عندما يصبح التلفزيون ذكيا ويسيطر

من قسم الثورة الرقمية
الأربعاء 02 نوفمبر 2011|

بعد سنين من التشاؤم بشأن مستقبل التلفزيون في ظل النمو السريع لاستخدام الإنترنت وخدمات “الفيديو حسب الطلب”، يبدو أن جهاز التلفزيون يستعيد أمجاده مع توقعات الخبراء بأن يصبح “ملك الإعلام” الجديد والكلاسيكي، على حد سواء.

هذه التوقعات تأتي بعد التطورات السريعة لعالم ما يسمى بالتلفزيون الذكي Smart TV، وهي التسمية المقابلة للموبايل الذكي Smart Phones، والذي تحول في عام 2011 إلى حقيقة واقعة، حيث انطلقت المنافسة على أوجها في هذا الاتجاه بين شركات تصنيع أجهزة التلفزيون الشهيرة مثل Sony، LG، Panasonic، وانضم لهذه المنافسة Apple وGOOGLE وربما Microsoft قريبا، مع مئات الشركات التي تعمل على تطوير أجزاء من الأنظمة الخاصة بها أو “التطبيقات” التي تعمل من خلالها.

طبعا كلمة “تطبيقات” Applications، بالنسبة للتلفزيون هو استخدام جديد تماما، فالتطبيقات كما هو معروف أصبحت جزءا من استخدام الناس اليومي مع أجهزة الموبايل الذكية “IPhone، BlackBerry وغيرها”، ولكن انتقالها إلى عالم التلفزيون سيغير الصورة كليا وسيحول السوق – الذي يبلغ حجمه حاليا حوالي 17.5 مليار دولار ومستوى نمو سنوي بحدود 60% – إلى سوقا أضخم بكثير وأسرع نموا، ويغير عادات الناس في استهلاك الإعلام بسرعة كذلك.

هذا كله يمكن أن يحصل إذا ربط جهاز التلفزيون بشبكة الإنترنتK ولذلك فإن التسمية المستخدمة لدى المتخصصين هي التلفزيون المرتبط بالإنترنت Connected TV، ثم إذا استخدم التلفزيون نظام تشغيل يشبه نظام التشغيل الموجود على أجهزة IPhone أو أندرويد أو ويندوز موبايل، وهذا ما يجعل المنافسة ستحتد بين الشركات الثلاث الكبرى Apple, GOOGLE, Microsoft.

 

التغيير الضخم الآخر هو دمج الإعلام الاجتماعي مع أجهزة التلفزيون،ولذلك البعض يسميها التلفزيون الاجتماعي Social TV، فبينما تشاهد برامجك المفضلة فأنت تطلع على ما يشاهده “الأصدقاء” وتطلع على تعليقاتهم، وهذا في رأيي – كما قلت الأسبوع الماضي في مؤتمر عرب نت بالقاهرة – سيحل مشكلة “الفيديو حسب الطلب” حيث كان كثير من الناس يفضل مشاهدة التلفزيون على أن يختار بنفسه ما يشاهد من قائمة لأنه لا يريد اتخاذ قرارات ويريد أن يكون جزءا من المجتمع.

الإعلام الاجتماعي سيساعد الناس من خلال معرفتهم بما يشاهده الآخرون أن يختاروا بسرعة من قوائم البرامج، وأن يشعروا بأنهم قريبين مما يشاهده شبكتهم من الأصدقاء على “فيسبوك” أو “تويتر” أو “جوجل بلس”.

أحد التقارير تقول بأن Apple كانت في طريقها السريع لإنتاج جهاز تلفزيون خاص بها في عام 2012، وكان الراحل ستيف جوبز، يطالب فريقه بأسلوب يحل مشكلة الريموت كنترول الذي كان يكرهه لأنه جهاز “غبي”، وكانت هناك أفكار كثيرة إلى أن جاءت الفكرة الأمثل وهي استخدام الأوامر الصوتية في نظام تم تطويره ضمن Apple.

وفاة ستيف جوبز قد تؤخر المشروع ولكن Apple لن تتنازل عنه، حيث تقول أحد الدراسات أنه سيضيف لدخل Apple حوالي 19 مليار دولار سنويا.

GOOGLE من جهتها أعلنت يوم الجمعة الفائت عن نسخة جديدة من نظام (وليس جهاز) Google TV حيث صار أسهل بكثير، وفيه إمكانية البحث المتقدم، بالإضافة لتقديم اقتراحات لما تشاهده بناء على سلوكك السابق، ودعم أفضل لـ”يوتيوب” والتطبيقات (للتفاصيل: google.com/tv).

قبل أسبوعين كنت في فرنسا مع مجموعة من أشهر المتخصصين في مجال التلفزيون الذكي، وكان هناك نوع من الكهرباء التي بعثت حماسا في نفوسهم مع التوقعات الضخمة لنمو أجهزة وبرامج وأنظمة وتطبيقات التلفزيون الذكي ودخولها كل منزل، هناك مليارات الدولارات أمامهم تنتظر منهم الانتهاء من هذا المنتج، لكن القضية الوحيدة التي ستكون التحدي الأكبر لنجاحهم والتي يحاول كل هؤلاء تجاهلها هي ببساطة أن هذه الأنظمة ستمثل تحديا هائلا لأنظمة الكيبل والأقمار الصناعية حول العالم والتي تحقق أيضا مئات مليارات الدولارات من تزويد المنازل بالتلفزيون التقليدي، وهي تملك عقودا قوية وطويلة المدى مع قنوات التلفزيون، وهي ستحاول إجبار القنوات التلفزيونية على “محاربة” التلفزيون الذكي ومقاطعته، مما سيضع ضغطا على قنوات التلفزيون لتقديم المميز حتى لا يقرر الجمهور ترك التلفزيون التقليدي نحو التلفزيون الذكي، أي بكلمات أخرى استبدال القنوات بقوائم البرامج حسب الطلب.

حاليا يوجد ما يسمى بـHybrid TV وهو الذي يجمع بين النظامين سويا، وهناك حلول أخرى، ولكنه على كل حال سيبقى جهاز التلفزيون سيد الموقف متصدرا غرفة الجلوس، ومستعيدا مكانته أمام المنافسة الحادة من أجهزة IPad “وأخواتها”.

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية