لماذا فعلت ذلك؟ ما الذي وجدت فيه ولم تستطيعي أن تريه فيني؟ هل يملك قلبا كقلبي يتأجج حبا ثائرا ولكنه عطوف رقيق، تماما كمسار الورد الأحمر الناعم الذي يمتد عبر الأفق ومن حوله تتلاطم أمواج البحر، والظلام يعم المكان ولا شيء يلمع إلا البدر أمامي، يلمع مثل وجهك المتألق تحت خصلات شعرك الفوضوية؟
لم تستطيعي أن تلاحظي حبي؟ منذ عشر سنوات وأنا أراقبك، أبحث عنك، أترقب ظلك، ينتفض قلبي فرحا كفرح الطفل عندما يراك، ويغشاني الحزن كحزن العجائز عندما تغيببي عني. منذ عشر سنوات وأنا أكتم دهشتي وأتمنى يوما أن تبوح عيوني بما أكتم في نفسي، أو أن أجد الكلمات التي تسمح لك بأن تعرفي ما بين دفتي صدري.
كنت دائما أخشى أن أخبرك أو أن أسألك أو حتى أن ألمح لك، فتغضبي مني وتبتعدي، حينها سيرتجف فؤادي رجفة الموت، ويثور البحر ويقتل مسار الورد وأصبح ميتا يمشي على الأرض.
- “هذا كرت دعوة لعرسي، ويسعدني حضورك”.
تمضي كلماتك بكل برود، تطعنين القلب المسكين الذي هام بك، لم تخبريني أنك تنوي الزواج، أو أن الزمن سيمضي من حولي بسرعة، وأنك لن تنتظريني، لم تخبريني أنك لم تري في عيني أقواس قزح تتطاير كلما رأيتك. لم تخبريني أنك لم تلاحظي.
- “ما شاء الله .. ألف مبروك، من سعيد الحظ؟”
سألتك وكأن أمرا لا يعنيني، وأجبت بدلع طالما جعلني أقضي الليل بلا نوم:
- “شاب ممتاز، وتقدم لأهلي وسألت عنه والجميع أثنى عليه”
أهذا كل ما في الأمر؟ أن أتقدم لأهلك، وأن يثني علي الجميع، أمن أجل هذا قدمت قلبك لغريب لم يعد الثواني بين اللقاء الأول واللقاء الثاني، ولم يعرف مرض الحرمان، ولا عذاب السهر، ولا غربة المشاعر.
تذكرين عندما سافرت في الصيف قبل الماضي لثلاثة شهور؟ بالنسبة لي كانت ثلاث سنين، ثلاث قطع من العذاب، ثلاث غابات من الوحشة، كان الشوق يلتف حول روحي حتى أنني أسمع أنيني وأختفي في زاويتي لأشتاق..
- “أشوفك إن شاء الله في العرس؟”
أحسست أن سؤالك قذف بي في قاع مظلم بعيد، الجواب جاء مترددا وعقلي غائب عبر السنين:
- “طبعا .. أكيد .. شكرا على الدعوة”
من هو ذاك الذي سرقك مني وقتلني؟ كيف استطاع التآمر مع الأيام وخداعي؟ ولماذا لم تقدري حبي وعفتي وكتماني؟
كنت أظن دائما أن هناك إنذار ما يصلك قبل أن تداهمك اللحظة الأخيرة، إنذار يجعلك ترتب كل شيء وتنجو من الانهيار..
كنت أظن أن الحب يتسرب من العيون والقلوب ويشع بالضياء على كل ما حوله..
كنت أظنك .. حبيبتي!!
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية