أكره أن أرى قصص الحب تذبل!

من قسم منوعات
الأربعاء 01 نوفمبر 2006|

في لحظة ما عندما يتأجج الحب ويصبح عقل المحب وخواطره وأحلامه وكل ما يملك رهينة الحب ورغبات المحبوب، يتخيل الإنسان للحظات أنه عندما يتم الوصال فإنه لن يفرط بمحبوبه وسيقضي كل لحظات عمره يناجيه ويتبادل معه خفقات القلب ولا يغادره إلا لأمر هام ليس منه حيلة..

بعد الزواج، كثير من قصص الحب، سواء الهادئة منها أو المتأججة المشتعلة، تعيش فترات صعود وهبوط، تماما كسوق البورصة، وتتبدد تخيلات المحب عن حياة الزواج، بل ويبدأ التأفف والمشكلات الزوجية شأنهم كشأن الأزواج الذين تزوجوا بدون أي عواطف سابقة.

هذه الظاهرة المميزة لفتت نظر الأدباء العرب القدامى حتى ادعى بعضهم أن الزواج “يفسد الحب”، أي أنه يرى أن الحب ليس فقط يموت ببطء بعد الزواج، بل إنه يرى “النكاح مفسدة للحب”.

ليس ذلك فحسب، بل إن أحد النظريات العلمية الشهيرة جدا ترى بأن العلاقات الزوجية المبنية على الحب تتعرض للمشكلات والخلافات وتكون فيها نسبة الطلاق أعلى من الزواج التقليدي، وذلك لسبب بسيط جدا تشرحه النظرية بعمق.

هذه النظرية تسمى “نظرية مخالفة التوقعات” Expectation Violation Theory، وتقول هذه النظرية بأن “التوقعات” التي تبدأ بها العلاقة الحميمة بين رجل وامرأة هي التي تحدد مدى نجاح هذه العلاقة في المستقبل، والتوقعات هنا المقصود بها هي ما يتوقعه كل شخص من شريك حياته، سواء بما يتعلق بما سيقدمه شريك الحياة له أو ما يتعلق بالصفات الشخصية العامة لشريك الحياة.

حسب النظرية، وهي نظرية عليها أدلة علمية وفيرة جدا، فإن العلاقة الحميمة إذا بدأت بتوقعات أعلى من التجربة الحقيقية، فكانت هناك مثالية في النظرة لشريك العلاقة الحميمة أو رومانسية في النظرة لطبيعة العلاقة، أو كان الحبيب يظن أن أبواب الجنة ستفتح له وأن المحبوب سيجلب له السعادة التي بحث عنها طول حياته، فإن هذا سبب أساسي لتدمير العلاقة، وانتهائها بالطلاق، لأن الصدمة التي تواجه أطراف العلاقة عندما يواجهون الواقع لها أثر سلبي كبير، أكبر أحيانا حسب بعض الدراسات من الأثر السلبي للخيانة الزوجية.

بالمقابل؛ إذا كان الرجل ينظر لزوجته أو الزوجة تنظر لزوجها عند بدء العلاقة بواقعية وربما بشك، وكلاهما يدعو الله أن يكون الزوج أو الزوجة مناسبين، فإن هذا سبب قوي لنجاح العلاقة لأن الواقع إذا كان أفضل من التوقعات فإن هذا له أثر إيجابي قوي ويجلب السعادة، ويقل احتمال الطلاق.

بمعنى آخر؛ إن من يقول عن الزواج التقليدي بأنه مثل “البطيخة” لا تعرف ما إذا كانت حمراء أو بيضاء، هو في الحقيقة حسب هذه النظرية يمدح الزواج التقليدي لأن هذا الإحساس يقلل من التوقعات ويزيد من نسبة النجاح.

العبرة من وراء هذه النظرية والدراسات أن على كل شخصين يرتبطان بعلاقة حميمة أن يضعا في اعتبارهما أن الطرف الآخر هو بشر يصيب ويخطئ، وأن هذا البشر لا يمكن أن يحقق له الكثير في حياته، وأن الأمور قد تمضي على ما يرام وقد لا تكون كذلك، وأن الحب لا يحول الدنيا إلى جنة تجري من تحتها الأنهار، وأنهم سيواجهون نفس التحديات التي يواجهها كل الأزواج.

من ناحية أخرى، فإن من يعانون من المشكلات الزوجية عليهم أن يجلسوا سويا ويفكروا بعمق في توقعاتهم التي بدؤوا فيها نحو الطرف الآخر، ويفحصوا هذه التوقعات ويعدلوها لتكون واقعية ويقنعون أنفسهم بها، فإذا أدرك الشخص أنه كان يتوقع أن تجلب زوجته له السعادة التي فقد بسبب فشله في حياته العملية، أن يتذكر أن زوجته مجرد بشر قد ينجح أو يفشل في تحقيق هذه المهمة، وإذا كان يتوقع من الزوجة أن تربي أولاده فيكونوا رجالا عظماء أن يتذكر أن هذه مهمة ضخمة جدا فشل فيها الكثير من المربين المتخصصين في التعليم فضلا عن الأمهات.

عبرة أخرى من هذه النظرية وهي أهمية مناقشة هذه التوقعات بين الزوجين بانفتاح وصراحة كاملة، حتى يعرف كل طرف ماذا ينتظر الطرف الآخر منه، وحتى يصبح الاتفاق واضحا مثل العقد التجاري الذي يحدد لكل طرف ما له وما عليه.

الحب أمر جميل رائع ينساب كالسحر بين القلوب، وأنا أحزن كلما سمعت قصة حب يذوي ويذبل.

أما الذين لم يجربوا الحب، فأقول “بناء على النظرية نفسها”:

احمدوا ربكم، فاحتمال نجاحكم في الزواج أكبر!!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية