«المواطن الرقمي» جاهل ..!

من قسم الثورة الرقمية
الأربعاء 04 أغسطس 2010|

هناك مصطلح انتشر في النقاشات الخاصة بالإعلام الجديد وهو مصطلح “المواطن الرقمي” (Digital Natives)، والذي يطلق على أولئك الذين نشئوا والتكنولوجيا المعلوماتية والرقمية من حولهم، ونموا والإنترنت واللابتوب جزء من حياتهم، كما يطلق على الأجيال الجديدة التي تدرس ضمن أنظمة تعليمية تجعل الإنترنت والكمبيوتر جزءا لا يتجزأ من تحصيلهم العلمي والمعلوماتي.

كان هناك اعتقاد شائع دائما أن المواطن الرقمي سيكون مختلفا عن أولئك الذين نظروا للإنترنت كاختراع جديد، وكان عليهم أن يبذلوا جهدا للتأقلم معه وإدخاله في حياتهم، وكان دائما يدور حديث أن الأجيال الجديدة ستكون أكثر ذكاء وقدرة وتعودا على التعامل مع التقنية مقارنة بتلك الأجيال التي جاء الإنترنت إليها ضيفا جديدا في أول أيام نشأته، بينما حياتهم مرتبطة بالأصل بأساليب التعليم والإعلام الكلاسيكية من الكتاب إلى المجلة إلى الإذاعة والتلفزيون.

ولكن الأبحاث العلمية الأخيرة، وبالذات دراسة ظهرت الأسبوع الماضي عن جامعة “نورث ويسترن” الأمريكية، تقول بأن المواطنين الرقميين لا يقلون جهلا عن أجيالهم السابقة بل إن ثقتهم غير المحدودة بالإنترنت جعلتهم أكثر جهلا، فمثلا لجأ كثير من طلاب الجامعات الذين يستخدمون الإنترنت منذ أن كانوا في المرحلة المتوسطة إلى موقع جوجل (Google) للبحث عن معلومة معينة، ولجأوا للمعلومة الأولى في البحث ليدرجوها في أبحاثهم دون البحث عن مصدر المعلومة أو حتى معرفة اسم الموقع الذي تم أخذ المعلومة منه.

لما سأل هؤلاء الطلاب من أين حصلت على هذه المعلومات ؟ كان الجواب: لا أدري، بحثت عنها عبر جوجل (I googled it).

السبب الرئيسي وراء ذلك هو الثقة غير المحدودة لهؤلاء الطلاب بآلية ترتيب نتائج البحث لدى جوجل، وأن المعلومة التي ستظهر أولا هي الأكثر انتشارا والأكثر مصداقية.

حتى أولئك الطلاب الذين بحثوا عن اسم الموقع واسم المؤلف الذين كتب المعلومة أثناء البحث _ والذين لا تزيد نسبتهم عن 10% _ لم يبالوا بأن يبحثوا عن مدى مصداقية المؤلف أو الموقع أو معرفة ما إذا كان المؤلف يستحق الاعتماد عليه في البحث.

هذا يشير إلى ظاهرة خطيرة وهي “نسيان المصدر” حين تصبح المعلومات المتطايرة في كل مكان ذات وزن واحد لأبناء ثورة المعلومات، بغض النظر عن مصدرها، مما يعني أن موثوقية الإعلام والمعلومات ستذهب إلى الحضيض في ظل هذا التجاهل للمصدر.

هذا الأمر لا يختلف عن العالم العربي حين تسأل كثيرا من الناس عن مصدر المعلومة ويقول لك “وجدتها على الإنترنت”، دون أن يعرف أي شيء عن مصداقيتها.

جيل الإنترنت يحتاج لأن يتعلم أبجديات التعامل مع المعلومات، ومناهج التعليم تحتاج لأن تنظر لهذه القضية بجدية حقيقية..