الشركات والإعلام الاجتماعي: البعد الاقتصادي (2)

من قسم شؤون إعلامية
الإثنين 25 أكتوبر 2010|

في ظاهرة غير مسبوقة من قبل، تحول ما يسمى بالإعلام الاجتماعي Social Media، إلى شيء أساسي على أجندة التسويق والعلاقات العامة لعدد كبير من الشركات الكبرى حول العالم، ويتوقع أن يتطور هذا الاتجاه بسرعة فائقة خلال الشهرين الماضيين مع التخطيط لميزانيات عام 2011 كما أشارت عدد من التحليلات، وهذا الاتجاه يشمل دول العالم العربي إلى حد ما.

خلال الأعوام من 2007 وحتى عامنا هذا تصاعد اهتمام الشركات بالإعلام الاجتماعي، وكان أحد المحفزات الرئيسية لهذا الاهتمام الشعور بأنه في ظل الأزمة الاقتصادية سيكون الإعلام الاجتماعي عاملا مهما في تحقيق النجاح للشركة في أهدافها _ وهي أهداف مالية واستراتيجية _ والتعويض عن ميزانيات التسويق الضخمة التي تم تخفيضها بين ليلة وضحاها.

في عام 2009 جاءت دراسة مهمة قامت بها شركة أبحاث أمريكية Altimeter Group بالتعاون مع عدد من الجهات الأخرى، لتؤكد علميا أن هناك علاقة طردية إيجابية وثيقة الصلة بين الجهود التي بذلتها الشركات على مستوى الإعلام الاجتماعي وبين المؤشرات المالية لهذه الشركات “الدخل / المبيعات أو الأرباح”.

الدراسة تمت على أهم 100 علامة تجارية في أمريكا، وجاءت النتائج صادمة لكل الذين كانوا يعتقدون أن جهود الإعلام الاجتماعي هو مجرد عمل تكميلي في مجال العلاقة مع الجمهور.

المميز في هذه الدراسة أيضا أنها استطاعت وضع طرق لقياس مدى نجاح المؤسسة على مستوى الإعلام الاجتماعي، وكما هو معلوم، فإن هذا من الأساسيات في صناعة التسويق التي لا تحب عمل الأشياء التي لا يمكن قياس نتائجها، كما أنه من الأساسيات في التخطيط الاستراتيجي، ولذا لقيت الدراسة احتفاء في أوساط الأعمال، وستكون مصدرا للكثيرين أثناء التجهيز لخطط عام 2011 وميزانياته.

الدراسة تقول بأن هناك بعدين لتقييم جهود الإعلام الاجتماعي لشركة ما وهي الانتشار والعمق، والمقصود بالانتشار هو عدد القنوات التي يتم من خلالها تنشيط التواصل الاجتماعي “عدد المواقع، عدد الصفحات والمجموعات، عدد طرق التواصل الاجتماعي، الخ”، بينما المقصود بالعمق هو مدى كثافة التنشيط على قناة معينة، وهذا يشمل وجود فريق خاص بالتنشيط، وسرعة التفاعل مع الجمهور، وكيفية التفاعل مع الجمهور “هل هناك رد فعل يتجاوز الرد بالكتابة مثل إجراء تغييرات في الشركة وعلاج المشكلات التي يطرحها الجمهور”، وغير ذلك.

وحسب الدراسة فرغم أن العمق أهم من الانتشار، إلا أن الانتشار ساهم أيضا في تسارع الاهتمام بالعمق لدى الشركات التي اهتمت بالانتشار أكثر من الاهتمام بالعمق.

بناء على ذلك هناك أربع أنواع من الشركات في مجال اهتمامها بالإعلام الاجتماعي:

  1. شركات لديها تفاعل “عميق” مع الجمهور على عدد كبير من القنوات “العمق والانتشار”، مثل “ستاربكس” والتي اعتبرها التقرير أفضل الشركات الأمريكية استخداما للإعلام الاجتماعي، وديل (Dell)، ومما يميز هذه الشركات أنها لديها فريق خاص مخصص للإعلام الاجتماعي، كما أن لديها استراتيجية واضحة “وقد تحدثت الاسبوع الماضي عن تفاصيل استراتيجيات الإعلام الاجتماعي”.
  2. شركات لديها انتشار على عدد كبير من القنوات ولكن بدون عمق “انتشار فقط” مثل أمريكان إكسبرس وهيونداي.
  3. شركات لديها تفاعل عميق “عمق فقط”، ولكن على عدد مختار وقليل من القنوات “أقل من خمسة”، ومن هذه الشركات فيليبس وH&M.
  4. شركات لديها تفاعل محدود على عدد محدود من القنوات “بدون عمق أو انتشار”، ومن هذه الشركات مكدونالد وبريتيش بتروليوم BP، والتي واجهت الأزمة الحادة في أمريكا خلال الأشهر الماضية.

الشركات من النوع الأول حققت أرباحا مالية من حيث الدخل والأرباح أفضل من الأنواع الأخرى، ويليها في ذلك النوع الثاني من الشركات ثم النوع الثالث من الشركات في توافق غريب من الصعب الإيمان بأنه مجرد صدفة، كما هناك تفاصيل دقيقة في الدراسة عن ارتباط المؤشرات المالية بأنواعها بنشاط الإعلام الاجتماعي لشركة ما.

في الأسبوع القادم سأتناول بعض التجارب المميزة للإعلام الاجتماعي بين هذه الشركات، وأتصور أنها ستكون مفيدة للمدراء الذين يفكرون بالاستفادة من هذه التجارب خلال العام القادم.

النتيجة من هذا المقال: الإعلام الاجتماعي هو واحد من العوامل الضرورية لنمو شركة ما من الناحية الاقتصادية البحتة..

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية