أفرز تقدم شبكة الإنترنت مواقع “الواقع الافتراضي” والتي تمنحك القدرة بالأبعاد الثلاثة على الاندماج في مجتمع افتراضي إلكتروني متكامل، تتعرف فيه على الأصدقاء، وتمارس فيه التجارة ومختلف الهوايات، وربما تقضي فيه كل وقت فراغ ممكن.
هذا الواقع الافتراضي والذي يعتبر أحد أهم أمثلته موقع “الحياة الثانية” secondlife.com، كان موضوع مقال الأسبوع الماضي، حيث شبهت فيها هذه المواقع بكوكب إلكتروني آخر ينتقل إليه الشخص وينفصل فيه عن عالمه الحقيقي بشكل لم يكن يتخيله الناس قبل عدة سنوات فقط.
لكن مواقع “الواقع الافتراضي” Virtual Reality، لديها مشكلة هائلة تمنعها من التمدد والانتشار في الدول المحافظة والمهتمة بفرض الآداب العامة ومراقبة مواقع الإنترنت لأن الرقابة على هذه المواقع شبه مستحيلة.
المراقبة هنا لا تشمل فقط الدردشة _ أو الحديث المباشر بين الأشخاص المتواجدين في المجتمع الافتراضي _ وإن كان هذا أيضا تحد كبير تغض معظم أجهزة الرقابة في العالم العربي النظر عنه لأنه واحد من المناطق التي يصعب التحكم فيها _ مثل البريد الإلكتروني _ ولكن هناك ما هو أبعد من ذلك بكثير، ففي المجتمع الافتراضي، يختار الشخص من خلال رسم ثلاثي الأبعاد شخصيته التي ستمثله في المجتمع الافتراضي، وأمامه خيارات كثيرة لتمثيل الشخصية، وبعض هذه الخيارات سيثير تساؤلات الناس بشكل عام.
في بعض أمثلة المجتمع الافتراضي، يمكن للأشخاص لعب القمار أو المشاركة في مشاهد غير مقبولة أو التمشي على الشاطئ، وهذه الأمور ستتطور في المستقبل بلا شك، حتى يصبح المجتمع الافتراضي مليئا بالتمثيل ثلاثي الأبعاد لكل ما ينفر منه الناس ويبحث عنه مرضى النفوس مما قد لا يتيسر لهم في الحياة الحقيقية.
قد يقترح البعض بأن الحل هو منع هذه المواقع كما تمنع المواقع الأخرى، ولكن هذا الحل قد لا يكون عمليا إذا عرفنا أن هذه المواقع تتمدد بسرعة هائلة لتصبح جزءا لا يتجزأ من عالم الإنترنت كما هو شأن موقع “فيسبوك” أو غيره، وذلك ليس على سبيل قضاء وقت الفراغ فقط بل حتى عالم التجارة الإلكترونية بأنواعه سيشهد نقلة سريعة إلى تكنولوجيا الواقع الافتراضي خلال السنوات القليلة القادمة.
في تحليلي للأمور أظن أن الحل سيأتي على يد المواقع الافتراضية نفسها حيث ستكون هناك نسخ متعددة أو حدود جغرافية افتراضية، بحيث تكون هناك أنظمة وقوانين متكاملة لكل نسخة، وبحيث تختار أجهزة الرقابة الإلكترونية للدول النسخة المتناسبة معها حتى يمكن للجميع أن يكون جزءا من هذه النقلة التكنولوجية العملاقة.
الكوكب الإلكتروني الجديد قد يحتاج حكومة!
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية