولا يمنحك قوة الأهداف كحافز، ولا تستمع كثيرا للآخرين في هذه النقطة.
قل لي ما هي أهدافك، أقل لك من أنت!
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية