قراءة في ملفات «الماسونية العالمية» في الغرب

من قسم منوعات
الإثنين 26 أكتوبر 1998|

لو ذهبت للطريق رقم 23، أحد أهم طرق حي مانهاتن الشهير بمدينة نيويورك، فحتما ستصادف مبنى ضخما بطراز أثري عريق وفخم تشير اللوحة الرسمية على بابه لكونه أحد كبرى مراكز «الماسونية» في أمريكا.

مثل هذا المركز وبمثل هذه الفخامة يوجد العديد في الولايات المتحدة والتي يتبعها مئات المحافل الصغيرة المتوزعة على معظم المدن الأمريكية.

تقدم «الماسونية» نفسها رسميا في أمريكا على أنها منظمة لدعم الإخاء بين أعضائها، والتي يعود تاريخها لبناء معبد سليمان، عليه السلام، وإن كان تنظيمها الفعلي بدأ في القرن السادس عشر الميلادي.

هي أيضا تبرز نفسها كمنظمة قدمت الكثير لتأسيس الديمقراطية في العالم.

في الحقيقة هناك أدلة دامغة على أن الدستور الأمريكي هو نفسه الدستور الماسوني، والذي كان قد نشر عام 1723 بقلم جيمس ماديسون، رائد النظام الديمقراطي الأمريكي وعضو رئيسي في المنظمة الماسونية، ثم جاء بنيامين فرانكلين، رائد وحدة الولايات الأمريكية في دولة كبرى وأحد كتاب الدستور الأمريكي والذي كان عضوا في المنظمة الماسونية أيضا، ليقدمه في عام 1735 كدستور للولايات المتحدة الأمريكية.

الماسونيون، يقولون بأن ذلك جاء ببساطة لكونهم وضعوا تقدم البشرية نصب عيونهم «منذ ما قبل التاريخ المسجل، استطعنا تأسيس العدل، النقاء، الحرية، الإيمان بالله، وحب الإنسان، الحرية في الأساس تراث ماسوني، حرية التعبير والفكر والأديان هي دائما من أهدافنا، وتجري في عروق كل درجة من درجات الماسونية».

في ذلك الوقت، كان 22 من حكام الولايات الأمريكية، من أصل 39 حاكما وقعوا وثيقة الدستور، من أعضاء الاتحاد الماسوني، مما ساعد في قبول الدستور الماسوني في عام 1787 كدستور لأمريكا، حسب مذكرات جورج واشنطن، الملقب بـ«أبو الولايات المتحدة الأمريكية»، وعضو في الاتحاد الماسوني أيضا.

جورج واشنطن، والذي كان أول من أقسم على الدستور الأمريكي كرئيس للولايات المتحدة، استعار الإنجيل الذي أقسم عليه من المحفل الماسوني بنيويورك.

هذا الإنجيل مازال موجودا بالمحفل حتى يومنا هذا، وقد استعاره ثلاثة رؤساء أمريكيين من بعده للقسم عليه عند استلامهم الرئاسة الأمريكية: إيزنهاور، جيمي كارتر، وجورج بوش. 

الماسونيون، يقولون بأنه بسبب كون هذه المبادئ هي مبادئ الماسونية فلن تقابل رجلا ماسونيا صالحا إلا وتجده مواطنا أمريكيا صالحا.

هم أيضا يقولون أن كل الأنظمة الصالحة تأتي مبادئها من شعار الماسونية: الحب الأخوي، والإغاثة والحقيقة.

لكن الماسونية لا تكتف بذلك لتبين أهمية ما قدمته لأمريكا، بل هي تدعي _ ولديها أدلة يحتاج للتحقيق فيها تاريخيا _ أنها كانت وراء الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر الميلادي والتي نشأت على إثرها الأفكار الديمقراطية في صورتها الأولى.

في الاحتفالات التي أقامتها المنظمة من خلال محافلها المنتشرة في أمريكا بمناسبة مرور 200 عاما على وفاة الموسيقار الماسوني الشهير موزارت، كان يبدو التركيز على أن المنظمة قدمت الكثير للفن أيضا، وبدا ذلك من خلال عدة موسيقيين ماسونيين معروفين تجولوا في أمريكا واليابان بهذه المناسبة.

في الواقع، كل معبد ماسوني ضخم في أمريكا ترتبط به واحد من أكبر المسارح في المدينة والتي تقدم عروضا مختلفة وهذا المسرح اسمه دائما «المسرح الماسوني».

ترعى الماسونية في أمريكا أيضا عدة برامج اجتماعية ذات أثر إعلامي كبير، مثل البرنامج الماسوني لمساعدة المراهقين من ضحايا المخدرات، وهذا مثال لبرامج عديدة جدا للأطفال والفقراء والشباب، وبرامج التبرع بالدم والكلى، وتأسيس المكتبات الماسونية والمتاحف الماسونية، بالإضافة لدعم مالي ضخم للكثير من المؤسسات الخيرية حول أمريكا، ويدعي تقرير ماسوني أن الماسونية تنفق يوميا 4.1 مليون دولار أمريكي لمساعدة الأشخاص المحتاجين بسبب مشاكل صحية وهذا يشمل الإنفاق على عدة مراكز صحية منتشرة في أمريكا تحمل اسم المركز الصحي الماسوني.

في كندا، دعمت الماسونية منح دراسية ضخمة لتعليم المهاجرين الجدد ودمجهم في الثقافة الكندية، المشابهة للثقافة الأمريكية لحد بعيد.

وعلى كل حال، لم يعدم الماسونيون وسيلة للرد على تساؤلات الناس حول مصدر هذه الأموال الرهيبة بالقول بأنها قادمة من الأثرياء من محبي الخير في كل أنحاء العالم.

لكن الماسونية لم تحظ دائما بموقع جيد في نفوس الأمريكيين.

في القرن الميلادي الماضي أثناء تكون الولايات المتحدة الأمريكية، كانت هناك نزعة حادة «خارجة عن السيطرة»، حسب تعبير أحد الدراسات في كافة أمريكا الجديدة، ضد الماسونية.

هذه الدراسة، تقول أن تصفية الماسونية لبعض أعدائها بالاغتيال كان السبب الرئيسي في نشأة هذه النزعة.

حادثة أخرى أثارت الكثير من الغضب، عندما خلصت الماسونية أحد أعضائها، واسمه جوسيف بورنهام، من السجن، بعد اغتصابه لفتاة عمرها 14 عاما، وتآمرت مع مسئولي السجن للإعلان عن وفاته ودفن شخص مكانه مات أو قتل في نفس الفترة، إلا أن الأمر انكشف للناس وأثارهم ضد الماسونية.

مثل هذه النزعة مازالت مستمرة ليومنا هذا خاصة لدى الذين ينظرون للماسونية على أنها مجموعات سرية غامضة تسيطر على الكثير من مراكز القوى في أمريكا وتسيرها لصالحها، والماسونيون يرون أن وراء ذلك «الجهل والحسد وسوء الفهم».

حركات المرأة واحد من أبرز من وجه النقد للماسونية بحكم أنها تقيم محافل منفصلة بالكامل للرجال وأخرى للنساء، ولكن هذا النقد خف تدريجيا بعد الإعلان عن دمج الرجال والنساء في بعض الأنشطة ولحصول عدد كبير من هذه المنظمات على دعم مالي سخي من الحركات الماسونية، والتي يعتقد البعض أنه بسبب هذا الدعم فإن الماسونية تؤثر على قرارات هذه الحركات النسائية وأنشطتها بشكل فعال يخدم أهداف الحركة الماسونية.

بالمناسبة، الكثير من أعضاء الماسونية قالوا في دراسة علمية، أن هذا الانفصال هو واحد من الأسباب الرئيسية لانضمامهم للماسونية، حيث تتوفر صداقة الجنس الواحد الأمر الصعب جدا في المجتمعات الغربية والتي يقول هؤلاء أنهم يجدون فيها راحة ومتعة خاصة بعيدا عن الطبيعة الخاصة للعلاقة مع الجنس الآخر.

الكثير من الدراسات الأمريكية تشير لقوى غير عادية تمتلكها الماسونية في التأثير على الأنظمة السياسية والاقتصادية في العالم. منها ما هو معروف من سيطرة الماسونية على النظام السياسي الحاكم للمكسيك بدءا من رئيس الدولة، عضو المحفل الماسوني المكسيكي.

تلك السيطرة حسب عدة وثائق بدأت منذ اليوم الأول لاستقلال المكسيك في القرن الميلادي الماضي.

واحد من الأمور الهامة التي تقدمها الماسونية في المكسيك لأي سياسي يذعن لها، العلاقة القوية مع الولايات المتحدة الجارة القوية للمكسيك.

بمثل هذه السيطرة والتي رعت أنظمة ديكتاتورية في المكسيك يرد الباحثون على الماسونية بكونها حركة ترعى الديمقراطية في العالم.

مثل هذه السيطرة وأكثر موثق أيضا موجود في عدد من دول أمريكا الوسطى والجنوبية.

بالطبع الماسونية تملك قوة سياسية هائلة _ تختلف تقديراتها من محلل لآخر _ في النظام السياسي الأمريكي، هذه القوة ناتجة من استلام عدد كبير من رجالها لمناصب حساسة في الحكومة الأمريكية منذ لحظة تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية وحتى يومنا هذا، ولقوتها المالية التي تساعد الحركة الماسونية على دعم المرشحين السياسيين في حملاتهم الانتخابية، ولكثرة رجالها في المؤسسات الإعلامية.

دائما كان الرؤساء الأمريكيون ومن دونهم في السلم السياسي في أمريكا إلى يومنا هذا حريصين على كسب الرأي الماسوني من خلال تقديم كلمات في المعابد الماسونية حول قضايا عامة تدعمها الحركة الماسونية، هذا بالإضافة لكون عدد كبير من الرؤساء الأمريكيين عبر التاريخ هم أعضاء رسميين ذوي درجات متقدمة في السلم الماسوني. 

أىضا ترى بعض التحليلات أن الماسونية تقف بقوة وراء دفع الاتفاقيات التجارية العالمية التي تهدف لتحرير القيود التجارية كالجات وغيرها، وتستدل هذه التحليلات على كون وراء هذه المنظمات التجارية العالمية التي ترعى الاتفاقيات شخصيات ماسونية كبيرة.

دراسات أخرى ترى في الماسونية واحدة من القوى الأساسية في العالم التي دفعت العلمانية للوجود.

هذه الدراسات ترى أن ذلك حصل لخوف الماسونية من تركز السيطرة في يد أتباع دين معين، مما سيؤثر على تواجدها في مثل هذه الدول.

أيضا هذه الدراسات تقول أن هذا الدعم للعلمانية يضعف أحيانا ويقوى أحيانا أخرى.

الماسونية أيضا تحمل مسئولية تأسيس «عبادة الشيطان» في أمريكا، وهذه المسئولية تأتي ببساطة من كون معظم مؤسسين هذه العبادة ماسونيين ذوى درجات عالية في سلم الماسونية.

هؤلاء استقوا الكثير من تنظيمات الماسونية ليدمجوها في تنظيم عبادة الشيطان كأسلوب قبول الأعضاء واختباراتهم والتركيز على الثقة الكاملة والأمانة بين الأعضاء والاعتماد على السرية المطلقة في تنظيم الأنشطة وغير ذلك.

أحد الدراسات الأمريكية، تقول بأنه حتى الطقوس التي يمارسها عبدة الشيطان مستقاة من الطقوس الرسمية للمحافل الماسونية.

هناك أيضا إشارات واضحة لدور الماسونية في تأسيس حركة «المورمون» المسيحية، التي نشأت في أمريكا وحققت نفوذا واسعا فيها، ويأتي ذلك من كون النبي يوسف سميث، مؤسس الحركة، والذي يزعم أنه أرسل بالإنجيل الحقيقي، كان ماسونيا، كما أن نصف أتباعه الذين أسسوا حركته معه كانوا ماسونيين أيضا.

دراسات أخرى ترى أن نفوذ يوسف سميث، الذي حققه، جعله يتمرد على بعض مبادئ الماسونية، مما عرضه للاغتيال من قبل الماسونية نفسها.

تعترف الماسونية أنها منظمة مغلقة ليس لكل واحد الحق في دخولها، وأنها سرية، وأن دخولها عملية معقدة لهم فيها مقاييسهم الخاصة السرية.

في الأعوام القليلة الماضية، تم اختيار 5000 رجل من ولاية كاليفورنيا للدراسة في مدارس النظام الماسوني، ولكن لأن هؤلاء فشلوا في اختبارات النظام فإن عددا منهم يعد على الأصابع مازال حتى الآن عضوا بالمنظمة الماسونية.

رغم هذه الشروط المعقدة، فهناك نسبة لا بأس بها انضمت للمنظمة الماسونية واعترفت فيما بعد أن هذا الانضمام كان في الأساس للحصول على الدعم السياسي أو المالي في العمل التجاري أكثر من الإيمان بأهداف الماسونية نفسها.

إلا أن الحديث عن سرية الماسونية لا يعني أنها كعصابات المافيا لا يعرف عنها أحد شيئا، بل إن معظم معابد ومحافل الماسونية معروفة مسموح زيارتها أحيانا، كما أن أعضاء الثلاث درجات الأولى منها معروفين ومعلنة أسماءهم أحيانا، كما يعلن أحيانا عن مواعيد اجتماعاتهم الخاصة في الصحف لكن ما بعد ذلك من طبيعة الأنشطة الماسونية في الداخل أو ما يتعلق بالماسونية في ما بعد الدرجات الثلاث الأولى سر كبير لا يطلع عليه أحد.

فقط الماسونيون الذين وصلوا للدرجة الثالثة من 33 درجة، يسمى عضو الدرجة الثالثة سيد ماسوني، يمكنهم المشاركة في أنشطة على مستوى أوسع من المحفل الذي ينتمي إليه. 

العديد من المراكز الماسونية حول العالم لديها صفحات على الإنترنت تصل مجموعها لحوالي 200 موقع، لكن زيارة هذه المواقع تخرج بالشخص كما دخل، فلا تقدم هذه المراكز من المعلومات إلا القليل النادر جدا الذي لا يزيد عما يكتب في الصحف العامة.

في أحد المواقع تحذير لكل أعضاء الماسونية أن كل صفحة على الإنترنت لابد أن تحصل على موافقة من المرجعية العليا للمركز الذي يريد بث الصفحة.

كل المواقع على الإنترنت الخاصة بالماسونية منطلقة من دول أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان والهند وإسرائيل.

تدعي المنظمة الماسونية أن واحد من أهم الشروط لعضويتها القبول بـ«السلطة الأعلى»، والتي تمثل الإنجيل والتوراة والقرآن وكتاب كونفيشوس للبوذية، ولذا فهم لا يقبلون ملحدين في صفوفهم.

أيضا تدعي الماسونية أن واحدا من أهم الشروط للعضو هو «الأخوة» المطلقة و«الثقة» و«الصدق» في التعامل مع بقية أعضاء المنظمة.

اكثر الاختبارات حسب قولهم مصممة لاختبار هذه الصفات في نفس المتقدم للانضمام للتنظيم الماسوني.

رسميا حتى تنضم للماسونية، يلزمك ترشيح عضو ماسوني لك في المحفل الماسوني، وحصولك على موافقة أغلبية الأعضاء في تصويت سري على اسمك لتضمن انضمامك للدرجة الدنيا.

ما بعد ذلك عالم مهول من الشروط والاختبارات والتي يخيل للقارئ عنها أنها ضرب من الخيال المحض، لتسأل نفسك: هل حقا يوجد مثل هذا في عالمنا الصغير الذي نحن فيه؟

أيضا؛ تذكر الكتابات الماسونية أن الكثير من مصطلحاتها الداخلية مرتبط بهيكل سليمان، عليه السلام، فالهدف هو «تأسيس البناء»، أي بناء المنظمة الماسونية تشبيها بالهيكل، والقسم يكون على «المربع الماسوني» مقارنة بالشكل المربع المفترض للهيكل، وقس على ذلك الكثير من الأرقام والأسماء المرتبطة بقصة هيكل سليمان، كما هي في «التلمود»، والتي ترجمت في الأعراف الماسونية إلى رموز مرتبطة بها في الطقوس الماسونية.

يدعي الماسونيون رسميا أن عددهم حول العالم يصل إلى أكثر من 4 ملايين شخص، «لايستطيع أحد أن يتحداهم لأنهم أعظم رابطة أخوية في العالم».

ميتشيل هوفمان، صحفي سابق في وكالة «الأسوشياتد برس»، نذر حياته من خلال كتبه ومجلاته لكشف فضائح الماسونية والتنظيمات اليهودية والروايات اليهودية، مثل مذبحة الهولوكوست، ضمن ما يسميه بـ«حملة لدعم الحقيقة الراديكالية في التاريخ».

كل كتب هوفمان، ونشراته، غير مرحب بها في أي مكتبة عامة أو تجارية أمريكية، وقد لا يمكن الحصول عليها إلا من خلاله نفسه.

هوفمان، كتب بشكل مكثف عن أسرار الماسونية، ولو كان كل ما كتبه هوفمان، عن الماسونية، وتنظيماتها، وأسرارها، صحيحا، فنحن في الحقيقة أمام عصابة رهيبة من 4 ملايين شخص يتوزعون حول العالم ويرتبطون بشبكة تحيط بالعالم كما يحيط حبل المشنقة برقبة المخنوق، وهو التشبيه الذي يستعمله هوفمان، في حديثه عن سيطرة الماسونية على أمريكا وأنظمتها السياسية والإعلامية والاقتصادية.

هوفمان، يقول بأن أهداف الماسونية الحقيقية هي «نماء إسرائيل، وإعادة بناء هيكل سليمان، وتأسيس حكومة العالم الواحدة»، الحلم الذي أعلنه لأول مرة البلياردير اليهودي الشهير روكفلر، في عام 1921، في أن يحصل العالم على حكومة واحدة، وعمل على هذا الحلم من خلال تأسيسه لـ«مجلس العلاقات الخارجية»، المنظمة التي ينتمي إليها عدد كبير من السياسيين الأمريكيين والأكاديميين ورجال الأعمال ذوي السيطرة غير المحدودة.

لو قرأت كتاب هوفمان، عن مقتل الرئيس الأمريكي السابق جورج كندي، عام 1963 في دالاس بولاية تكساس، بعد خروجه وزوجته، جاكلين كندي، من المعبد الماسوني بدالاس بساعات محدودة، لأصابك ذهول أكيد غير محدود.

الذهول لا يأتي من كون كندي، كان ماسونيا، والرئيس الذي جاء بعده جونسون، كان ماسونيا أيضا، وليس في ادعاء هوفمان، الموثق بعشرات الوثائق والأرقام، أن الماسونيين نفسهم هم الذين قتلوه، بل في طريقة اختيارهم للوقت والمكان والشارع في طريقة ترتبط فيها كل الأرقام المرتبطة بالمكان، وحتى خطوط الطول والعرض وطريقة اختيار الأشخاص الذي قتلوه، ثم الذين حققوا في مقتله والذين دفنوه وقصة سرقة دماغ كندي، وربط كل ذلك بالطقوس الماسونية العريقة.

لماذا قتل الماسونيون الرجل الذي صنعوه؟

التفسير الواضح الذي يأتي للذهن لو صدقنا قصة هوفمان، أن ذلك لكونه تمرد على سادته في التنظيم الماسوني، لكن هوفمان، يقدم تفسيرا آخر سجلته الكاميرا، وهو أن الرئيس اليوغسلافي السابق تيتو، زار كندي، قبل أيام من مقتله.

على سلالم البيت الأبيض وقف تيتو، الذي يحمل وسام الدرجة الثالثة والثلاثين في التنظيم الماسوني، مع كندي، ذو الدرجة الثانية والثلاثين، للوداع، لكن كندي، لم يعامل تيتو، هذه المرة كما يجب أن يعامل الأقل من هم أعلى منه في السلم الماسوني في طريقة الوداع، الأمر الذي حسب إدعاء هوفمان، يعتبر غلطة كبرى لا تغتفر في العرف الماسوني في مثل هذه الدرجات العليا وعقابها «الموت» في مدينة دالاس الواقعة بين دوائر العرض 32 و33!!!. 

 

الماسونية في روسيا

بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ظهرت للسطح المنظمة الماسونية في روسيا من خلال تأسيسها العلني لعدة معابد ماسونية ضخمة ابتداء من عام 1995.

ولكن الماسونيون يشكون من كراهية الروس لهم وعدم ترحيبهم بالمعابد الماسونية «بسبب نزعتهم التقليدية المعادية للماسونية».

الماسونيون، يقولون أنهم الآن يحتفلون بأيامهم الذهبية في روسيا بعد أن عانوا من «الكبت والاضطهاد» الكامل أثناء الحكم الشيوعي.

لكن الروس يرون أن الماسونيين نهضوا من جديد ليسيطروا على مفاتيح القوة في روسيا.

المحفل الماسوني الروسي دشن حملة إعلامية غير مباشرة يؤكد فيها أنه غير مهتم بالسياسة الروسية وأن عضو المحفل الماسوني ممنوع تماما من التدخل في السياسة أو حتي التعبير عن آرائهم السياسية، لأن «السياسة دائما قوة معادية للمجتمع الذي ننتمي إليه».

الحملة الدعائية نفسها كانت تحاول مقاومة الفكرة الشائعة في روسيا أن الماسونية تعمل على دعم سيطرة اليهود الروس على القوة في روسيا، مؤكدة أنها منظمة لجميع الأديان وأنها تلزم أعضائها بالإيمان بـ«خالق واحد للكون» مع تجاهل كل التنوعات الأخرى التي تفرق بين الأديان.

تعود النهضة الماسونية الأساسية في روسيا للقرن الثامن عشر الميلادي، حين تأسس 135 معبدا ماسونيا من خلال 3000 عضو ماسوني في كافة أنحاء روسيا.

الكتابات الماسونية تقول بأن هذه النهضة بالذات جاءت أهميتها من كون عدد كبير من أعضاء المحفل الماسوني من الشخصيات الهامة التي أثرت في تشكيل التاريخ الروسي في القرن الثامن عشر الميلادي.

* نُشر في جريدة المسلمون الدولية