كان العرب في الأزمنة السابقة وحتى عهود قريبة يرون بعين سليمة ويعرفون ما نجهله من المرأة حيث يزداد جمالها إذا ازدادت سمنتها، حتى كان العرب يذكرون المرأة بأنها من جمالها “إذا رقدت لم يمكنها الجلوس، وإذا جلست لم يمكنها القيام”.
كانت النحافة حتى ما قبل عقود قريبة من الزمن دليلا على المرض وقلة الخير والقحط، بينما كانت السمنة دليلا على الخير والجمال والدلال، ولم يكن للمرأة النحيفة أن تدعي الغنج فهو حصر على المرأة السمينة التي يتدلى جسمها من كل جانب، والشعر العربي مليء بالأبيات التي تمدح المرأة السمينة ومن ذلك البيتين المشهورين:
ودع هريرة إن الركب مرتحل … وهل تطيق وداعا أيها الرجل
غراء فرعاء مصقول عوارضها … تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
وقد بقي الموريتانيون _ آخر المحافظين على هذه الأصالة _ حتى تأثروا بقنواتنا الفضائية، وإلا فقد كانوا قبل العرس _ وما زال بعضهم _ يمنعون المرأة من الحركة لأشهر تأكل خلالها كل ما يمكنها أكله حتى يكتنز جسمها وتبيض وجه أسرتها عند ليلة الزواج.
ولقد تأملت فوجدت فوائد كثيرة لمثل هذا فلو كانت السمنة هي المعيار، والنحافة هي الاستثناء المرفوض لاستفدنا ما يلي:
- سينتهي شيء لا داعي له اسمه السعرات الحرارية وLow-Fat Food ومشروبات الدايت ولما احتجنا لمراكز التدريب الرياضية وشوارع المشي وعالم الريجيم وأكل الريجيم وبرامج الريجيم.
- التسمين أسهل من التنحيف، فلو رأت الزوجة مذيعة جميلة وأرادت أن تمنع غيرتها من زوجها فكل المطلوب هو المزيد من الأكل حتى تتفوق في الجمال عليها، ولن يكون عندنا أي عقد نفسية عند النساء لأن كل امرأة يمكنها أن تكون جميلة بمجرد أن تختار مطعما إيطاليا للغداء وشيئا من الشحوم واللحوم عند العشاء ثم قطعة ضخمة من الجاتوه ثم _ قبل النوم _ الكثير من البطاطس المقلية مع المايونيز والمشروبات الغازية.
- كانت خطوط الطيران وشركات السيارات وكل من يصمم الكراسي سينتبه لانتشار السمنة بين النساء فيراعي ذلك في حجم الكراسي وحجم وجبة الطعام، ونستفيد نحن الرجال النحاف من ذلك.
- النساء لن يكونوا كلهن ذوي شكل موحد كما حصل حاليا بسبب القنوات الفضائية، فمن طبيعة السمنة أن تجعل لكل جسم شكله الخاص، بخلاف النحافة.
- لن نحتاج لعمليات جراحة التجميل التي تقوم على التضخيم والنفخ فهذا يمكن تحقيقه بشيء من الشحم والدهن الزائد في كل غداء.
- عندما ندفع مبلغا من المال ثمنا لملابس نسائية، فإن الملابس سيكون فيها من القماش ما يمنع عنا الحسرة التي تحصل للنساء حاليا حيث تدفع مالا كثيرا للقليل جدا من القماش.
- لا أحد سيسخر من أحد، فالجميع يتميز بالسمنة، إلا المريضة بالنحافة، وهذا مرض يسهل علاجه، وبذلك تنتهي الطبقية والتمييز في المجتمع.
- المرأة ستكون ضخمة الجسم قوية قادرة على الدفاع عن نفسها وعلى حمل الأشياء والعمل في المنزل ودفع السيارة لو احتاج الأمر لذلك!
- المرأة ستكون أيضا مفيدة في أكل كل الطعام في المنزل، ولن يكون عندنا حاجة لرمي أي أكل بسبب البيات.
وأخيرا أعظم ميزات الثقافة العربية التي تقدس السمنة وترفض النحافة لو استمرت حتى عصرنا هذا أن الجميع سيأكل كل ما اشتهى وطاب دون قيود أو حدود.
لو فعلنا ذلك، فإن المجتمعات الغربية ستدرك تميزنا وتبدأ فورا بالبحث عن أفضل الطرق للاستفادة من تجاربنا، ونفخر حينها بأنهم صدروا لنا التكنولوجيا وصدرنا لهم أسلوب حياة متكامل يجلب لهم السعادة والهناء والأكل الوفير والمحبة الدائمة.
ما أتعسنا لما ابتعدنا عن حياة أسلافنا!!
* نشر في مجلة عالم الغذاء السعودية