«فيسبوك» يمنع كلمة «فلسطيني»..!

من قسم شؤون إعلامية
الإثنين 02 أغسطس 2010|

كانت مفاجأة للكثيرين وخاصة جماعات حقوق الإنسان الأمريكية عندما اكتشف فجأة أنه لا يمكن خلق صفحة على موقع “فيسبوك” فيها كلمة “فلسطيني”.

هذا الأمر سبب خلال الأسبوع الماضي حملة إلكترونية قادتها جمعية أمريكية مهتمة باللاجئين الفلسطينيين، والتي اكتشفت الأمر لما أرادت خلق صفحة عن الجمعية ولم تتمكن من ذلك، وكانت نتيجة الحملة إيجابية فقد سمحت “فيسبوك” بالأمر، وتم خلق الصفحة وإزالة كلمة فلسطيني من قائمة الكلمات الممنوعة والتي تضم كلمة “نازي” وكلمة “القاعدة”.

هناك عدة أمور تثير الشبهات حول موقع “فيسبوك” وتضعه في دائرة الاستفهام ليس أقلها انتماء مؤسسي الموقع مارك زكربيرج ودستن موسكوفيتز للأصول اليهودية، وليس آخرها وجود ارتباطات للموقع من الناحية الاستثمارية بشركة in-Q-tel وهي شركة تكنولوجية أسستها الاستخبارات الأمريكية CIA وذلك لخدمة الاحتياجات التكنولوجية لوكالة الاستخبارات الأمريكية، والتي قد لا تهتم بها عادة شركات التكنولوجيا الأخرى، أو تريد الـCIA احتكار هذه الاختراعات والإنجازات التكنولوجية خاصة بها دون غيرها.

هذه الارتباطات سببت حملات إلكترونية عديدة ضد “فيسبوك” والذي كان دائما مثيرا للجدل، ولعل السبب الأكثر إثارة للجدل والغضب لدى الجماهير في الغرب هو سياسة “فيسبوك” التي يوقع عليها كل مسجل في موقع “فيسبوك” تعطيه الحقوق غير الحصرية وغير القابلة للإلغاء لاستخدام المعلومات التي تنشر على صفحة “فيسبوك” _ بما في ذلك الصور والمقالات والمعلومات الشخصية _ بأي شكل من الأشكال بما في ذلك الاستخدامات التجارية، حتى أن هناك عدة إشارات في تاريخ “فيسبوك” تؤكد أن بيع هذه المعلومات ستمثل مصدر الدخل الأهم للموقع.

قبل أسبوعين أعلن “فيسبوك” أن لديه حاليا 500 مليون مشترك، وهذا يحوله إلى “ثالث أكبر دولة في العالم” _ بعد الصين والهند، وهو الأمر الذي يشير من ناحية للتأثير العالمي الضخم لموقع “فيسبوك”، وهو تأثير قد يكون الأوان قد فات لتغييره لصالح أي موقع آخر، ومن ناحية أخرى يشير إلى حجم المعلومات التي يملكها الموقع عن حوالي 20% من مستخدمي الإنترنت في أنحاء الكرة الأرضية.

هذه يشير لقضية هامة تحدثت عنها عدة مرات في السابق وهو كون هذه المواقع العالمية “فيسبوك، يوتيوب، وغيرها” ستمثل وبلا شك النواة المستقبلية لنسبة عالية من النشاط الإنساني المعلوماتي والإعلامي والاتصالي، وعندما تكون هذه السيطرة الإعلامية والمعلوماتية لمواقع تملكها دول أخرى أيا كانت هذه الدول فهذا يمثل خطرا استراتيجيا ضخما، لأن أي من هذه المواقع قد يصدر أي سياسة تجعله يقف مع طرف دون طرف آخر في أي معركة يختار الموقع أن يكون جزءا منها.

لهذا السبب، تدعم الصين المواقع الصينية المحلية، والأمر نفسه ينطبق على الهند واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا وألمانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وغيرها، لأن أيا من المواقع حول العالم لن يستطيع منافسة الآلة الأمريكية الضخمة التي تتمتع دائما باستثمارات هائلة إلا إذا حصل على دعم حكومي يمكنه من الاستثمار في تلك المواقع.

لهذا السبب أيضا على الدول العربية والإسلامية أن تفكر بنفس الطريقة، وأن تستثمر في المواقع العملاقة ومواقع الشبكات الاجتماعية، وتعطيها الصلاحيات والدعم الذي يمكنها من النجاح على المستوى المحلي على الأقل، وذلك حتى تتمكن هذه الدول من الحصول على بعض التأثير في ما يحصل على شبكة الإنترنت، والتي تنتقل بسرعة لتكون أكثر وسائل الإعلام تأثيرا في حياة الناس على الإطلاق.

في السابق، كان الناس يتكلمون عن تأثير وكالات الأنباء الغربية والإعلام المباشر في تدفق المعلومات في العالم العربي، وحصلت جهود حكومية عربية متعددة لمناقشة هذه القضية، والبحث عن حلول لها.

الآن قد تغير الأمر، لأن الناس في العالم العربي صارت تهاجر إلى مصادر المعلومات الغربية من خلال ارتباطها بالمواقع الغربية _ ذات الترجمة العربية في كثير من الأحيان _ بينما الجميع يتفرج دون أي قدرة على إيقاف هذه الهجرة الجماعية..!

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية