الجامعات العربية مقصرة كل التقصير، ويجب أن تعاقب بشدة على تقصيرها هذا، وذلك لانها اهتمت بأمور لا تغني ولا تسمن من جوع مثل الكيمياء والفيزياء، واهملت علما هاما جدا يدخل في حياة كل إنسان وهو علم “البوفيه المفتوح”.
أنا طبعا أعذر القارئ على جهله بهذا العلم، لأن هناك مؤامرة تكتم غريبة عليه، كما اعذره لانه قضى عمره وهو يواجه القضايا الحاسمة التي يناقشها هذا العلم باجتهادات شخصية دون الاطلاع على الدراسات العلمية والخبرات العظيمة في هذا المجال.
عندما تدخل بوفيه مفتوحا في فندق خمس نجوم، وفي اللحظة التي تصل فيها إلى باب المطعم ويرحب بك الرجل المبتسم الواقف هناك، فأنت تدخل في لحظات تاريخية حاسمة ورائعة لا تتكرر كثيرا في حياتنا.
في تلك اللحظة تشعر بأن الألعاب النارية اشتعلت في السماء، كما تشعر بدقات قلبك ترتفع، وعينيك تفقد تركيزها.
عند دخولك من الباب تنسى الدنيا وراءك، لا تبالي بهمومك ومشكلاتك، فأنت الآن في منطقة خاصة، وأمامك فقط ساعة من الفرح قبل ان تضطر تحت “الضغوط الأمنية” لمغادرة المكان.
لكن بعد ذلك، تبدأ الاسئلة تتوالى علينا، وعلم البوفيه المفتوح هو وحده يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة.
خذ مثلا واحدة من أهم القضايا التي يناقشها هذا العلم، كمية الطعام التي تأخذها في الصحن في المرة الواحدة.
هناك طبعا من يفضل الكميات البسيطة، حتى يظهر أمام الأخرين المتلصصين عليه في البوفيه المفتوح وكأنه يستطيع مقاومة تدنق الانتعاش في أوردته الدموية وهو يقف أمام كل ما لذ وطاب من الطعام.
الكميات البسيطة أيضا تساعدك على المشي أكثر لحصولك على صحون أكثر، مما يعني أنك تهضم بعض الأكل وتساعد المعدة على ترتيب نفسها.
من جهة أخرى، توضح الدراسات أن أكثر الذين اكتشفوا متعة البوفيه المفتوح هم من الأشخاص كبار الحجم “والقدر طبعا”، وهؤلاء يصعب عليهم القيام والجلوس والمشي، لذلك يضطرون للحصول على كميات كبيرة، وإن كان هذا يعني الشعور بمرض “خجل البوفيه المفتوح”، وهو مرض نفسي يصيب الذين يخجلون من كميات الطعام الكبيرة.
هناك قضية توزيع الأكل بين أجزاء البوفيه، المعجنات، والشوربة، والسلطات، والأطباق الرئيسية، والحلويات، هل توزع بشكل متساو أم تعطي بعض المراحل أولوية على المراحل الأخرى، وما هو الترتيب الصحيح للأكل.
أحد الدراسات توضح أنك إذا كنت من الذين يعشقون الحلويات ويتلصصون بالنظر إليها أثناء الأكل، الأمر الذي يفسد عليهم المتعة الكاملة، فإن الحل يكمن في الحصول على قطعة حلوى صغيرة أو بعض من أم علي بين السلطة والطبق الرئيس، وهذا أثبتت فاعليته عند 73% من الجمهور المستهدف.
العلم يناقش قضية أخرى مثل الإدمان على البوفيه المفتوح وعلاجه، والثياب المفضلة عند الذهاب للبوفيه المفتوح، وأثر البوفيه المفتوح على العلاقات الزوجية، وأيهما أفضل في الذهاب للبوفيه المفتوح، تذهب وحدك أو مع مجموعة من الناس أو مع الزوجة.
في هذه النقطة الأخيرة، يؤكد العلماء أهمية عدم اصطحاب الزوجة والأولاد، لأن زوجتك إن أكلت تضايقك من كميات الشحوم التي تزيدها، وإن لم تأكل صرت أنت المتهم وفقدت متعة المشاركة، كما ينهي العلماء عن الذهاب في مجموعات، لأن هذا معناه الانشغال في المجاملات الاجتماعية والنقاشات السياسية التافهة عن قضيتك الأصلية، الاستفادة من البوفيه المفتوح بأكبر فعالية ممكنة.
العلماء يطالبون مرتادي البوفيه المفتوح أن يكون لكل منهم “شريك البوفيه المفتوح”، وهناك طبعا مواصفات لهذا الشريك من حيث استمتاعه بالبوفيه المفتوح ولباقته في نقد الطعام الذي لا يعجبه وتقبله لكل أنواع البوفيهات.
في مجلات البوفيه المفتوح العلمية الشهيرة قسم لإعلانات البحث عن شريك البوفيه المفتوح على نمط إعلانات الزواج.
من المواصفات الأخرى التي تتضح من هذه الإعلانات الوزن المناسب للشريك، والعمر، ومستوى الدخل، مع ملاحظة أنه لا يشترط ان يكون الشريك من الأصدقاء، بل يفضل ألا يكون من الآصدقاء حتى لا يكون هناك حديث بينكما سوى البوفيه المفتوح.
لا أعرف إلى متى ستهمل جامعاتنا هذه القضايا الهامة وتتجاهل هذا العلم وذلك في أنانية بائسة نظرا لأن عمداء الكليات يريدون أن يحصروا علم البوفيه المفتوح على أنفسهم.
ملاحظة: يمنع منعا باتا تصديق أي كلمة في المقال أعلاه، هذا المقال وضع خصيصا لإدخال الفرح على القلوب من خلال ذكر أعز شيء في الدنيا على قلب كل إنسان عاقل، البوفيه المفتوح!
* نشر في مجلة عالم الغذاء السعودية