لعل أحد أهم أسباب السعادة في الحياة وأسباب النجاح كذلك هو “سيطرة الإنسان على حياته” بحيث تمضي تماما كما يريد، حسب ما يقرر هو، فيعيش حيثما يريد ويتزوج بمن يريد ويبتسم حين يرغب في ذلك ويعمل في الوظيفة وبالطريقة التي تعجبه.
هذا الأمر ليس بالسهل تحقيقه، لأن معناه أن تقفز على الجميع وتفعل فقط الأمر الذي يعجبك متجاهلا كل العوامل التي تجعل الفرد العادي يجامل هذا الشخص وذلك أو يندفع في مسالك الحياة التي لا تعجبه فقط لأنه ليس لديه خيارات أخرى.
سيطرة الإنسان على حياته وإدارة تفاصيلها كما سيتوقع القارئ قد تحصل بالثراء وبالقوة التي تمكن الإنسان من أن يجبر الجميع على مراعاة خياراته الشخصية، ولكنها قد تحصل أيضا بالطريقة المعاكسة تماما التي يتجنب فيها المرء الثراء والقوة حتى يملك تلك القوة، قوة التخلي عما يريده الناس واختيار الطريق الآخر الذي لا يسلكه أحد.
فيما يلي عدد من النصائح التي قد تمكن القارئ من اختيار قرارات أفضل في حياته، وأنا لا أملك الوصفة المثالية “ولا أظن أن أحدا يملكها”، ففي النهاية هي حياتك وأول درس لتحقيق السيطرة على الحياة هي أن تفعل ما تريد أنت وليس ما يمليه عليك الآخرون.
- تميز بالقناعة: أنا أكره القناعة التي تشبه القنوع والخضوع والرضا بالواقع التعيس والكسل، وأعشق الطموح الذي يجعلك تعمل ليل نهار لتحقيق أهدافك في الحياة، ولكن بينما أنت تجري وتحارب وتلهث وراء تحقيق الأهداف، تذكر أنك لن تحقق كل شيء، وقد لا تحقق شيئا، وأن هناك آخرون اذكى منك وأكثر حظا، وقد أنعم الله عليهم بذلك، وعليك فقط أن تبتسم عندما تتذكرهم ثم تمضي في طريقك.
الواقعية في الطموح تجعلك لا تقع فريسة لأعاصير الحياة التي تسحب في دوراتها أولئك الذين يبدؤون طريق التنازلات أملا في تحقيق القوة والثراء.
- تميز بالتواضع: المباهاة والفخر الدائم والمبالغة في الكلمات والكذب في توصيف الذات والتركيز على الإنجازات يضعك دائما تحت ضغط هذه التصرفات ويضطرك لأن تعمل بكل جد لإقناع الناس بأنك تستحق كل ما تصف وتقدم به نفسك.
التواضع هو خير انسحاب تكتيكي من زيف الحياة وسرابها المغري.
- لا تجامل الناس كثيرا: ولكن كن لطيفا جميلا رائعا كما يكون كل من يحسنون السيطرة على مشاعرهم السلبية.
صنف الناس من حولك فهناك من هم أصدقاء عمل يعرفون أنك تلتقيهم لمصالح واضحة، وهناك من هم أصدقاء حياة لا تريد منهم شيئا إلا أن يمنحوك لحظات الإخلاص الجميلة التي تجعل حياتنا ذات معنى، المجاملات وخلط الصداقات هي أسوأ ما يزيف الحياة ويفقدنا السيطرة عليها.
- حدد أهدافك وأمض نحوها: كن ذكيا ماكرا في التملص من كل ما يعيقك أو يشتت تركيزك على أهدافك.
اسأل نفسك دائما مع كل صغيرة وكبيرة: لماذا أفعل هذا الشيء ؟ هل أحتاج لفعل هذا الشيء لتحقيق الهدف ؟ وما هو أقصر طريق لتحقيق أهدافي ؟ وضوح الأهداف يمنعك من الكذب على نفسك وهو أخطر نوع من التزييف ويجعلك قادرا على تقييم مدى نجاحك في تسيير شؤون حياتك كما تريد.
- راجع ما تفعله في ضوء ما تريد الوصول إليه كل يوم: أحيانا نتورط في أعمال كثيرة في حياتنا لا معنى لها وفقدت جوهرها وصارت عبئا علينا أكثر من كونها مفيدة لنا، ونستمر في فعلها لأننا لم نتوقف لحظات لندرك ذلك ونحدث تغييرا رئيسيا في حياتنا.
كثير من الناس يعمل في وظائف ومهن يكرهها وتسبب له الشقاء في حياته ولكنه لا يدرك من ذلك حتى يخرج منها، تسيطر على حياتك عندما تحدد ما هو عملك ومن هم أحبائك ومن هم الذين يحق لهم أن يرافقوك في مسيرة الحياة.
الحياة قد تكون بالإيجار “كما يقول الشاعر الأمريكي”، لا تملك منها شيئا وقد تكون ملكا لك تملك كل لبنة من لبناتها وتحدد مكان كل واحدة منها كما تريد.
أنت تختار، ولو لم تستطع الاختيار فأنت مسكين مصاب مثلك مثل معظم البشر الذين فقدوا التحكم في حياتهم منذ زمن طويل.
ليت لدينا ريموت كنترول للتحكم في الحياة!
* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية