في أحداث معينة حساسة يشتعل النقاش حولها في حلقات النقاش الإسلامية على الإنترنت بطريقة تكشف للمتابع العيوب الفكرية التي تعاني منها الأمة الإسلامية، والتي تدور في الغالب على الغلو والجهل وضحالة الرأي والتسرع في طرح الأحكام.
فيما يلي موجز لحوار دار على مدى سبعة أيام تلت انفجار السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا، والحوار أنقله بلا تعليق، فمن الواضح تماما ذلك الطرف المغالي في الحوار والذي ضل عما رآه علماء الأمة من تحريم الاعتداء على أرواح الأبرياء بلا وجه حق، ولا يغيب أن الطرف الآخر في الحوار اعتمد أيضا في الغالب على حجج ليس من بينها بكل أسف آراء العلماء حول القضية.
رأي «المهاجرون»، والذي بدأ الحوار في يوم الانفجار، كان مصدرا لبعض وسائل الإعلام الغربي، والتي رأت فيه أكبر دليل على تورط المسلمين في الانفجار، أو على الأقل أن المسلمين يقفون مؤيدين للانفجار، وتبث عادة هذه العبارات مع صور الجرحى والقتلى، ثم بتقرير خاص عن جهود فريقي الإنقاذ الأمريكي والإسرائيلي!
- المهاجرون، جماعة صغيرة ضربها الغلو من كل جانب تتشابه في الكثير من أفكارها مع حزب التحرير، ويرأسها الشيخ عمر بكري محمد، ومركزها بريطانيا: نحن المهاجرون بقدر ما نستنكر وجود أرواح بريئة من المدنيين الذين ليس لهم علاقة بالسفارات الأمريكية، نعلن أنها نحيي ونرحب بتفجير اليوم للسفارات الأمريكية في دار السلام ونيروبي، ذلك لأن هذه هي سفارات عدو الإسلام والمسلمين.
هذه القنابل انفجرت من ألم ومعاناة الجماهير التي تعيش تحت سيطرة الاستعمار الأمريكي، نحن نؤيد الرسالة التي أرسلت من خلال الانفجار بأن المصالح الأمريكية ليست آمنة في أي مكان في العالم.
المهاجرون، ستهدف لحث العالم على المزيد مما حدث اليوم، دع جموع الجيش الأمريكي تعلم أن لن يستطيعوا دائما قتل النساء والأطفال دون محاسبة، وسيأتي اليوم بحيث لا يشمل قتلى مثل هذه الأحداث المدنيين الذي وقعوا ضحية مقاومة الأمريكيين، رحم الله المسلمين الذين توفوا.
سيركز الأمريكيون على المدنيين الذين قتلوا ليغطوا على غرف الموت في سفاراتهم والتي تخطط اضطهاد المسلمين في كل مكان من العالم.
الأمة الإسلامية في حالة دائمة من الجهاد البدني والمادي والكلامي ضد الدول الإرهابية مثل أمريكا وإسرائيل وصربيا، ونحن نؤكد أن هذه البداية للمزيد من الدماء والموتى، حتى يقف اضطهاد الأمريكيين للمسلمين في كل مكان.
سيستمر جهادنا حتى يأتي «الخليفة» ويسيطر شرع الله على كل العالم.
- باروت باتي، مسلمة أمريكية ومتزوجة من مسلم ليبي: أولا، نحن لا نعرف من كان المستهدف بالانفجار بالضبط ولا أحد حتى الآن تقدم ليعلن مسؤوليته عن هذا «النصر الكبير» _ أستغفر الله _ إلا إذا كنت تعرف ما لا نعرفه.
نحن نعرف أن «حركة الجهاد الإسلامي»، هددت المصالح الأمريكية بشكل مباشر، مما يجعل أصابع الاتهام تتجه نحوها، ولكنني أقسم بالله لو حصل لي أي مضايقات بسبب وجودي في حلقة النقاش التي بث عليها هذا الكلام الغبي وصرت شخصيا متهمة فأنا سأخبر بعنوانك الإلكتروني، وأجعل ما يمكنني أن أصل به إلى حياتك من خلال الإنترنت مأساوي.
أنا لا أعتقد أنك تمثل المسلمين في بريطانيا، أين يوجد في القرآن يسمح بمثل هذا أو يؤمر به؟ نحن فقط مسموح لنا بالقتال ضد أولئك الذين يضطهدوننا مباشرة وفي شكل الدفاع عن النفس فقط.
إنني مفاجأة لأسمع ذلك من مسلم يدعي أنه يمثل غالبية المسلمين، هذا الكلام والذي هو تماما ضد الإسلام لا علاقة له بنا كمسلمين والذين نعيش في خوف من الاتهام بسبب وجهة النظر هذه، أخبرني ماذا فعل هؤلاء الـ117 الذين قتلوا وأكثر من 1000 جرحوا لاضطهاد المسلمين؟
أنا أمريكية اعتنقت الإسلام، ماذا لو كنت بين القتلى؟، فقط لأنني أنتمي لأمريكا «الكافرة» يعني أنني أستحق القتل؟، لو قتلت لن أشعر أنني قتلت من أجل الإسلام، ولكن بسبب وجهة نظرك الخاطئة، وأنا أؤكد لك لو أمكنني إيذائك بأي شكل من القبر فسأفعل.
هذه العقلية هي التي جعلتني أغادر «حركة السلام» في السبعينات في أمريكا، وجعلتني أتظاهر ضد العنف من أي شكل وأي دين ودولة.
العنف يأتي بالعنف، وليس أسهل على القادة من الاسترخاء، وطلب آخرين ليقوموا لهم بالعمل الذي يريدون، وبدلا من أن نفعل شيئا للذين هم حقيقة مسؤولون عن إيذاء المسلمين، الأبرياء يقتلون.
إناس مثلك يجعلونني أشعر بالخجل لأنني إنسان أو مسلمة، لأن هذا لا يمثل علاقة إنسان بآخر ولا الإسلام.
إذا أردت أن تقاتل فقاتل كرجل لرجل ودع القوي ينتصر، أو استعمل عقلك الذي أعطاك الله إياه وإلعب مباراة استراتيجية، وتأكد من استخدامك للأساليب المسموح بها في القرآن الكريم.
تقول إن أمريكا قتلت النساء والأطفال؟ وماذا عنك، وهل هناك أي فرق بينك وبينهم حين تقتل مستعملا اسم الإسلام؟
- عبدالحق: في ضوء الاكتشاف الحديث عن مسؤولية دافيد شايلر، عن وضع جماعات إسلامية مسلحة في الواجهة لتحقيق أهداف للمخابرات البريطانية!!، أقول بأننا قد نكون نصفق لأفعال يراد بها خدمة غير المسلمين من خلال نسبتها للمسلمين.
ثم هل نحتاج بأي شكل للتصفيق لمثل هذه الأعمال؟ هل هذا كان جزءً من منهج الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تأسيس الدولة الإسلامية؟ هل فقدنا القدرة على اتباع السنة في استعمال العقل في صراعنا مع الكفار بدلا من العنف؟
- شعيب تانفر: أشارك الذين فقدوا أحبائهم في هذا الفعل الهمجي غير الإسلامي حزنهم، وأنا كما أستنكر فعل أعداء الإسلام أستنكر فعل المسلمين الذين لا يهتمون بأرواح الأبرياء وهذا ضد تعاليم السنة النبوية.
الإسلام لا علاقة له بالاغتيال العشوائي وغير القانوني، إذا لم تستنكر الأمة الإسلامية هذا الفعل فأنا متأكد من عقاب الله وغضبه عليهم.
- الشيخ عمر بكري محمد، رئيس «المهاجرون»: نصيحتي المخلصة للأخ العزيز عبدالحق، ولنفسي، أن ندرس الإسلام والفقه، ولا نقول حرام أو حلال بناء على التحليل العقلي بل على أساس الأدلة الشرعية: الآيات والأحاديث فقط.
والنصيحة نفسها للأخت باتي، ولزوجها، والتي أسألها ألا تفتي بدون سؤال العلماء، كما أنه ليس من أخلاق المسلمين تهديد غير المسلمين.
- منتظر، مسلم مقيم بكينيا: أشارك الذين فقدوا أحبابهم آلامهم وأستنكر هذا التصرف الهمجي غير الإسلام من كل أعماق قلبي، كما أستنكر التصرف الهمجي لكل من يؤيد هذا الفعل مثل «المهاجرون».
- باروت باتي: شكرا يا أخي، عمر بكري، على هذا التذكير.
أعرف أنني كنت عنيفة ولكن لم أستطع تحمل أحد يؤيد هذا التصرف، هل ينسى الناس أن هناك أمريكيين مسلمين؟ أنا غاضبة لأنني أذهب أحيانا للشرق الأوسط لزيارة أقرباء زوجي ولن أكون آمنة لأنني أمريكية، كما أننا ننتظر موافقة وزارة الخارجية بأمريكا على تأشيرات دخول لأقرباء زوجي وكلامك سيضر بهم وخاصة أنهم ليبيين.
أنا آسفة للتهديد الذي قلته والذي صدر بسبب حالتي النفسية وأنا بالتأكيد غير قادرة على تحقيقها من القبر “رمز مكتوب للضحك”.
أنا تحدثت بناء على معرفتي العامة ولم أرد أن أقول حلال أو حرام، إذا كان أي أحد في المجموعة لديه أحاديث أو آيات في هذا الموضوع فليتفضل.
- مجهول الاسم، من استراليا: السفارات الغربية تستعمل للاستعمار.
الـCIA، موجودة في السفارات الأمريكية وهي ضد الإسلام، ألم تقرئي _ لـ”باروت باتي” _ التقارير الصحفية؟ اليهود ينقذون حياة الأبرياء التي دمرها المسلمون، هذا ما يقدمونه للعالم، ولكن هل يقولون للعالم شيئا عن الأرواح التي أزهقها الصهاينة؟ يجب أن تعرفي أن الغرب لا يريد الإسلام، ولا المسلمين وسيستعمل أي حجة لإزهاق أرواح المسلمين.
أنا بالتأكيد لا أوافق على قتل الأبرياء، ولكن أمريكا ليست بريئة، وكل فعل سيحفظ أرواح المسلمين سندعمه.
- كمال عبدالشافي: لقد كنت أؤيد «المهاجرون»، أما الآن فأنا أسحب تأييدي لأنهم يؤيدون قتل الأبرياء.
اللعنة! هل أصبحنا يهودا أو نصارى ندعم سفك أرواح الأبرياء؟ لقد قاد الأمة أشخاص مثل عمر بكري، أغبياء وضبابيي الرؤية بما يكفي من الزمن.
- فاروق لوي، ردا على منتظر: وماذا عن آلام آلاف المسلمين الذين اضطهدتهم أمريكا؟ ثم نحن نقول المسلمون فعلوها، وماذا يدريك أن أمريكا خططت للحادث حتى يلاحقوا المسلمين، أو حتى يبعدوا أضواء الإعلام عن رأس الرئيس كلينتون، والذي يعاني من مشكلة الفضيحة التي حصلت له وخاصة أن محاكمته ستكون هذا الأسبوع.
- أنجيم تشاودري، المتحدث الرسمي باسم «المهاجرون»: الهجوم الأخير الذي قامت به وسائل الإعلام البريطانية على الشيخ عمر بكري، دليل واضح بسبب تصريحاته عن الانفجارات دليل على تفشي ظاهرة «الإسلاموفوبيا»!!!
إن الصحف البريطانية تنسى أن الشيخ عمر بكري، لديه أطفال يؤلمهم مثل هذا الهجوم الإعلامي ضد أبيهم، رسالتنا لكل المسلمين بأن الاعتدال والتنازلات لن تزيل الكراهية للعميقة ضد المسلمين.
- جمال الدين، من مجلة البيان الشهرية ردا على تهديد باروت باتي: من النادر أن نرى مسلمة هذه الأيام بهذه القوة، إذا كان لديك القدرة على إيذاء الناس من خلال الإنترنت فسأعطيك عناوين أملكها لصهاينة حتى تحولي حياتهم لمأساة، ثم إذا كنت تقرئي القرآن، فمن أين تعلمت أن الجهاد فقط للدفاع عن النفس؟ أنا أقترح أن تقرئي لسيد قطب، عن الجهاد.
- هشام زبير: «المهاجرون»، جماعة ضالة صغيرة جدا تؤمن بتأسيس الدولة الإسلامية من خلال إدخال مسلمين في الجيش البريطاني، والذين يفترض أن ينشروا الإسلام وأفكار الجماعة في الجيش ثم يقوموا بانقلاب ويؤسسوا دولة إسلامية!!
في كل المقاطعة الشمالية من بريطانيا يوجد فقط 30 شخص ينتمون لهذه الجماعة، ومعظم أئمة المساجد يهاجمونهم ويمنعونهم من توزيع النشرات، وفي الشهر الماضي قاموا بتوزيع نشرات ضد الصهيونية كتبتها جماعات نازية.
هذه ليست الجماعة التي يريد أي مسلم أن يلتحق بها.
- قمران بخاري: هشام زبير، كاتب معروف بأنه علماني ورؤاه غربية.
- باروت باتي: ما حدث لا ينتمي للإسلام، وحججكم كلها سياسية بحتة، ثم هل هناك أي جهود إغاثية إسلامية لإنقاذ الأبرياء؟
- نسيم: نعم الجالية المسلمة في كينيا نظمت الكثير من الجهود الإغاثية وقامت بحملة عامة للتبرع بالدم وباحتياجات الجرحى والمصابين.
- كمال عبدالشافي: الناس الذين يعملون في السفارات الأمريكية والضباط الذين يحرسونها لا يعرفون شيئا عن سياسات أمريكا التي تؤثر سلبيا على المسلمين.
أيضا كيف تدعمون تفجير قنبلة في بلد إسلامي كتنزانيا عاصمتها اسمها دار السلام ليقتل الكثير من المسلمين فقط لإيذاء الأمريكيين؟ ثم لا تقل لي لا تفتي بدون دليل.
التفجير كان غبيا سفاحا بدون أي هدف واضح، وقولي هذا ليس فيه أي معارضة لشئ في الإسلام.
- عمر بكري، رئيس المهاجرون: أمريكا عرضت مليوني دولار لمن يدلها على الفاعل، وأنا أقول إن الله يعطينا الجنة وهي أعظم، ولا يجوز أبدا إعطاء أي معلومات عن حركات إسلامية تعمل لصالح المسلمين.
أيضا نحن ندعو لصلاة على الغائب عامة ستقام في مسجد «ريجينت بارك»، على أرواح المسلمين الذين قتلوا في الانفجارات ضمن جهادنا ضد الأمريكيين.
- باروت باتي: إعطاء معلومات عن هذه الحركات ليس هدفه إيذاء المسلمين بل مكافحة الجريمة.
* نُشر في جريدة المسلمون الدولية