ردود الأفعال قد تشوه صورة المسلمين على الإنترنت

من قسم منوعات
الإثنين 17 أغسطس 1998|

من المعلوم أن هناك هجوم وتشويه شديد للمسلمين على شبكة الإنترنت، وخاصة من قبل بعض المجموعات المسيحية المتخصصة في ذلك.

الحل الذي يطالب به الجميع هو الوقوف في وجه الشبهات التي يرميها هؤلاء ويقدمونها بأسلوب يبدو موضوعيا وعلميا ولكنه سام في الوقت نفسه.

هذا الوقوف يجب أن يتحلى بما أمر به القرآن المسلم من الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة لأن المسلم لا يكره الآخرين ولا يفرغ حقده فيهم من خلال الهجوم على دياناتهم لأن هذا ليس في صالح نشر رسالة الإسلام.

عدد من مواقع الإنترنت الإسلامية تعاني من عدم التزامها بهذا المنهج، وبتأثرها بردود الأفعال لما يكتبه النصارى عن المسلمين لتبادلهم الشيء نفسه هجوم بهجوم.

إذا أردنا أن نتخيل شخصا نصرانيا يبحث على الشبكة عن مواقع للمسلمين تقدم رأي المسلمين فيما يكتبه النصارى عنهم، فسيجد بعض الصفحات، لكن هذه الصفحات قد تشعره باستفزاز عاطفي تجعله يهاجم الحقيقة التي تقدمها هذه الصفحات، وينتصر لدينه النصرانية.

واحد من هذه المواقع والتي تتميز بمادة مكثفة وهي من أشهر المواقع في مجال الرد على النصارى وقعت في الخطأ نفسه.

صاحب الموقع، وهو أمريكي مسلم، يدافع عن هذا الخطأ بأن الموقع مصمم أساسا للمسلمين حتى يعرفوا كيف يردوا على النصارى بشكل «مفحم»، لكن الحقيقة أن الإنترنت لا يعرف التحديد، فكل ما تضعه على الإنترنت متاح للناس كلها عند أطراف أصابعهم، ولابد لأي شخص مسلم يصمم موقعا للدعوة إلى الله أن يدرك ذلك تماما.

في مقدمة الموقع إشارة لجماعات مسيحية لها مواقع تهاجم المسلمين بعنف، مع وضع مداخل لمواقعهم على الصفحة.

هذا أيضا خطأ لأن صاحب الموقع يحيل الناس على ما كتبه الآخرون ضد الإسلام والذي قد لا يجده الباحث على الإنترنت ضمن ملايين المواقع، وخاصة أن الموقع في الحقيقة لا يرد على الكثير من الشبهات التي تطرحها هذه المواقع معللا بأن المسلمين ردوا على هذه الشبهات في كتبهم، مثل شبهة إباحة الإسلام لاستعباد الناس، ولكنها هذه الردود لم توضع حتى الآن على الإنترنت، قارئ غير مسلم لن يرى في هذه الحجة إلا تهربا من الحقيقة.

خطأ ثالث يدخل في إطار رد الفعل غير الحكيم، وهو الهجوم الشديد الذي شنه الموقع على جماعات الحوار بين الأديان، وأن النية الأساسية لهؤلاء هو بث الشك في نفوس المسلمين.

هذا الأمر صحيح بالنسبة لبعض مجموعات الحوار بين الأديان، لكن هناك بالتأكيد الكثير من المجموعات التي تضم أعضاء غير متحمسين للديانة المسيحية، وإنما أعضاؤها أكاديميون و«إنسانيون» يرون أن المشكلة الأساسية التي تعاني منها البشرية عبر التاريخ هي الصراعات بين الأديان المختلفة، ويحاول هؤلاء التركيز على القيم المشتركة بين الأديان لدعم التسامح بين أتباع هذه الأديان.

مثل هذه المجموعات أو حتى المجموعات المسيحية غير المتعصبة أتاحت للمسلمين في الغرب من خلال المشاركة في أنشطتهم للوصول بدعوة الإسلام للكثيرين أو على الأقل تصحيح الصورة الذهنية الشائعة عن المسلمين.

من العجيب أن تدرك أن نسبة عالية من غير المسلمين في أمريكا مثلا يظنون أن المسلمين يعبدون القمر أو إلها خاص بهم ولا يعبدون الله، سبحانه وتعالى، الذي يعرفونه في التوراة والإنجيل، ومثل هذه الأنشطة هي فرصة لا تتكرر لتصحيح هذه الصور الشائعة، وخاصة أننا نعرف أن الشخصيات الإسلامية التي تشارك في هذه الأنشطة من العلم ما قد يبعدهم إن شاء الله من التأثر بشبه غير المسلمين.

مثل هذه الأخطاء لا تعني الإساءة للموقع، فهو يحتوي على مداخل لصفحات ممتازة في بيان الحقيقة بأسلوب موضوعي ذكي، لكن المسلمين الآن في بداية مسيرتهم على شبكة الإنترنت وقد يكونوا بحاجة لإدراك مثل هذه الأخطاء حتى يتجنبوا التوغل فيها، لأن الخطأ البسيط اليوم قد يزداد في المستقبل ليصل أبعادا تشوه الإسلام بحق وتثير أعداءه ضده.

بعض المفكرين المسلمين في الغرب يرون أن أفضل وسيلة للرد على شبه غير المسلمين هو تعليم الناس وإعطاؤهم الحقيقة بعيدا عن التركيز على الشبهة نفسها، لأن الإنسان غير المسلم عادة يأخذ موقفا دفاعيا ضد المسلمين بمجرد إحساسه أن المسلمين يحاولون الهجوم على ديانته أو الدفاع عن أنفسهم في وجه شبه رجال الدين المسيحيين.

أيا كان الطريق الصحيح فإن المسلمين يحتاجون لمجلسا أو مؤتمرا إسلاميا التي ترسم الطريق للمسلمين في مسيرتهم الجديدة في مواجهة غير المسلمين على شبكة الإنترنت.

* نُشر في جريدة المسلمون الدولية