وعلاج الغيرة هو….!

من قسم منوعات
السبت 01 مارس 2008|

في الأسبوعين الماضيين تحدثت عن الغيرة وعن الدراسات العلمية التي تحاول فهم أسباب الغيرة وارتباطاتها النفسية والاجتماعية والجسدية، والفرق بين الرجل والمرأة في هذا المجال، وقلت بأن هناك “بزنس” في الغرب حول علاج الغيرة من خلال البرامج المخصصة للذين يعانون من الغيرة المفرطة بكل أنواعها كما أن هناك برامج لإرشاد أولئك الذين يجدون أنفسهم متورطين في حياة زوجية يكون فيها الطرف الآخر شديد الغيرة.

وإذا كان بعض الغيرة جميل ومفيد أحيانا لأنها تكون مثل الخيط الخفي الذي يربط الزوجين ببعضهما البعض، فإن علاج الغيرة المفرطة مهم لأنه قد يكون مدمرا للعلاقة الزوجية، وفي حالات الغيرة من الأقران قد يكون مدمرا لحياة الإنسان العملية وقاضيا على ثقته بنفسه ويضع الإنسان الغيور في موقف غير متوازن في سلوكياته بشكل عام وهو أمر سرعان ما ينكشف للناس من حوله ويترك لديهم عادة أثرا سلبيا نحو الإنسان الغيور.

البعض يظن أن علاج غيرته المفرطة هو المزيد من التحكم في الطرف الآخر في العلاقة وحريته ومنعه من الممارسات التي تثير غيرته، وهذا طبعا غير صحيح، لأنه ستوجد دائما أسباب تثير الغيرة وسيزداد سعارها ولن تترك إلا آثارا سلبية كما شرحت الأسبوع الماضي.

علاج الغيرة الصحيح هو أن يتحكم الإنسان في مشاعره، وأحد الطرف الجيدة في هذا التحكم هو أن يفهم الإنسان أسباب غيرته المفرطة فيسأل نفسه الأسئلة التالية: متى بدأت حالة الغيرة المفرطة لديه؟ هل عانى في طفولته من تمزق في عائلته جعله خائفا من فقدانه لحياته الأسرية؟ هل عاني من تمييز الوالدين ضده لصالح أحد إخوته؟ هل عانى من تجربة خيانة زوجية أو اجتماعية سابقة؟ لماذا تشعر بعدم الأمان مع الطرف الثاني في العلاقة؟

من طرق علاج الغيرة كذلك التركيز على زيادة مستوى الثقة بالنفس، فضعف ثقة الإنسان بنفسه لها أثر قوي جدا في موضوع الغيرة، وزيادة الثقة بالنفس موضوع كبير ويمكن الحديث عنه لاحقا، ولكن النتيجة السهلة: إذا لم تحب نفسك وتؤمن بنفسك، فلا تستبعد ألا يحبك الآخرين ويؤمنوا بك.

إذا كانت امرأة ما تشعر بأنها أقل جمالا من غيرها، فعليها أن تبحث في نفسها عن الأمور التي تميزها وتجعلها امرأة جميلة بما في ذلك أخلاقها وثقافتها وطريقة تعاملها مع الناس، وعليها أن تحب هذه الصفات في نفسها، وتشعر بأن زوجها سيحبها ويفضلها على غيرها بسبب هذه الصفات.

أحد أساليب التحليل النفسي المتبعة لعلاج الغيرة تقوم على أساس محاولة اكتشاف أهم ما تقدمه العلاقة الزوجية أو الاجتماعية للشخص، هل هو الأمان المادي؟ أو الاجتماعي؟ هل هو الحنان؟ هل هو مستقبل الأطفال؟ ومحاولة ربط ذلك بأسباب الغيرة لأن الدراسات تؤكد أن هذه الأمور الجوهرية التي قد لا ينتبه لها الزوجان تكون هي نقطة الغيرة الأساسية حيث يسعى الإنسان لحماية هذه الأمور لديه، وإذا حصل على تأكيد واضح من الزوج أو الزوجة بأن هذه الأمور الجوهرية لن تضيع فإن هذا يمنحه الثقة في الطرف الآخر.

بعض الباحثين اكتشف أن كثيرا من الغيرة يذهب مع وجود تواصل صريح وصادق بين الزوجين.

إذا شعرت الزوجة بأن كرامتها لا تسمح لها أن تسأل زوجها عن نظراته التي لم تعجبها إلى امرأة أخرى، أو خاف الزوج من سؤال زوجته عن أسباب ضحكها المتواصل على الهاتف مع زملائها في العمل، فإن هذا يفتح أبوابا للانزعاج والغيرة المفرطة التي قد يصعب علاجها لاحقا.

لا بد للزوجين من الحديث الدائم، وقبول ذلك من بعضهما، والإجابة المفصلة والصريحة على الأسئلة، وفعل كل ذلك بهدوء وعقلانية مع ابتسامة عريضة على الوجهين.

إذا كنت تعاني من الغيرة المفرطة عليك من زوجتك أو زوجك فهناك أمران أساسيان يجب عملهما.

  • الأول: لا تستسلم كثيرا للغيرة عليك، لأن هذا الاستسلام سيشعر الطرف الآخر بأن ما فعله صحيح، ولأن الغيرة عادة لا تقف عند حد بل تنتقل من مستوى إلى مستوى أشد إفراطا مع الزمن إذا لم يتم معالجتها.

على الزوج أو الزوجة مواجهة الطرف الآخر في موضوع الغيرة، وتذكيرهم بهدوء وليس كرد فعل غاضب بأن هذه الغيرة مفرطة ومساعدته على إيجاد أسبابها. ذكر الطرف الآخر دائما لماذا تحبه بالتفصل، وكيف تراه شريك حياتك المفضل.

  • الثاني:  اشرح للزوجة أو الزوج احتياجك للأصدقاء ولجزء من الحياة المستقلة واتفق معهم على وقت معين خلال الأسبوع مخصص للأصدقاء، واقترح على الزوجة أو الزوج ما يمكن لهم فعله خلال هذا الوقت، وحاول أن تكافئهم على ذلك من خلال وقت آخر مخصص لهم فيه الكثير من السعادة والحب.

بعض الأزواج يلجأ للأعذار الكاذبة للهرب من الزوجة والحصول على وقت الأصدقاء، وهذا من أسوأ الحلول لأن هذه الأمور تنكشف مع الوقت وقد تزداد غيرة الزوجة وتضعف ثقتها بزوجها بشكل لا يمكن علاجه لاحقا.

على كل حال، إذا فشلت الزوجة في علاج غيرتها المفرطة أو فشل الزوج في ذلك، فرجائي كل الرجاء ألا يلجأ أي منهم للأسلحة البيضاء “السكاكين” لعلاج الموضوع !!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية