في نهاية شهر ديسمبر الميلادي الحالي تنتهي الألفية الثانية حسب التقويم الميلادي وتبدأ الألفية الثالثة كما يبدأ قرن جديد من الزمن.
هذا الحدث النادر أثار لدى الكثير من الغربيين ردود فعل متعددة ومتباينة تنظر للوجوه البيضاء والسوداء للقرن الجديد.
سبب هذا التباين يأتي من طبيعة القرن العشرين المميزة عما قبله من القرون بتسارع تقدم التكنولوجيا وتنامي المعرفة السريع وبـ«الشظوية» _ أي انقسام الإطار الاجتماعي أو الأيديولوجي أو الفكري الواحد لشظايا عديدة _ التي شجعتها النظم الديمقراطية والرأسمالية الغربية.
أيضا أثارت مشكلة الكمبيوتر لعام 2000، والتي ربما تحصل بسبب عدم توافق برمجة نظم الكمبيوتر القديمة مع دخول القرن الجديد تباينا آخر، وخاصة أن هذه المشكلة التي يفترض أن تبدأ في الحدوث مع الساعة الأولى من دخول القرن الحادي والعشرين غير معروفة الحدود والآثار، ولأولئك الذين يأخذون الجانب المتشائم تمثل المشكلة أكثر من مجرد توقف الكمبيوترات عن العمل، إنها قد تصل _ لو صدقنا أسوأ التوقعات _ لانهيار الحضارة الحديثة بشكلها الحالي.
أجرت «المعرفة» استطلاعا في أمريكا يتضمن أسئلة مفتوحة حول رؤية الذين أجابوا على أسئلته وعددهم 84 شخصا حول ما يمثله العام 2000 لهم، ما هو أول ما يخطر ببالهم عند تذكر قرب دخول هذا العام، وما هو التحدي الأكبر الذي يمثله العام القادم للبشرية.
بعض الذين أجابوا تم اختيارهم عشوائيا من بين الذين يشاركون في حلقات النقاش المفتوحة على شبكة الإنترنت، وهؤلاء عادة من الطبقة المتوسطة في الشعب الأمريكي، كما تم توجيه الأسئلة لأشخاص عرفوا بتأسيس منظمات فكرية دينية واجتماعية ذات علاقة بالقرن الحادي والعشرين وذلك لتسليط الضوء على أفكار هذه المنظمات.
من بين الـ61 شخصا “40 رجلا و21 امرأة” من عموم الناس الذين أجابوا على أسئلة «المعرفة»، ركز 68% منهم في إجاباتهم على الحفلات الصاخبة التي يعد لها في كل المدن والقرى الأمريكية للاحتفال بالعام الجديد، بينما تناول 31% من المجيبين التكنولوجيا في القرن القادم بوجهها المضئ المتمثل في المزيد من الاختراعات ووجهها السلبي المتمثل في مشكلة الكمبيوتر لعام 2000، وركز شخص واحد في إجابته على نهاية العالم وهي النظرية التي تؤمن بها بعض المذاهب والحركات المسيحية.
أيضا أجاب على الأسئلة 23 شخصا ممن يمثلون منظمات ومذاهب معينة، ولابد من التذكير أن أفكار هؤلاء هي أفكار يحملها أقلية من الناس في أمريكا حسب ما توضحه الاستبانات وحسب ما يؤكده الواقع، ويجب ألا تعطى هذه الأفكار أكثر من وزنها في فهم عقلية واتجاهات المجتمع الأمريكي.
أمريكا مثل البحر المائج الذي يعيش حسب ما تراه الأغلبية من الناس، وفي هذا البحر توجد جزر صغيرة أتاح لها الإطار الديمقراطي الوجود، لكن هذه الجزر لا تكاد ترى في البحر إلى لأنها مختلفة عن التيار العام، وربما في بعض الحالات لم تكن مختلفة، إلا لأن أصحابها أرادوا أن يختلفوا لكي يمكن تمييزهم عن بقية الناس وأحيانا لصنع بضع آلاف الدولارات كما سنرى في ثنايا هذا الموضوع.
قبل المضي في الحديث حول القضايا الأساسية التي تحدث حولها المشاركون في استفتاء «المعرفة»، نستأنس بنتائج استفتاء ضخم أجرته محطة abc الأمريكية، حول القرن القادم.
المشاركون في الاستفتاء قالوا بأن العنصرية والمعاملة المجحفة على أساسات العرق واللون والعنصر والدين والجنس، هي أكبر تحدي تواجهه أمريكا في الألفية القادمة، لأن التعايش الإيجابي مع كل التنوع الموجود في أمريكا يبدو صعبا.
من التحديات الأخرى التي ذكرت في هذا المجال التلوث والعنف والطفرة السكانية في العالم، ويأتي بعد ذلك _ حسب الاستفتاء _ الحرب والتدهور الأخلاقي في العالم وندرة الموارد الغذائية.
بالمقابل فإن أكبر آمال الناس في أمريكا للقرن الجديد هي أن يعم السلام في العالم، وهذا هو أعظم آمال 38% من المشاركين، يليه اكتشاف علاج الأمراض المعضلة مثل السرطان والإيدز، وهذه مثلت إجابة 13% من المشاركين.
حسب الاستفتاء 60% من الشعب الأمريكي يرون أن العام القادم هو عام مثل غيره من الأعوام لا يختلف عنه في شيئ، و10% من الناس قالوا بأنهم سيكونوا نائمين حين يدخل العام الجديد.
حوالي نصف الذين أجابوا على الأسئلة قالوا بأنهم لن يخرجوا من بيوتهم للاحتفال بالعام القادم، بينما 38% قالوا بأنهم ينوون الاحتفال بالعام الجديد.
قناة abc، قالت بأن الاستفتاء أثبت تقوقع المجتمع الأمريكي لأنه لما سئل المشاركون عن أعظم شخصيات الألفية الميلادية الماضية “من عام 1000 إلى عام 2000” كانت أكثر الشخصيات المختارة أمريكية.
رئيسا أمريكا السابقان أبراهام لنكولن، وجورج واشنطن، فازا بأصوات 12% من الناس، يليهم مارتن لوثر كنج، الشخص الذي قاد ثورة السود في أمريكا، ثم الرئيس السابق جون كندي، ثم الدكتاتور الألماني أدولف هتلر.
من الشخصيات الأخرى الذين اختارهم الأمريكيين “بدون ترتيب”، جوناز سالك، الذي اخترع لقاح شلل الأطفال، وشكسبير، ومايكل جوردن، لاعب السلة الأمريكي، ومحمد علي كلاي، وكولمبس، مكتشف أمريكا، وبيل جيتس، وألبرت أينشتين، وبابا الفاتيكان الحالي، والأم تيريسا، وشخصيات أمريكية محلية عديدة.
هناك استفتاءات عديدة أخرى حول القرن الجديد ولهذه الاستفتاءات نتائج متفاوتة، وهذا بالطبع لايعني تناقضها لأن أمريكا بلد ضخم جدا ولا يمكن إعطاء صورة دقيقة عنه من خلال استفتاء واحد محدود ببضع آلاف من الناس.
احتفالات إباحية
في كل عام يحتفل الأمريكيون بدخول السنة الميلادية الجديدة، ولكن الاحتفالات في هذا العام ستختلف عما قبلها لأنه بدأ الإعداد لها منذ أكثر من عامين بحكم توافقها مع دخول القرن الميلادي الجديد، ولأن الشعب الأمريكي مرت عليه طفرة اقتصادية غير مسبوقة في العامين الماضيين مكنت الكثير من الشركات الاستثمار في إقامة حفلات مكلفة بأسعار تذاكر مرتفعة جدا وصلت في المتوسط إلى 2500 دولار أمريكي.
بالنسبة لأكثر الذين تحدثت «المعرفة» معهم كان هذا أهم ما يهمهم حول عام 2000 وهذا أمر متوقع مما يعرف عن أفراد عامة الشعب الأمريكي “وليس النخبة” من الاهتمام بحياتهم الفردية قبل أي شيئ آخر وارتباطهم بملذاتهم الشخصية وتوقعقهم على أنفسهم وبعدهم عن التأثر بالأديان.
لكن هناك حس عام في أمريكا أن حفلات السنة بالذات ستكون أكثر إباحية من غيرها، لأن معظم الناس يعتقدون أن هذه فرصة العمر لكونها تأتي مع دخول ألفية جديدة، وهذا يعني الإقبال على شرب المسكرات وما يأتي بعدها.
ما يثبت ذلك أن الشركات المنتجة لمختلف أنواع الخمور أعلنت عن مبيعات عالية جدا لهذا العام مقارنة بأي عام سابق.
في أمريكا وبريطانيا هناك حملات إعلامية لتنبيه الناس أن مثل هذا التصرف وفقدان القدرة على التحكم قد يزيد من انتشار أمراض مثل الإيدز وغيره، وهذا ما جعل وزارة الصحة البريطانية تبدأ حملة تحت عنوان «تجنب فيروسات الألفية الجديدة».
الاستفتاءات تقول بأنه في بريطانيا يرى حوالي 10% من الرجال أن التعرف على امرأة ما في تلك الليلة هو أهم ما يمكن أن يكون في احتفالات العام الجديد، بينما 60% منهم يرون أن شرب الخمور هو أهم المتع التي ينتظرونها، وإن كان أحد لا يعرف ماذا يحصل للناس بعد أن تفقد عقولها.
في أمريكا الاهتمام متركز أيضا على انتشار حالات الحمل في مثل هذه المناسبات بين المراهقين وغيرهم ليأتي المولود دون أن يعرف أحد من هو الأب.
أحد الذين أجابوا أسئلة «المعرفة» عبر عن هذا الحس الإباحي، حين قال بأنه سيحضر حفلة خاصة في شيكاغو «يلبس فيها كل شخص ما تلهمه رغباته الداخلية بلبسه بلاقيود، سنضحك على مشكلة العام 2000 لأنها لن تحدث ولو حدثت فمن الأفضل أن تحدث ونحن جميعا متجمعين مع بعضنا».
مما يلطف ذكره هنا أن كتابا أمريكيا اسمه «أحلام عام 2000»، والذي أجرى حوارات مع 250 شخص من أشهر الناس في أمريكا، بمن فيهم مونيكا لوينسكي، وسألهم عن الشخص الذي يتمنون أن يكون أول من يروه من المشاهير الذين يقدرونهم مع مطلع القرن الجديد، وكان أكثر الأشخاص الأحياء الذين تم اختيارهم هم محمد علي كلاي، ونيلسون مانديلا، رئيس جنوب أفريقيا السابق.
فيروس عام 2000
فيروس عام 2000 هو الاسم الشائع للمشكلة التي ستحصل لأنظمة الكمبيوتر في عام 2000، والتي أصبح كل شخص على وجه الأرض ملما بها بسبب التركيز الإعلامي.
لا أحد بالضبط يدري ما يمكن أن يحصل لأنظمة الكمبيوتر حين تتحول أرقامها من 99 إلى 00، ولا أحد يعرف ما إذا كانت جهود إصلاح هذه المشكلة ستثمر عن نتيجة إيجابية، وهذا يزيد المشكلة غموضا ويترك للجميع القدرة على صناعة كل أنواع التوقعات.
يوجد في أمريكا عدد من المنظمات والحركات الاجتماعية التي ترى في المشكلة جانبها الأسوأ على الإطلاق.
استمع لما يقوله جاري نورث، وهو كاتب ديني مسيحي لمع اسمه بسبب توقعاته السيئة لما سيحدث مع إشراق شمس عام 2000 ونشاطه غير المحدود في نشر فكرته من خلال وسائل الإعلام الأمريكية وعلى شبكة الإنترنت.
نورث، قال أن «قانون الطوارئ سيعلن في أمريكا في حد أقصاه 15 يناير 2000، في ذلك الوقت الأمور ستبدأ في الانهيار السريع، أعتقد أننا سنرى انهيار الحضارة الغربية إذا لم توقفت شبكات الكهرباء عن العمل، وأنا لا أرى أي سبب يقول بأنها لن تتوقف عن العمل، الأعمال التخريبية التي ستمضي في الشوارع ستكون جزءا بسيطا مما سيحدث».
هذا لا يختلف عن شخصية أخرى اسمه مايلن، والذي قال: «في منتصف عام 2000 ستصبح نيويورك مثل بيروت أثناء الحرب الأهلية».
مايلن، يرأس مجموعة تدعى بـ«الناجون»، نسبة للنجاة من الانهيار الذي سيلحق أمريكا حسب توقعاتهم، وهو يدعو الناس لترك المدن الكبرى وإيجاد ملاجئ سرية لهم في المناطق القروية.
مايلن نفسه انتقل لمزرعة في ولاية فرجينيا، وبدأ هو وعائلته يتعلمون المهارات الزراعية وإنتاج الكهرباء من خلال الآلات اليدوية واستخراج المياه من الآبار وتخزين الأطعمة وتحويل كل النقود لذهب بالإضافة لتخزين الأسلحة، حيث يعتقد مايلن، ومجموعته، أن أمريكا ستصبح بلدا بلا قانون بسبب الفوضى، وأن الناس ستخرج للشوارع بحثا عن الطعام، وستكون الأسلحة وسيلته لحماية نفسه وأسرته ضد الناس.
يمكنك الآن تتخيل نوع الحوار الذي يدور بين «الناجين» في مجموعة النقاش الخاصة بهم على الإنترنت والتي تتناول طرق الدفاع عن النفس إلى طرق تنقية الماء وجعله صالح للشرب إلى طرق البحث عما يكون صالحا للأكل هنا وهناك.
في الحقيقة هناك عشرات مجموعات النقاش وقوائم البريد الإلكتروني التي تناقش مشكلة عام 2000 من زوايا مختلفة، وبعضها يعتبر مثالا عمليا لما يمكن أن يفعله تشجيع الناس لبعضهم على الغلو في الإيمان بفكرة معينة والتفاعل معها.
ربما سيبدو الغلو واضحا حين تعرف ما قام به روس فورهيس، والذي أسس ما سماه بمزارع «التراث 2000»، حيث تم بيع أراضي بمساحة نصف هكتار للأرض الواحدة لـ500 أسرة ممن آمنوا بأنهم يحتاجون أن يستقبلوا القرن الجديد بحياة ليس فيها أي اعتماد على التكنولوجيا وبعيدة عن الفوضى التي ستحدث في المدن.
بالفعل هذه المزارع موجودة في منطقة صحراوية بولاية سوث داكوتا، شمال أمريكا، بعيدة عن كل ما يمكن أن يحدث.
فورهيس، اعترف بأن معظم الناس بمن فيهم هو شخصيا لا يؤمنون أن أمريكا ستنتهي تماما بسبب مشكلة العام 2000، ولكنهم يفعلون كل ذلك من باب الاحتياط لأمر ممكن الحدوث عقليا وعمليا.
مثل هذه القرى يوجد حوالي عشر قرى في مختلف ولايات أمريكا والتي سينتقل إليها الناس في آخر هذا القرن انتظارا لما سيحدث، وأماكن هذه القرى كلها سرية، لأنهم لا يريدون أن يهجم الناس عليهم بعد حدوث المشكلة.
ويضاف إلى ذلك قرى «الأميش»، وهو مجموعة مسيحية من الناس معظمهم من أصل ألماني، منتشرة في عدد من ولايات أمريكا، ومذهب هؤلاء يحرم عليهم استعمال التكنولوجيا وكل منتجات الحياة الحديثة ولذا فهم يعيشون منذ أن جاءوا لأمريكا قبل حوالي قرنين من الزمن في قراهم الخاصة والتي تعتمد على الزراعة والوسائل القديمة في العيش، بالإضافة للسواح الذين يأتون من كل صوب لرؤية هؤلاء الذين يعيشون حياة قديمة بالقرب من المدن الأمريكية الحديثة ويدفع هؤلاء الكثير لشراء منتجات الأميش اليدوية وغيرها.
بعض الناس الذين لهم أقارب أو أصدقاء من الأميش انتقلوا لهذه القرى ليعيشوا حياة الأميش إلى أن تفرج مشكلة العام 2000.
معظم الناس الذين يؤمنون بهذه الأفكار من ذوي الثقافة التعليمية المحدودة، وخاصة فيما يتعلق بالكمبيوتر وهم عادة من المتطرفين المسيحيين.
بالمقابل فهناك مجموعة كبيرة من مهندسي الكمبيوتر الذين قالوا بأنهم أدركوا فعلا حجم المشكلة وقرروا الهروب من المدن انتظارا لما يمكن أن يحدث.
من هؤلاء كوري هاماساكي، وهو مبرمج كمبيوتر ذو خبرة طويلة، والذي يؤكد أنه هو وعدد من المهندسين الذين عملوا على إصلاح الشبكات وأجهزة الكمبيوتر، وصلوا للنتيجة التي ترى بأن معظم جهودهم لن تسفر عن شئ حقيقي، وهذا هو سبب انتقالهم للمزارع “احتياطا لأسوأ الاحتمالات” وتخزينهم لمختلف أنواع الأطعمة في بيوتهم في المدن “احتياطا لأحسن الاحتمالات حسب تقديرهم”.
من هؤلاء أيضا خبير في إدارة شركات الكمبيوتر اسمه إدوار يوردون، والذي كان من أوائل الذين لفتوا نظر العالم للمشكلة بكتابه الشهير في أمريكا «قنبلة الوقت 2000».
يوردون، باع شقته في منطقة مانهاتن بنيويورك واشترى منزلا بديلا في ولاية نيومكسيكو الأمريكية، لاعتقاده أن نيويورك ستكون من أسوأ الأماكن تأثرا بالمشكلة.
من جهة أخرى، يؤكد بعض المحللين أن هذه أفكار متطرفة لا واقع لها، وأن الإعلام الأمريكي كان سببا في تأجيج هذه الأفكار بحكم الإثارة التي يجدها الإعلام في مثل هذه الأفكار ويجعلها تتصدر صفحاته الرئيسية.
أحد الأفلام السينمائية التي ظهرت حديثا يقوم في قصته على أساس أن انهيارا حصل في نيويورك مع بداية القرن الجديد، وكيف أن نيويورك تحولت إلى غابة موت في ظرف ساعات.
هذا الفيلم في جوهره يكرر قصة مسلسل «الألفية» الذي أنتجته شركة «فوكس» وعشرات البرامج الدرامية الأخرى التي تعد بنفس النتيجة.
لك أن تتخيل ما يمكن لهذا أن يفعله من تأثير في نفوس عامة الناس.
أعضاء الكونجرس الأمريكي أيضا ساهموا في تأجيج المشكلة، لأن العديد منهم أراد الاحتياط من التأثير السياسي السلبي إذا حصلت أي مشاكل كبرى، ولذا أصدر العديد منهم بيانات يلومون فيها الحكومة الأمريكية لأنها لم تأخذ الاحتياطات اللازمة لحل المشكلة، بل إن أحدهم طالب وزارة الدفاع بوضع خطة طوارئ شاملة تتضمن إعلان قانون الطوارئ في أمريكا.
جرينسبان، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، والذي يرسم السياسة الاقتصادية الداخلية لأمريكا، أعطى الكثير من المحاضرات التي فيها تحذير واسع النطاق وذلك تحسبا لأي آثار سياسية سلبية قد تتركها المشكلة.
أضف إلى ذلك كله أن كثيرا من الناس الذين أثاروا هذه المشكلة والمخاوف في نفوس الناس صنعوا من خلالها آلاف الدولارات، فهم استقبلوا عددا جيدا من الإعلانات التجارية على مواقع الإنترنت الخاصة بهم بسبب العدد الكبير من الزوار الذي يأتيهم، كما أن معظمهم باعوا كتبا وأشرطة فيديو وأدلة للنجاة مرتبطة بالمشكلة وحققوا من خلالها أرباحا عالية.
أحد أشهر الذين اغتنوا بسبب مشكلة عام 2000 واسمه ستيف إليوت، ألف عشرات الكتب كان أحدها «كيف تصبح مليونيرا من وراء انهيار الكمبيوتر في عام 2000»، والذي يدعي في إعلان الكتاب أنه سيعطيك عشرات الطرق التي ستجعلك مليونيرا مع مطلع القرن الحادي والعشرين بسبب الفوضى التي ستعم العالم والانهيار.
البعض أقام مصانع منزلية صغيرة لإنتاج معلبات معينة يمكن تخزينها على المدى الطويل لبيعها من خلال الإنترنت على أولئك الذين بدؤوا تخزين الأكل في منازلهم.
ليس ذلك فحسب بل مازاد القضية خطورة أن تعطل الكمبيوترات عن العمل له إيحاءات في كل مجال، ويمكن للخيال أن يمتد بلا حدود لما يمكن أن يحدث للعالم إذا انقطعت عنه الكهرباء فجأة وتوقفت المطارات والقطارات عن العمل.
إذا صارت أجهزة المستشفيات في خطر وتوقفت السيارات التي تحمل كمبيوترات وتوقفت البنوك وشركات التصدير والاستيراد والسفن وسوق الأسهم، وبالتالي انهيار الاقتصاد وما يمكن أن يتبعه من نتائج لا يمكن حصرها، وتوقفت شبكة الإنترنت والاتصالات وربما شبكات المياه.
الخيال يمكن أن يمتد ليؤلف أجمل الروايات المرعبة التي تدفع الناس للخوف قبل أن تحصل المصيبة نفسها.
البعض تحدث عن انطلاق الصواريخ النووية من أمريكا أو الصين أو روسيا، وهو احتمال زاد من حديث الناس عنه جهود وزارة الدفاع الأمريكية لعلاج هذه المشكلة في أمريكا وفي روسيا أيضا.
بالطبع ليس كل الناس متشائمين بهذا الشكل، بل إن الأغلبية يؤمنون بأن الموضوع غامض وهناك احتمال كبير ألا يحدث شئ خطير وإن كان الاحتمال الآخر قائم، ولذا فالحل هو أخذ الاحتياطات اللازمة وانتظار اللحظات الأولى لعام 2000.
بالنسبة للخبراء، فمعظمهم يؤكدون أن القضية شديدة التعقيد بحكم ضخامة العمل المطلوب وهو إصلاح كل صفائح الكمبيوتر، وبحكم اختلاف أساليب الإصلاح بين مختلف الشركات، وبحكم بدء معظم الشركات متأخرة في حل المشكلة، ولذا ففي النهاية يصعب توقع أي سيناريو ذي أغلبية راجحة في الحدوث.
وبالنسبة لبلد مثل أمريكا تعتمد كل قطاعات الحياة فيه على الكمبيوتر تزيد المشكلة تعقيدا، لأن إصلاح نظام كمبيوتر واحد لا يعني السلامة، بحكم أن أداء كل شركة ومنظمة يعتمد على أداء عشرات الشركات والمنظمات الأخرى، والتي إن لم تصلح أنظمتها أثرت على جميع الشركات المرتبطة بها.
اللطيف بعد كل هذا أن أولئك الذين يعدون العالم بالانهيار قد أدركوا مبكرا أن أفكارهم ستنهار مع مطلع القرن لو لم يتحقق ما وعدوا به، ولذلك فهم دائما يركزون على أن ليس كل المشاكل ستحدث في اليوم الأول من العام، وأن المشاكل قد تأخذ شهرا أو اثنين حتى يأتي الوقت لاستعمال نقطة حساسة في شبكة الكمبيوتر تؤدي لانهيار الشبكة وما يليه من مشكلات.
مثلا، روس فورهيس، الذي تحدثنا عنه سابقا، يرى أن المشكلة يجب أن تسمى «مارس 2000»، لأن المشكلة لن تبدأ بالفعل إلا في مارس، أي في الشهر الثالث الميلادي، ولديه حججه التي تثبت ذلك.
لم تكن النتيجة التي توصلنا إليها في استفتاء «المعرفة» متوافقة مع نتائج استفتاء آخر أجري في أمريكا على نطاق أوسع، والذي يفيد أن 75% من الناس الذين أجابوا على الأسئلة في أمريكا قرروا أن يبقوا في بيوتهم في ليلة دخول القرن الجديد وذلك خوفا مما سيحدث بسبب مشكلة العام 2000.
في استفتاء ثالث أجرته شركة أبحاث علمية وشارك فيه أكثر من 10,000 شخص، وجدت الدراسة أن أغلبية الشعب الأمريكي لم يقوموا بأي استعدادات لمواجهة مشكلة العام 2000، وما يثار من احتمالات من مصائب مرتبطة بها وإن كان هناك من لديهم احتياطات.
حوالي 85% من الذين أجابوا على الأسئلة قلقون مما يمكن أن يحدث، و43% الناس تعتقد أنها لن تتمكن من سحب أموال من البنوك، و40% قرروا عدم السفر جوا ذلك اليوم، و38% يعتقدون أن الكهرباء ستنقطع مع دخول العام الجديد واشتروا مولدات كهربائية لمنازلهم، و37% قالوا بأنهم سيسحبون نقودا من البنك قبل دخول العام الجديد، و30% سيخزنون الأطعمة في منازلهم، و5% يعتقدون أن المفاعلات النووية ستنفجر، و4% قالوا بأن صواريخ ستنطلق، و1% قررا الانتقال لمنطقة قروية آمنة، و1% قالوا بأن العالم سينتهي، لكن 85% من المشاركين أكدوا بأن هناك مبالغة في مناقشة المشكلة.
قرن جديد من الاختراعات
لم تكن التكنولوجيا في أذهان الذين تحدثنا إليهم محصورة فقط في إطار مشكلة الكمبيوتر، بل هي أيضا مرتبطة في أذهان 12% من العينة المختارة بما يبدو وكأنه وجهها المضئ، المزيد من الاختراعات التي تقدم المزيد من الراحة والمتعة للبشرية.
الذين أجابوا على أسئلتنا ذكروا عددا من الاختراعات كأمثلة لهذا الذي ينتظرونه من القرن القادم.
أحدهم تحدث عن تقنيات ألعاب الفيديو والتي تمضي في تطور سريع مذهل، وما تعد به الشركات المنتجة من ألعاب يمكن لعبها على الإنترنت في مباريات يشارك فيها عدة أشخاص من أطراف متعددة من العالم، وألعاب تقترب شيئا فشئ للحقيقة الواقعة، فمثلا تشعر بالألم والإصابة إذا أصابك خصمك كما تشعر خصمك بالألم إذا تفوقت عليه.
آخر ركز على تقنيات «الروبوت» أو «الرجل الآلي»، ثالث أشار إلى ما ينتظر في السنوات القادمة من تطور تقنيات قدرة الكمبيوتر على فهم كلامنا وأخذ أوامر شفهية وتحويل ما نقوله لنصوص مكتوبة، وهي تقنيات لها تطبيقات واسعة ستضاعف من دور الكمبيوتر في حياة الإنسان.
ثلاثة أشخاص ممن أجابوا أشاروا بسرعة إلى التكنولوجيا الجينية، والتي هي أيضا تتطور بشكل مخيف على أساس ما يعد به رجالها من القدرة على علاج الأمراض وإنهاء كل العيوب الخلقية وآثار الوراثة على الإنسان.
أحدهم أشار إلى «العولمة»، حيث قال بأن الإنترنت استطاع أن يوحد الناس ذوي الميول المتقاربة وسيشهد القرن الحادي والعشرين المزيد من ذلك، بحيث يصبح الشخص قادرا على أن يكون عضوا في عدة مجتمعات «إلكترونية» كل منها يرتبط به بشكل أو بآخر.
لأن المجيب الأمريكي عرف أن «المعرفة» مجلة سعودية، ضرب مثالا على ذلك بأن اللاجئين الفلسطينيين سيكونون قادرين على التفاعل مع بعضهم من كل مكان في العالم حتى لو لم تكن لديهم الأرض الواحدة التي تجمعهم!!
شخص آخر أشار لتجميع الناس ذوي الميول المتقاربة ولكنه نظر لجانبه السلبي، حيث قال بأن الإنترنت سمح لمجموعات «الكراهية» و«العنصرية» بأن تقوى وتنشر أفكارها، وهذا سيكون له أثره السلبي على الإنسانية في القرن القادم.
أحد المجيبين كان ضيق الأفق في إجاباته، حيث لم يجد في القرن الحادي والعشرين إلا جهاز التلفزيون المتطور الذي سينزل للأسواق في مطلع عام 2000، والذي سيمكن مشاهد التلفزيون من إعادة لقطة أو برنامج شاهده مع المزيد من التحكم في القنوات التي تشاهدها.
منظمات العام 2000
قدوم العام 2000 وما يرتبط به من إيحاءات، ساهم في ظهور مئات المنظمات في أمريكا من مختلف الأنواع.
بعض هذه المنظمات دينية سترعى سفر حوالي أربع ملايين شخص إلى فلسطين للاحتفال بمولد المسيح، وهذه المنظمات السياحية “وأكثرها يهودية” ستحقق أرباحا بالملايين من وراء ذلك أيضا.
هناك منظمات السلام التي تريد أن تجعل من بداية القرن الواحد والعشرين بداية جديدة لأرض خالية من الحروب والعنف.
البعض يريد القيام بمظاهرات ضد الأسلحة النووية كخطوة على الطريق الحالم بعالم خال من هذا النوع من الأسلحة، والبعض يريد من العالم يوما واحدا بلا حروب.
هناك أيضا عشرات المنظمات البيئية والتي ترى في دخول القرن الجديد فرصة للتأكيد على المشاكل البيئية التي تعاني منها أمريكا والعالم.
بعض المنظمات تركز على نمو السكان السريع في العالم، وتعلن خوفها من الطفرة السكانية على الموارد الطبعية.
عدد من المنظمات تعمل بجدية لدراسة غزو الإنسان للفضاء وسكن الكواكب الأخرى، وبعض هذه المنظمات تؤمن بلاشك بأن هناك سكان آخرين في الكون، وتجمع الأدلة التي تثبت ذلك والتي يتمثل أغلبها من مشاهدة الأطباق الطائرة.
لكن أحد أهم أنواع المنظمات التي ارتبطت أفكارها بدخول القرن الحادي والعشرين هي تلك المنظمات المسيحية التي ترى في القرن الجديد نهاية العالم.
هذه المنظمات تقول بأن الإنجيل عرض الكثير من علامات الساعة، مثل انتشار الزلازل والكوارث والحروب وغيرها من العلامات التي يتفاوت تعدادها من منظمة لأخرى حسب تفسير الإنجيل، وأن هذه العلامات لم تتوافر في قرن كما توافرت في قرننا هذا، ولذا فإن الساعة اقتربت وهي قريبة جدا ربما خلال سنوات من الآن.
بعض هؤلاء يقولون بأن الله تعالى، خلق الكون في ستة أيام، وكل يوم عند الله تعالى هو ألف سنة من أيامنا “حسب الإنجيل والقرآن الكريم كذلك”، وأن الإنجيل يدل أن خلق الكون تم في ستة أيام، وأن الناس سيعيشون ستة أيام “أي 6000 عام” مضى منها ألفا عام بين آدم وإبراهيم عليه السلام، وألفا عام بين إابراهيم وعيسى عليه السلام، و2000 عام منذ مولد المسيح حتي عامنا هذا، ولذا فإن قيام الساعة قريب جدا.
هؤلاء أيضا وجدوا دعما من كتاب ورجال دين يهود يؤمنون أن التوراة تقول بأن قيام الساعة ستكون في آخر هذا القرن أىضا.
ما ينبغي التنبه إليه هنا أن كل هذه المنظمات تتحدث عن قيام دولة إسرائيل كواحدة من أهم علامات عودة المسيح عيسى عليه السلام، وقيام الساعة، وبعضها تؤكد أن إسرائىل هذه ليست فقط الدولة الموجودة حاليا، بل أنها يجب أن تمتد من النيل للفرات، مما يستدعي المسيحيين دعم اليهود في تحرير هذه الأراضي من العرب للتسريع بتحقيق وعد الله لليهود وعودة المسيح من بعدها.
صدق أو لا تصدق، هذه المنظمات التي نشرت هذا الفكر ضخمة جدا وتقود حاليا اليمين المسيحي المتطرف في أمريكا، وقد بدأت في ذلك في منتصف هذا القرن.
وهناك شواهد عديدة واضحة ليس هنا محل نقاشها تؤكد التأثير الصهيوني الواسع على هذه المنظمات.
هناك أيضا توقعات بظهور المسيح الدجال “أو عدو المسيح كما يسموه النصارى” في عام 2000، بناء على كلمات في آخر فصل من الإنجيل تم تفسيرها بذلك بشكل شديد التعسف، وتقول هذه التوقعات بأن «عدو المسيح» سيظهر في البداية كحافظ للبشرية ثم يبدو الشر منه.
التطرف يزداد بين بعض المنظمات لترى أن إبليس نفسه سيأتي للأرض ويسعى للسيطرة عليها عمليا، وكان لهوليوود نصيب من هذه الفكرة حين تفاعلت معها بإنتاج فيلم سينمائي ضخم يهاجم فيه الشيطان الأرض ويدمرها ويقف بطل الفيلم في وجه الشيطان.
فيلم آخر مماثل لهذا الفيلم وظهر في نفس الوقت يظهر الشيطان وكأنه جاء للأرض لاختيار عروس له منها والعودة بعدها لعرشه، ولكن مجيئه يسبب الكثير من الكوارث لسكان نيويورك بالذات حيث تسكن الفتاة التي يعشقها إبليس!!
بعض المنظمات المسيحية غير الكاثوليكية تعتقد أن القرن الجديد سيأتي ومعه السلطة المطلقة لبابا الفاتيكان الحالي، جون باول الثاني، والذي بدأ بإحكام سيطرته على العالم من خلال إسقاط الشيوعية والسياج الحديدي، وتنقل هذه المصادر عن البابا، اعتقاده الشخصي بأن مهمة عظمى تنتظره لنقل المسيحية لخطوات للأمام ستظهر علاماتها في السماء، وخرجت أفلام وثائقية لتؤكد ذلك.
البعض يؤكد بأن البابا يخطط للسيطرة على الأمم المتحدة ومن ثم العالم.
وبناء على ذلك تفسر النظرية زيارة البابا للعراق لزيارة مولد نبي الله إبراهيم، وجبل سيناء حيث كلم الله عز وجل موسى حسب ما هو مثبت في كل الكتب السماوية”، ثم زيارة القدس في شهر مارس 2000، وأن هذا أمر يخطط له منذ حوالي 20 عاما بعملية سرية اسمها «لومين»، وتعني النور باللاتينية.
بالنسبة لليهود المتطرفين، توجد عدة منظمات يهودية تتناول إعادة بناء هيكل سليمان في عام 2000، «بعد تحريره من الاحتلال العربي والإسلامي»، و«إزالة المعابد الإلحادية المتمثلة في قبة الصخرة والمسجد الأقصى».
منطقة المعبد يفترض أن تكون المركز الروحي لإسرائيل ولليهود حول العالم.
هذه المنظمات تدعو بالطبع لرفض محادثات السلام وإقرار القدس كعاصمة لإسرائيل وحماية المستوطنات اليهودية.
د. ريتشارد لانديز، الأستاد بجامعة بوسطن، رئيس مركز أبحاث دراسات الألفية، والذي يعمل على كتاب بهذا الشأن، قال بأن معظم الأديان “وليس منها الإسلام!” ربطت أحداث هامة متوقعة للديانة بعام 2000، فمعظم المذاهب المسيحية ترى فيه نهاية العالم أو ازدهار المسيحية بعودة المسيح، واليهود يرون أن المسيحية أعطيت ألفا عاما من السيطرة على اليهود، وأن اليهود سيعودون للسيطرة على العالم بعدها، والهندوس يرون أن عودة سيطرة الهندوس على العالم ستأتي مع عام 2003.
لكن د. لانديز، يقول بأن ميل الإنسانية لربط تاريخ معين غالبا عشري “فيه أصفار” بأحداث ضخمة متوقعة أمر قديم يعود لعصور ما قبل الميلاد، وحينها يصبح كل حدث مهما صغر أو ضعفت مصداقيته دليلا علي حدوث المتوقع لينتهي الأمر بخجل واسع، وربما نفور وحيرة للناس إزاء ديانتهم والشخصيات التي صدقوها عندما لا يحصل ما يقال.
ويشير د. لانديز، أن كل المذاهب المسيحية تعترف بأن ميلاد المسيح كان في حوالي عام 5م، وربما بعد ذلك، إلا أن الناس تحاول ربط الأحداث المتوقعة بعام 2000، لأن تفكيرنا «عشري» “نسبة للأرقام العشرية” بالطبيعية.
أعمال إرهابية
أصدرت مكتب التحقيقات الفدرالية FBI، تقريرا أثار الكثير من الجدل، لأنه يطالب إدارات الشرطة في أمريكا والمكاتب التابعة لـFBI في الخارج، بالتنبه لأعمال إرهابية عديدة سترتبط بدخول العام 2000.
ويتضمن التقرير الذي كان سريا ثم تسرب للصحافة الأمريكية، فصلا كاملا عن القدس التي يتوقع التقرير أن تشهد أعمال عنف ضخمة ضد المسجد الأقصى وقبة الصخرة، من قبل المجموعات المسيحية واليهودية المتطرفة، وأشار التقرير لتحضيرات واسعة النطاق لذلك وما يمكن أن يفرزه ذلك من اضطرابات بين العرب المسلمين وبين اليهود الإسرائيليين والمسيحيين الأوروبيين.
في داخل أمريكا يشير التقرير لجهود الميليشيا الأمريكية التي ترى أن هناك مؤامرة للأمم المتحدة تستهدف السيطرة على العالم وتكوين حكومة واحدة تقودها الأمم المتحدة وتساعدها على ذلك الحكومة الفدرالية في أمريكا، كان هذا سبب تفجير المركز الفدرالي بأكلاهوما سيتي في عام 1995.
ما زاد مزاعم الميليشيا الأمريكية حول الأمم المتحدة انتشارا، إعلان الأمم المتحدة عن «قمة الألفية» والتي ستقام شهر سبتمبر الميلادي القادم في مدينة نيويورك، وهي القمة التي تقول عنها الأمم المتحدة بأنها ستكون أكبر تجمع لملوك ورؤساء الدول في تاريخ الأمم المتحدة، وذلك لمناقشة التحديات التي ستواجه العالم في القرن القادم وكيفية مواجهتها.
في عقول رجال الميليشيا هذا دليل على ساعة الصفر التي ستعلن فيه الأمم المتحدة سيطرتها على العالم.
هناك مجموعات أخرى ذكرها التقرير مثل مجموعات النازيين الجدد، والذين يرون تفوق العنصر الآري وأن هناك مؤامرة للقضاء على هذا العنصر، وتريد هذه المجموعات استغلال بدء القرن الجديد للقيام بأعمال إرهابية لمقاومة هذه المؤامرة.
وأشار التقرير لجهود متوالية رصدها مكتب التحقيق الفدرالي مثل جمع الأسلحة، وتخزين الأطعمة، وبيع المنازل والأراضي من قبل أعضاء هذه المنظمات، وإجراء عمليات مسح لتعيين أهداف لضربها مع بداية القرن الجديد.
هذا دعى إدارة التحقيق الفدرالية لتكوين فريق متخصص للسهر على حراسة العاصمة واشنطن في الأيام الأولى من العام الجديد.
الفريق يشمل بالإضافة لمئات رجال الشرطة المتخفين والمندسين بين جموع الناس سبعين خبيرا في مجال الأسلحة والمواد الكيميائية، وقناصين، وفريق طبي متكامل، وفريق لفحص القنابل وإلغاء مفعولها.
فريق آخر تم تكوينه أيضا يعمل على حماية شبكات الكمبيوتر الحساسة من دخول المخربين عليها واستغلال ماينتظره الناس من مشكلة العام 2000 لإحداث مشكلات جديدة في شبكات الكمبيوتر.
وزارة الخارجية الأمريكية وضعت فريقا خاصا بهذه المناسبة دون أن توضح تفاصيل تكوين مثل هذا الفريق.
* نُشر في مجلة المعرفة السعودية