ركن «الإنترنت» – الحلقة العاشرة

من قسم الثورة الرقمية
الإثنين 12 أكتوبر 1998|

إذا كنت من الكثيرين الذين يظنون أن أولئك الذين يتعاملون مع الكمبيوتر هم من واسعي الأفق والعقلية المقتدرة فأنت هذه المرة مخطئ.

الدليل علي ذلك بعض رسائل البريد الإلكتروني التي تدل على سطحية وسذاجة غير منتظرة من مسلم متعلم.

كل أسبوعين أو ثلاثة أجد في صندوق البريد الإلكتروني رسالة بعنوان «رسالة من السعودية»، هذه الرسالة تمثل تلك القصة القديمة عن خادم مزعوم لقبر الرسول، عليه أفضل الصلاة والتسليم، اسمه الشيخ أحمد، الذي ادعى، حسب ما تقول القصة، بأنه شاهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، على الحقيقة، وعلمه الرسول، عليه الصلاة والسلام، كلمات يعلمها للناس من يكتبها وينسخها ويوزعها يحصل له كل خير يحلم به، بدءًا من وعد الرسول، عليه الصلاة والسلام، بدخول الجنة هو وأولاده، وانتهاء بالحصول على عمل ومال كثير، ومن يكتمها ولا يوزعها تنهال عليه المصائب من حيث لا يدري، بدءًا بالحرمان من مغفرة الله، تعالى عما يقول المشركون علوًا كبيرًا، وانتهاء بالموت خلال 10 أيام.

سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، حفظه الله، رد على هذه الرسالة وما فيها من ادعاءات شركية مخالفة لأصول الإسلام منذ أكثر من 15 عاما، وكان في رده يشير إلى أن القصة قديمة.

هذه القصة تطورت مع عصر الكمبيوتر، فلم يعد مطلوبا منك أن تنسخ القصة بخط اليد 13 مرة، بل أن تستخدم خاصية التحويل في البريد الإلكتروني لتحول الرسالة نفسها لعناوين من تعرف.

بعض نصوص الرسالة تجعل الشيخ أحمد المزعوم، قد شاهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، في المنام، بعد أن قرأ القرآن ليلة الجمعة ونام.

الغريب ليس أن هناك من يرسل هذه الرسالة في البداية، لأن هناك دائما أناس تغلغلت في قلوبهم مثل هذه الممارسات الشركية الساذجة، إلا أن الغريب أن هذه الرسائل تذهب في كثير من الأحيان لطلبة مسلمين في تخصصات علمية دقيقة وفي جامعات مرموقة في الولايات المتحدة وأوروبا مثلا ثم تجدهم يسارعون في تحويل هذه الرسائل تفاديا لتلك المصائب التي ستأتي من وراء تجاهل أوامر الشيخ أحمد.

فيما يلي مختصر سريع لرسالة الشيخ أحمد، يدعي أن الرسول، عليه الصلاة والسلام، قال له:

«شيخ أحمد، هذه الجمعة مات ستة آلاف شخص لم يدخل أحد منهم الجنة، النساء لم تعد تطيع أزواجها، والمؤمنون الذين آتاهم الله المال لم يعودوا يساعدون الفقراء، والناس لا تؤدي الحج كما وصفته له، والمسلمون لا يؤدون صلاتهم في أوقاتها دعك من كيفية أدائهم لها.
شيخ أحمد، أخبر هؤلاء المسلمين أن هذه الرسالة تأتي منك، وعليهم أن يكتبوا منها نسخ كثيرة ويعطوها لغيرهم من المسلمين في العالم».

ثم يطالب الشيخ أحمد، في الرسالة بسؤال الله تعالى المغفرة كل إثنين، وتوزيع 20 نسخة من الرسالة على المسلمين.

احتفظت بعدد كبير من هذه الرسائل التي وصلتني تحمل نفس النص وكأنها تكمل دورتها كل فترة لتصلني باستمرار.

فيما يلي أمثلة للعبارات التي جاءت مع تحويل الرسالة:

  • «الأن فقط استلمت هذه وأعتقد أنها مهمة جدا لنا جميعا أن نقرأها».. عائشة.
  • «حولها إنها فعلا تستحق».. سهيل.
  • «هذه مهمة جدا لك خاصة».. طارق.
  • «عندي شك عن صحة هذه الرسالة ولكن ما المانع من تحويلها».. هدى.
  • «إلا الشيخ أحمد، يزعل منا.. حولها وريحني».. موه.
  • «سبحان الله.. الدين يسر»!!.. عزام.
  • «أشك في محتوى هذه الرسالة، ولكنها تفيد على كل في التفكير في معاصينا».. فادية.
  • «عظيم جدا».. سمهر.

من بين كل هذه الرسائل لدي رد وحيد ضد صحة هذه الرسائل كتبتها طالبة بجامعة هارفارد الأمريكية، اسمها عائشة موسى.

كما قلت بعض هؤلاء طلبة في أرقى التخصصات العلمية، أليس مؤلما أن يكون هؤلاء خبراء في أجزاء دقيقة من العلم وهو جاهلين بما يجب من الدين بالضرورة.

الإنترنت بقدر ما هو مفيد في توعية الناس بالإسلام فهو يكشف عوارهم وجهلهم بالدين، وقد يكون يوما وسيلة سهلة للخرافيين والقبوريين لترويج شائعاتهم، هذا حاصل حاليا من خلال عدد من الصفحات الخاصة بالفرق الصوفية المتطرفة.

ومن يدري فقد نجد يوما صفحة على الإنترنت لقبر أحد الأولياء يدخل فيها القبوريون إلى القبر من خلال فأرة التحكم ويدفعون ما يدعونه تقربا للولي ببطاقة الائتمان، وربما يشاهدون فيلما حيا للقبر، نسأل الله المعافاة.

أخيرا بقي أن أقول إن مثل هذه الرسائل والتي تسمى بمصطلح البريد الإلكتروني «رسائل السلاسل»، والتي يطلب منك مرسلها أن تحولها لآخرين منتشرة كثيرا وتصل باستمرار لمن لديهم صناديق البريد الإلكتروني، أحد الرسائل وصلتني بالأمس وتطلب مني أن أحول هذه الرسالة لأكبر عدد من الناس، وأن شركة Microsoft، قد طورت برنامجا سريا خاصا يستطيع الإخبار بسير خط الرسالة، وستعطي جوائز لأكثر 50 شخص يحولوا هذه الرسالة لأشخاص ومجموعات نقاش.

بالطبع هذه فقط رسالة سلسلة، وهذا النوع من الرسائل ممنوع في العديد من الجامعات والشركات التي تشرف على خدمة البريد الإلكتروني وربما عاقبت مرسلها.

……………………………………………………………….

إذا كانت حرب البوسنة قد هدئت على أرض الواقع، فإن الأمر ليس كذلك أبدا على ساحات الإنترنت.

في مجموعة نقاش خاصة بالجمهوريات اليوغسلافية السابقة على الإنترنت، هناك دائما نوع من أشد ما يمكن أن تجد من القتال الكلامي القاسي الذي لا يهدأ.

الصرب يعتقدون أن الحرب مبررة، وأن المسلمين أصلا غرباء عن الأرض، وأن البوسنويين بالغوا إعلاميا في تصوير ما حدث، وأنهم فعلوا بالصرب مثل ما فعلوا بهم، بينما المسلمين يدافعون ويهاجمون الصرب، وكل هذا النقاش ممزوج بأشد ما يمكن أن يتخيله شخص من الشتائم والمسبات، بعضها مضحك لما ترى فيه من محاولة طرف القضاء على طرف آخر، إلا أن نظام الكمبيوتر يمنعه من فعل شيء، وبعضها مُبكي حين ترى الصرب يعيرون المسلمين بفتياتهم المغتصبات أو حين تراهم يهاجمون بينما المسلمين لا يستطيعون إلا المزيد من الشتائم والسباب.

مثل هذه المجموعة تخبرك تماما أن حرب البوسنة ستترك آثارها لسنين طويلة، وقد تصحو في أي حين لتدمر من جديد.

أحد الأشياء الغريبة أن أحد الصرب في المجموعة، والذي كان جنديا ضمن الجيش الصربي، قال إنه التقى بضابط إسرائيلي كان قد قاتل في حرب 1967، وأن هذا الضابط جاء لصربيا لتدريب الجنود على كيفية استعمال سلاح جديد أمدتهم به إسرائيل، وهذا الضابط الإسرائيلي نفسه قال للجنود إن المسلمين يصعب تدميرهم بقتل أفرادهم، وأن الأسهل تدميرهم معنويا بالممارسات الشنيعة مثل الاغتصاب وغير ذلك.

أحد المشاركين من الصرب، قال إنه لا يظن أن هذا الضابط إسرائيلي، وإنما أوروبي يحمل جنسية مزدوجة أوروبية وإسرائيلية، لكن الشخص الأول رد عليه بأنه متأكد أن الضابط إسرائيلي وأن السلاح جاء من إسرائيل.

إياك أن تذهب لقراءة رسائل هذه المجموعة فربما لا تتحمل قراءة أحاديث بعض الصرب عن ذكرياتهم من معسكرات الاغتصاب الجماعية، إنه أمر يقطع نياط القلب وقد يملأ فمك بالشتائم.

……………………………………………………………….

واحدة من الصفحات الإسلامية الرائعة على الإنترنت صفحة خاصة بالاقتصاد الإسلامي.

الموقع الذي يحمل اسم «شبكة البنوك والتمويل الإسلامي»، يتضمن مئات الصفحات التي تمثل رحلة اقتصادية تنتهي بقارئها برصيد غير قليل من المعلومات عن الاقتصاد الإسلامي.

على الموقع معلومات أولية للذين لا يعرفون الكثير عن الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية في العالم ونموها السريع والإحصائيات المرتبطة بها، والتي كتبت بلغة متناسبة مع القارئ المسلم وغير المسلم.

على الموقع أيضا تفاصيل برنامج تدريب دولي حول الاقتصاد الإسلامي، وهو ثلاثة أجزاء، الجزء الأول منها مجاني تماما، وإذا قرر المتعلم إكمال دراسته للبرنامج فإنه يدفع رسوم الجزء الثاني والثالث “مجموعها 300 دولار للمتخصصين و120 دولار للطلاب”.

هذا البرنامج هو الأول من نوعه على الإنترنت في مجال الاقتصاد الإسلامي، وربما كان الأول من نوعه بين الصفحات الإسلامية والذي يعتمد على مبدأ «التعلم عن بعد».

وسيعتمد البرنامج على إرسال المواد المطلوب دراستها بالبريد الإلكتروني، ثم مناقشتها بشكل مستمر من خلال البريد الإلكتروني مع عدد من كبار الأكاديميين في مجال الاقتصاد الإسلامي مثل د. رودني ويلسون، أستاذ الأقتصاد بجامعة دورهام البريطانية، نائب رئيس الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، مؤلف عدة كتب معروفة في مجال الاقتصاد الإسلامي، ود. ناظم علي، رئيس مركز جامعة هارفارد الأمريكية للاقتصاد الإسلامي، ود. أحمد الأشقر، أستاذ الاقتصاد بجامعة بايسلي البريطانية، مؤلف مجموعة كبيرة من الكتب والمقالات، ود. مالكولم هاربر، أستاذ الاقتصاد والإدارة بجامعة كرانفيلد البريطانية، صاحب عدة كتب في الاقتصاد الإسلامي، ومحمد أكرم خان، مؤلف عدة كتب في الاقتصاد الإسلامي في باكستان، وغيرهم في أستراليا والهند.

البرنامج بدأ في 21 أغسطس 1998، ويستمر لمدة 18 أسبوع مقسمة لثلاثة أجزاء، يستمر كل جزء منها لـ6 أسابيع.

أيضا على الموقع عشرات البحوث الكاملة في مجال الاقتصاد الإسلامي والتي يمكن إنزالها على جهاز الكمبيوتر أو طبعها، وبالتالي الاستفادة منها مباشرة.

على الموقع أيضا متابعة يومية لأسعار الأسهم في عدد من البورصات حول العالم الإسلامي، مثل بورصة السعودية، والأردن، وماليزيا، وإندونيسيا، وتركيا، والكويت، والبحرين، وباكستان.

الطلاب والباحثين في مجال الاقتصاد الإسلامي سيجدون قاعدة معلومات لطيفة حول علماء الاقتصاد الإسلامي والجامعات التي لديها برامج في مجال الاقتصاد الإسلامي حول العالم.

هناك أيضا على الموقع مداخل لصفحات عدد من مؤسسات الاقتصاد الإسلامي، مثل بنك التنمية الإسلامي بجدة، ومجموعة البركة بجدة، والبنك الإسلامي بماليزيا، ومجموعة البنكيين الماليزيين والعرب، وبنك راكيات بماليزيا، وبنك المعاملات بإندونيسيا، ومؤسسة «أمانا» بأمريكا، و«فيلكا» للاستثمار بأمريكا، ومجموعة أبرار بماليزيا، وMSI بأمريكا، والمستثمر الدولي بالكويت، وشركة تكافل للتأمين بأمريكا، وبنك مصر، وغيرها.

صاحب هذا الموقع هو د. محمد عبيدالله، الأستاذ بأكاديمية إكسافير للإدارة بالهند، ويقول بأنه يستهدف بموقعه هذا الباحثين والبنكيين والاقتصاديين وصانعي السياسيات الاقتصادية وطلاب الاقتصاد.

* نُشر في جريدة المسلمون الدولية