هناك رسم كاريكاتيري أمريكي انتشر بشكل واسع على الإنترنت يصور مرشح الرئاسة الأمريكية، جون ماكين، وهو ينحت على الصخر رسالته إلى الشعب الأمريكي.
هذا الرسم هو تعبير من الرسام ومن “شعب الإنترنت” عن السخرية من مرشح رئاسي لا يعرف استخدام الإنترنت ولا البريد الإلكتروني، وبالكاد يفهم طبيعتهما حسب ما تؤكد شواهد حواراته الصحفية.
بالمقابل، هناك باراك أوباما، كمرشح رئاسي أدهش العالم بقدرته على استخدام الإنترنت والتكنولوجيا في دعم حملته الانتخابية، حتى اعتبرته عدد من مراكز الأبحاث كمثال نادر من نوعه وجدير بالدراسة المتأنية، بل إن أحد الخبراء قال بأن جون كندي، كان أول رئيس فاز بالرئاسة لأنه “فوتوجينيك”، أي يحسن التعامل مع الكاميرا، ولو فاز أوباما فسيكون أول رئيس يفوز لأنه “ويب جينيك”، أي يحسن التعامل مع الإنترنت.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا يعتبر هذا الموضوع مهما ؟ لماذا يهم الشعب الأمريكي أن يكون الرئيس ملما بالتكنولوجيا ولديه فريق من المساعدين والخبراء والباحثين الذين يديرون مثل هذه الأمور ويشرفون على كل اتصالاته، بل إن التكنولوجيا قد تتحول إلى “انشغال” لرجل يفترض أنه يرسم مستقبل أقوى دولة في العالم، فضلا عن إدارة التفاصيل هي عادة من عمل الوزراء وليس عمل رؤساء الدول ؟.
هناك مئات النقاشات على الإنترنت حول هذا الموضوع بالذات لتحليل مدى صلاحية جون ماكين للرئاسة إذا كان هذا وضعه، يقول أحد المعلقين الشباب: لا أعرف كيف يمكنك أن تعيش وتصنع قرارات دولة إذا كنت لا تضع الكمبيوتر أمامك لـ”تجوجل” _ أي تبحث عبر موقع جوجل _ كل كلمة تسمعها، ربما لهذا السبب كان ماكين، يقترف أخطاء فادحة في السياسة الدولية!
أما الأكاديميين الذين يهاجمون ماكين فلديهم رأي آخر أكثر عمقا حيث يقولون بأن العالم اليوم يعتمد على التكنولوجيا إلى درجة أن أي صانع قرار لا بد أن يتخذ قرارات تشريعية وتنفيذية كثيرة لها علاقة بالتكنولوجيا في عالمنا ويفترض أن يعرف الرئيس الأساسيات التي تمكنه من اتخاذ هذه القرارات، لا بد أن يفهم ماذا يعني ما يحصل من حوله، وخاصة أنه يتوقع حدوث عدة ثورات تكنولوجية صغيرة خلال السنوات الأربع القادمة.
لقد خسر الرئيس جورج بوش، الأب الانتخابات في عام 1992، وكانت أحد الإعلانات الهجومية عليه التي أثرت عليه صوره وهو يتعجب من جهاز الكاشير في السوبرماركت لأنه يستطيع قراءة السعر إلكترونيا، أو لأنه لم يستطع استخدام بطاقة فتح بوابة الدخول إلى محطة القطار، وهي الإعلانات التي برهن من خلالها منافسة بيل كلينتون، أن بوش الأب، غير مطلع على تفاصيل حياة الناس اليومية.
أيا كان الرأي نحو أهمية فهم الإنترنت لرئيس أمريكا، فإنه من المؤكد أن العالم بدأ يعتبر الجهل بالتكنولوجيا أمرا سلبيا لا يمكن التسامح معه في كل الأحوال على الأقل بالنسبة لمدراء الشركات وأساتذة الجامعات والموظفين الحكوميين.
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية