كتبت الأسبوع الماضي مقالا بعنوان “قصة حب حزينة في دبي تبحث عن حل”، تحدثت فيها عن صديق يعيش قصة حب حزينة لأنه أصيب بمرض نادر يجعل حياته قصيرة الأمر الذي يهدد علاقة حبه بالمرأة التي عشق وعشقته ومشروعهما للزواج.
كانت القصة تبحث عن حل، ويبدو أن الحل جاء ضمن رسالة أرسلتها لي أحد اللاتي اطلعن على القصة، وهي رسالة وداع كتبها جابرييل جارسيا ماركيز، الأديب العالمي الشهير، والذي ودع الحياة العامة بهذه الرسالة عام 2000 عندما بدأت صحته تتدهور بسبب مرض السرطان الذي استولى على جسده.
تبدو الرسالة وكأنها شمعة يحملها كل الذين بدوأ يتلمسون نهاية طريق حياتهم لأي سبب من الأسباب.
هذه بعض المقاطع المؤثرة من رسالة ماركيز مع شكري الجزيل لمن أرسلها:
«لو للحظة منحني الله قطعة من الحياة فأنا على الغالب لن أقول كل شيء يخطر ببالي، بل على العكس سأفكر في كل شيء أقوله.
سأقدر الأشياء ليس لقيمتها بل لمعانيها، سأنام أقل، وأحلم أكثر، فكل دقيقة نغلق فيها عيوننا نفقد فيها 60 ثانية من الضياء.
سأمشي عندما يتوقف الآخرون، وأنام عندما يستيقظون، وأستمع عندما يتحدثون. وسأستمتع بآيس كريم الشوكولا !»
«يا الله؛ لو كان لي قلب، لكتبت الكراهية على لوح من الثلج، وانتظرت الشمس حتى تذيبه.. ولن أدع يوما واحدا يمر دون أن أخبر الناس الذين أحبهم أنني أحبهم»
«سأقنع كل امرأة وكل رجل أنني أفضلهم، وسأعيش عاشقا للحب، سأري الرجال كم هم مخطئون عندما يتوقفون عن الحب عندما يكبرون، وهم لا يعرفون أنهم يكبرون عندما يتوقفون عن الحب»
مغزى رسالة ماركيز، أن قيمة كل لحظة من الحياة قيمة عظيمة، وأن قلوبنا وأرواحنا يجب أن تعيش كل لحظة بأجمل وأروع ما يمكن، حتى لا نندم عندما ننظر إلى الوراء، وحتى لا نشعر بأننا فقدنا ما لا يمكن استرجاعه يوما.
يبدو وكأن ماركيز، يطالب صديقي المريض بأن يجعل لكل لحظة من حياته معنى، وأن يغرق في حبه إلى آخر نفس، كما يطالب المرأة التي أحب بأن تبحث عن قيمة لحظات الحياة حتى لا تندم على تلك الأيام التي خسرتها لو لم تتزوج بصديقي المريض.
هذه المرأة الرائعة التي أحبها صديقي كتبت لي إيميلا بعد أن قرأت المقال تقول فيه: «قل لصديقك أنني سأحبه إلى الأبد» وقالت أيضا «لو بقي يوم واحد من حياته لتزوجته».
«د. ف.»، روت تحليلا مؤثرا بعد اطلاعها على القصة قالت بأنها تنصح تلك المرأة بالزواج من صديقي، وتنصحه بالزواج منها، لأنها ستعاني كثيرا لو تركها، وخاصة أنه لم يهجرها ويثير غضبها ويكسب كرهها بل تركها لسبب إنساني سيجعلها تصاب بحزن عميق يمتد طويلا، وقد لا يقل ذلك الحزن عن حزنها عليه عندما يموت ويغادرها فعلا، بل على العكس ستملك جزءا جميلا من السعادة لأنها وقفت مع الرجل الذي أحبت، وضحت من أجله، وإن كانت «د. ف.» تنصح المرأة بالتفكير جيدا قبل أن تمضي في هذه التضحية لأنه مع الزمن يزول “الحس الرومانسي” وقد تؤول الأمور للأسوأ إذا نشأت “حساسية” بين الطرفين، فنحن لا نعيش في زمن قيس وليلى، أو جميل بثينة، بل في واقع لا ينبغي أن يقوم فيه الزواج على أساس الشفقة، حسب نظرة الزوج على الأقل.
هي تعرف أن المرأة تريد الزواج بصديقي “المتردد” ولكنها توجه كلماتها لصديقي حتى يفهم شعور المرأة من امرأة مثلها، وإن كانت تتفهم أن صديقي يخاف من شعور الشفقة، وهذا شأن الرجال دائما لأنهم بطبيعتهم يحبون القوة والعطاء، وهي تخاف أيضا أن صديقي لن يتفهم هذه التضحية، وهذا سيترك أثرا سيئا جدا على المرأة، وسينهي القصة بشكل سيء جدا كما تقول «د. ف.».
سأستعرض المزيد من ردود الأفعال الأسبوع القادم، وأحكي تطورات القصة، ولكن ما يمكن لي قوله أن الحالة الصحية لصديقي تدهورت خلال الأسبوع الماضي وتم نقله إلى العناية المركزة وهو يتبادل مع المرأة التي يحب رسائل موبايل لو اطلع عليها الناس يوما لبكوا كما بكيت!
خاطرة بمناسبة الاحتفال بعيد الأم:
كل يوم مع الأم هو عيد، كل نظرة حنان وحب من الأم هي عيد، وكل لحظة بر هي هدية بمناسبة عيد الأم اليومي. لا أدري كيف يكون هناك عيد أم إذا كانت هي عيدنا كل يوم؟
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية