بعد حملة من منظمات حقوق الإنسان وعدد من المؤسسات الإعلامية الأمريكية والآسيوية وعلى رأسها جريدة “نيويورك تايمز” أعلنت Microsoft عن برنامج لمنح رخص مجانية من برامج الكمبيوتر الخاصة بها للجمعيات غير الربحية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإعلام المستقلة في عدد من دول العالم بما فيها روسيا وفيتنام والصين ومجموعة من دول الاتحاد السوفييتي سابقا.
قصة الترخيص المجاني لبرامج الكمبيوتر للجمعيات غير الربحية جاءت كخطوة ذكية لاحتواء غضب مؤسسات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام على Microsoft والذي جاء بسبب هجوم قوات الأمن في روسيا وعدد من دول العالم الأخرى على مكاتب الجمعيات الخيرية والإعلام المعارض بحجة امتلاك هذه الجمعيات لبرامج غير مرخصة قانونيا، ومصادرة جميع أجهزة الكمبيوتر واحتجاز أعضاء الجمعية بهذا السبب، ولأن هذا تم في كثير من الأحيان مع وجود محامي من Microsoft، والذي يرافق عمليات محاصرة وتفتيش استخدام البرامج المنسوخة ضمن حملة Microsoft الضخمة ضد قرصنة برامج الكمبيوتر في مختلف أنحاء العالم.
قرار Microsoft لقي ترحيبا واسعا ضمن جمعيات حقوق الإنسان في الغرب وجمعيات المجتمع المدني في روسيا والصين، ولعله كان من أفضل خطوات “العلاقات العامة” لـMicrosoft التي تعاني من حملات سلبية ضدها في مختلف أنحاء العالم.
هذه القصة أيضا هي مثال واضح كيف يمكن لشركة كبرى، حتى لو كانت شركة لتصنيع برامج الكمبيوتر، جزءا من إشكاليات سياسية في دولة حول العالم، وتضطر لاتخاذ قرار ما بهذا الشأن.
هو أيضا مثال للمشاكل التي أفرزتها العولمة، عندما جاءت الشركات الأمريكية لتدير شؤونها في دول لها نظام قانوني وسياسي مختلف عن النظام الديمقراطي الغربي.
هذه المشكلات بكل تأكيد ستزداد خلال الفترة القادمة مع ازدياد الاهتمام بشركات التكنولوجيا والإنترنت، والوضع الاستراتيجي لهذه الشركات وتداخلها مع أنظمة المعلومات التي تحاول الدول حمايتها لأسباب متعددة.
الطريف في هذا الأمر هو تعليق أحد الكتاب الغربيين على القصة بأن Microsoft بإعلانها عن مبادرتها هذه تنقذ نفسها من أزمة علاقات عامة، ولكنها تعطي فكرة جديدة للأنظمة غير الديمقراطية التي لم تكتشف هذه الفكرة بعد كطريقة للقضاء على المنظمات السياسية والإعلامية والحقوقية غير المرغوب بها.
نحن في عالم تتداخل فيه الحكومات مع الشركات مع مصالح الشعوب في خلطة معقدة واحدة..!
