لماذا تختلف الأنثى الغربية عن الأثنى العربية؟

من قسم منوعات
السبت 17 نوفمبر 2007|

يوجد في الجامعات الغربية أقسام متخصصة للدراسات الأنثوية Feminism Research، وهذه الأقسام تعالج قضايا المرأة على اختلافها، وتتنوع هذه الأقسام في اتجاهها الأيديولوجي من معتدل يركز على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة مع مراعاة الفروق ويتفاءل بالواقع الحالي إلى متطرف يعلن غضبه على واقع المرأة ويطالب بالمساواة «المطلقة» بين الرجال والنساء.

ولعل من أهم القضايا التي تركز عليها هذه الأقسام في دراساتها على تنوع اتجاهاتها الفكرية هي ما يرتبط بأدوار الرجل وأدوار المرأة Gender Roles، والتي تتمثل في محاولة فهم دور شرائح الذكور والإناث في المجتمع والأسرة ومختلف المؤسسات مثل المؤسسة الأكاديمية والمؤسسة الدينية وغيرها، أو بمعنى آخر كيف يختلف الرجل عن المرأة في مختلف الظروف الاجتماعية في بلد ما.

إحدى أهم النظريات التي تستند إليها هذه الدراسات هي نظرية تربط شخصية المرأة والرجل بتوقعات المجتمع، فالمرأة، شأنها شأن الرجل، تتأثر بعمق بما يتوقعه الآخرون منها من حولها، فإن كانت المرأة قد تربت منذ طفولتها على أمور معينة مرتبطة بهويتها كامرأة فإنها ستميل في مراهقتها وشبابها ونضوجها لأن تنمو ضمن هذه التوقعات وأن ترتبط بها.

فمثلا إذا كانت الأسرة والمجتمع تتوقع من المرأة أن تكون «ربة بيت» ماهرة، فشاهدت والدتها تفعل ذلك، بينما شاهدت والدها جالسًا على الأريكة في البيت يشاهد التلفزيون ويشرب الأرجيلة، والأم تركض من مكان إلى آخر لخدمته، ورأت أخوها يلعب مع أصدقائه في الشارع بينما الفتيات في البيت يعملن بجد في المطبخ فإن الفتاة ستنمو وقد عرفت هويتها كأنثى على أنها ربة بيت، بينما الرجل هو الشخص الآمر الناهي الذي تخدمه ربة البيت.

هذا لا يعني طبعا أنها ستلتزم بهويتها هذه، ولكنها حتى حين تتمرد على هذه الهوية، فهي تعيش حالة تمرد، تصاحبها في الغالب تمرد على كل ما تراه في أعماقها على أنه يحدد شخصيتها كامرأة، كما يصاحبه اضطرابات نفسية واجتماعية متعددة.

بعض الدراسات «المتطرفة» ترى أن هذه القضية تؤثر على كل فروق الرجل والمرأة، وإلا فإن الأصل أن الرجل والمرأة متساويان تمامًا في الاهتمامات والتفكير حتى في البناء الفسيولوجي “الجسدي”، ولا يفرق بينهما إلا النشأة الأولى بناء على «التوقعات الاجتماعية» Social Expectations، وتستدل هذه الدراسات بالقبائل البدائية التي تحكمها النساء، بينما الرجال يقومون بالأعمال اليومية المنزلية، مما جعل للمرأة طباعًا نفسية وبنية جسدية أشبه ما تكون بالرجل، وجعل للرجل في تلك القبائل طباعًا نفسية وبنية جسدية أشبه ما تكون بالمرأة.

وماذا عنا نحن؟

أرى أن هذه النظريات _ بعد تصفيتها من الاتجاهات الأيديولوجية الغربية _ مهمة جدًا لفهم واقع المرأة في العالم الإسلامي والعربي ودراسة تحسين هذه الحال، فالتوقعات الاجتماعية للمرأة في عالمنا العربي سبب في كثير من المشكلات التي تعانيها المرأة، والتوقعات الاجتماعية للمرأة في الغرب سبب في كثير من النجاحات التي حققتها المرأة هناك.

بمعنى آخر، إذا أردنا لنساء العرب أن يصبحن أكثر تقدمًا في مجالات العلم وأكثر جدية في شؤون حياتهن وأكثر قدرة على إدارة الأمور وتطوير مستواهن وأكثر مناعة لإغراءات الرجل الاستغلالية وأكثر ذكاء وأكثر مهارة في تربية أبنائهن، فإن علينا أن نصوغ المجتمع من حولها ونصوغ عقليات الرجال والنساء والأسر ليتوقعوا منها ذلك.

نحتاج إذًا لوعي اجتماعي عام بأن ما نفعله خطأ وأن الصحيح أن المرأة قادرة على كثير من الأمور لو ربيت على ذلك.

قبل سنوات سألت أحد المشائخ البارزين في حوار صحفي، وكان حينها وكيلا لوزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، عن توفير البدائل للمرأة في المجتمع السعودي حتى يكون لها نشاطات تختلف عن واقعها الحالي الذي يجعلها تدور بين البيت والسوق والمناسبات الاجتماعية، وكانت إجابته بأنه لا حاجة لهذه البدائل «لأن المرأة مشغولة عادة بخدمة زوجها أو أبيها أو أخيها أو أبنائها، فإذا بقي لها بعض الوقت بعد ذلك، فعليها أن تقضيه في حفظ قرآن أو ذكر أو غير ذلك من العبادات والطاعات».

هذا النص يمثل تلخيصًا للتوقعات الاجتماعية التي يراها الكثيرون في المجتع المحافظ من المرأة المثالية، وفي الأسبوع القادم سأذكر أمثلة تفصيلية عن الظواهر الناتجة عن هذه التوقعات الاجتماعية والتي أراها من أهم الأسباب للمشكلات التي تعاني منها المرأة العربية.

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية