أحد الأسئلة التي يتداولها الناس كثيرا حول الإنترنت هي كيفية الاستفادة المثلى منه بشكل هادف ومفيد للمجتمع وللآخرين.
هذا السؤال طبيعي جدا لسببين:
- الأول: أن نسبة جيدة من الناس بدأت تقضي وقتا طويلا على الإنترنت وخاصة في “التواصل الاجتماعي” عبر مواقع الشبكات الاجتماعية والمنتديات وغرف الدردشة وغيرها، وهؤلاء الناس ترتادهم الهواجس فيما إذا كان هذا ينبغي أن يجير لعمل فيه فائدة بدلا من مجرد قتل الوقت.
- والثاني: لأن الإنترنت يبهرك بإمكانياته ويجعل تحلق متخيلا كل ما يمكن فعله من خلال العالم الافتراضي.
لعل أفضل استفادة ممكنة من الإنترنت ودوائره الاجتماعية هي أن يبدأ الإنسان بفكرة أو قضية أو تخصص معين أو هواية شخصية ويحاول بناء مجتمعه الافتراضي الصغير حولها بحيث يكون فاعلا في هذا المجتمع ليحقق الأهداف التي يريدها.
ولذا فإن البداية هي أن يتم تحديد الهدف الشخصي وتحديد هوية أعضاء المجتمع الافتراضي الصغير الذي يريد أن يشاركه في تحقيق هذا الهدف، ثم يبدأ في البحث عنهم في ثنايا وشوارع العالم الافتراضي.
لنفرض مثلا أن فتاة تريد أن تخلق مجتمعا افتراضيا صغيرا للفتيات في مرحلتها العمرية الذين يشتركون في هواية قراءة الكتب المتخصصة في تربية الأطفال وذلك حتى تستفيد من انطباعاتهم وخبراتهم وتحصل منهم على الدعم والتشجيع للاستمرار في هوايتها والاستفادة منها بالشكل الأمثل.
لن تجد هذه الفتاة خيرا من المجتمع الافتراضي لصناعة دائرتها الصغيرة واستقطابهم وتبادل الحوار معهم وبناء العلاقات الاجتماعية مع من تميل إليه منهم، وذلك حتى لو كانوا متوزعين جغرافيا في عدة دول حول العالم.
هذا المثال يمكن أن يتكرر في أمثلة كثيرة ومتنوعة، وهي بذلك تصنع مجتمعا افتراضيا فيه الكثير من الخير والتركيز على الإنجاز والاستفادة من الوقت الإضافي والاستمتاع بالحياة، وبشكل يزيد مثالية وإنتاجية بكثير عن عالمنا الحقيقي.
وفي الحقيقة فإن هذا الأمر قد أصبح له مؤسسات استشارية كثيرة جدا تعتني به، كما اهتمت به الأمم المتحدة ومؤسساتها واهتمت به عدد من الحكومات حول العالم، حيث يبدو أن الجميع الآن يرى في الإنترنت وسيلة لبناء مجتمع آخر موازي للمجتمع الأصلي ولكن أفضل منه.
العالم الافتراضي فيه إمكانيات رائعة لنشر الأفكار وبناء العلاقات الهادفة، وذلك إذا تجنبنا بعض عيوبه ومنها أننا نكتب ونحن نواجه شاشة كمبيوتر في الحقيقة وليس وجها بشريا مليئا بالمشاعر والأحاسيس، ولكن ما نكتبه يقرأه العالم كله.
أرجو أن يبقى العالم الافتراضي مكانا للخير والمثالية، ونترك الشر لأولئك الذين يعيشون فقط على الأرض!
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية