لما بدأت ثورة الـ3G وبدأت شركات الاتصالات تعد نفسها للنمو الهائل لاستخدام الناس للإنترنت على أجهزة الموبايل، كانت فكرة “كل ما يمكن أكله” حلا سحريا لجذب الناس للاشتراك في خدمة الإنترنت أو الـ”Data”، حيث باختصار يدفع الشخص مبلغا معينا كل شهر مقابل استخدام الإنترنت بلا حدود، وكان لهذا تأثيره الإيجابي في جذب المزيد من الناس للاشتراك، لأن طرق التسعير الأخرى التي قامت على الدفع مقابل الاستهلاك _ بالكيلوبايت أو الميجابايت _ كانت محيرة للجمهور الذي يعرف ما معنى الدفع بالدقائق للاتصالات الهاتفية ولكنه لا يفهم الدفع حسب استهلاك الكيلوبايت.
هذا النظام أيضا ساعد شركات الاتصالات على تبرير رسوم الاشتراك المرتفعة والتي كان يشتكي الجمهور منها في البداية ولكن خلال فترة قصيرة جدا صار استخدام الإنترنت والاتصال بالشبكة أمرا جوهريا لعدد يتزايد بسرعة من الجمهور بحيث صارت الناس تتقبل فكرة دفع هذه الرسوم مقابل القدرة على استخدام الإنترنت وتطبيقات الموبايل و IPhone و BlackBerry على مدار الساعة.
الآن بدأت الفكرة تتحول إلى مشكلة لكثير من شركات الاتصالات، وذلك ببساطة لأن استخدام الناس للإنترنت على الموبايل تزايد بسرعة هائلة بشكل صارت فكرة “كل ما يمكن أكله” غير اقتصادية وغير مربحة لشركات الاتصالات، فالجمهور صار يأكل أكثر بكثير مما تم توقعه من قبل.
هناك فارق هام بين الإنترنت الذي يصل البيوت وبين الإنترنت عبر الموبايل حيث توجد هناك تكلفة أكبر بكثير لتوسيع طاقة الإنترنت على الموبايل، وذلك فنظام “كل ما يمكن أكله” لم يسبب أي مشكلة على الإطلاق لاستخدام الإنترنت من البيوت رغم استخدام الناس المكثف، ولكن بالنسبة للموبايل فالأمر مختلف.
في الأسبوع الماضي، بدأت شركات الاتصالات تغير من أنظمتها في تسعير الإنترنت على الموبايل، وجاء ذلك بشكل خاص بعد الانتشار السريع لأجهزة iPad في أمريكا، والذي نتج عنه ازدياد سريع في استخدام الإنترنت على الموبايل، وظهر ذلك مع إعلان عملاق الاتصالات AT&T عن إلغاء أنظمة الاستخدام غير المحدود للإنترنت على الموبايل، ووضع حد أقصى للاستخدام “15 دولار شهريا لاستخدام 200 ميجابيت، و25 دولار شهريا لاستخدام 2 جيجابيت، و10 دولارات لكل جيجابيت إضافي”، وأحدث ذلك ضجة هائلة في أمريكا لأن AT&T هي الموزع الحصري في أمريكا لأجهزة iPhone.
شركة AT&T دافعت عن نفسها بأن هناك 2% من المستخدمين الذين يزداد معدل استخدامهم عن 2 جيجابيت، وهؤلاء يسببون بطئا للشبكة بشكل عام، وأن النظام الجديد هو لصالح عموم المستخدمين ذوي الاستخدام المعتدل.
شركات الاتصالات العربية تواجه نفس المشكلة وهي تدرس حلولا مشابهة، مما يعني أن النمو السريع لاستخدام الإنترنت على الموبايل سيواجه عقبات تقلل من مستوى نموه.
الحل العالمي هو المزيد من استخدام الـWi-Fi “الإنترنت اللاسلكي”، بحيث يمكن استخدام تطبيقات الموبايل عبر الإنترنت اللاسلكي وليس شبكة الجيل الثالث.