خريطة «المزاج القومي» لحظة بلحظة..!

من قسم الثورة الرقمية
الأربعاء 28 يوليو 2010|

وفعلها أخيرا علماء الكمبيوتر، واستطاعوا أن يوجدوا وسائل لتحويل كم “الدردشة” الهائل الذي يتم عبر مواقع الشبكات الاجتماعية إلى معطيات لتحليلها وفهم المزيد عن الجمهور الذي “يدردش” على مدار الساعة، ليخرجوا بشيء أستطع تسميته بـ”خريطة المزاج القومي”.

العلماء من كلية علوم الكمبيوتر والمعلومات بجامعة نورث إيسترن بولاية إلينويز الأمريكية وأطباء من كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية قاموا بتأسيس نظام كمبيوتر استعرضوا من خلالها 300 مليون رسالة _ في ثلاث سنوات من 2006 إلى 2009 _ تم تداولها عبر موقع “تويتر”، ليحددوا مدى نسبة السعادة لدى الأمريكيين في مختلف ولايات أمريكا، وساعة بساعة، يوما بيوم، ليكونوا بعدها خريطة للمزاج القومي (National Mode).

معظم النتائج العامة تقريبا مفهومة، فالناس أكثر سعادة في أيام العمل الأسبوعية في الصباح الباكر وفي آخر المساء، ووجدوا أن الولايات الساحلية أكثر سعادة من ولايات الوسط، وولايات الغرب _ كاليفورنيا وجيرانها _ أكثر سعادة من ولايات الشرق، ووجدوا أن السعادة أكثر في أيام الإجازة الأسبوعية لتصل قمتها يوم الأحد صباحا _ الإجازة في أمريكا هي السبت والأحد _ بينما تأتي قمة التعاسة مساء الخميس قبل آخر يوم من أيام العمل.

هذه الدراسة ليست الدراسة الأولى من نوعها التي تحاول تحليل محتوى موقع “تويتر”، والذي يبدو أنه أكثر جاذبية للدراسات والأبحاث من أي موقع آخر على الإنترنت، وهذا ما دفع مكتبة “الكونجرس” لعقد اتفاقية مع “تويتر” لحفظ كامل نص الموقع _ الذي لا يحدده أصحابه على أنه سري _ في أرشيف مكتبة الكونجرس منذ تأسيس الموقع.

الدراسة أعلاه قد لا تبدو في غاية الأهمية، ولكنها تفتح الباب من خلال النظام الذي تم تأسيسه لاختبار “المزاج القومي” نحو أشياء كثيرة، لأن هذا النظام يقوم على أساس تغذيته بقاموس معين يحدد ما هي الكلمات التي تدل على السعادة والكلمات والتعابير التي تدل على التعاسة، والأمر نفسه يمكن تطبيقه على أي موضوع، فيمكن وضع قاموس لإيجاد خرائط للأفكار، ومستوى المحافظة والليبرالية، والميول السياسية، والميول الدينية والعقائدية، وغيرها. هذه القواميس ليست جديدة على الأبحاث الأمريكية فمنذ الثمانينات الميلادية والعلماء الأمريكيين يختبرون قواميس تستطيع تحليل النصوص، وتم وضع هذه القواميس في برامج كمبيوتر في التسعينات الميلادية، وعلى سبيل المثال، تقوم هذه البرامج بتحليل محتوى جريدة ما، أو تحليل الخطابات الانتخابية لشخص معين، وهكذا.

الجديد هنا هو ربط هذه البرامج بمواقع الإنترنت، بحيث تقوم بتحليل ما يقوله الجمهور على مدار الساعة، وإعطاء نتائج عامة تأخذ في الاعتبار المكان، وربما معلومات أخرى عن الجمهور مثل الجنس والعمر، وهي معلومات تطلبها كثير من المواقع أثناء التسجيل بها.

هذا النوع من التحليل موجود حاليا في أنظمة ضخمة لتحليل حالة الطقس والمناخ حيث يتم توريد كميات هائلة من المعلومات، لتقوم هذه الأنظمة بتحليلها واستنتاج حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام القادمة.

إن روعة التكنولوجيا أنها استطاعت خلق ثورة في المعلومات والاتصال بين الجمهور، والقدرة على تحويل هذا الاتصال إلى نتائج وخرائط على مدار الساعة أمر له نتائج لم يسبق للإنسانية أن حصلت عليها بهذا الشكل من التفصيل، ومن يدري فقد يصبح لدى محطات الأخبار قريبا نشرات لحالة الناس ومزاجهم وأفكارهم كما أن لدينا نشرات للطقس والمناخ..!