هناك نقاش عالمي متعدد المحاور حول استخدام التكنولوجيا في التعليم وخاصة أن هذا يتطلب استثمارا ضخما من جهة المؤسسات التعليمية ومن طرف الآباء والطلاب، كما أن هذا يعني تغيير بنية العملية التعليمية من عدة أوجه حتى يمكن الاستفادة بشكل أمثل من التكنولوجيا في المدارس.
لكن عوامل عديدة ساهمت في حسم الجدل لصالح التكنولوجيا، فانخفاض أسعار الكمبيوترات المحمولة “اللابتوب”، وظهور أنواع بجودة مميزة وبأسعار مقبولة جدا _ بما فيها مشروع الأمم المتحدة لإنتاج لابتوب تعليمي تكلفته 100 دولار فقط _ وانتشار تكنولوجيا الإنترنت اللاسلكي بأسعار منخفضة والتجارب الناجحة جدا لاستخدام الكمبيوتر في الفصل الدراسي ابتداء من الصف الأول الابتدائي كلها تضافرت خلال فترة قصيرة لتغير وجهة نظر الرافضين للدخول السريع للكمبيوتر في عالم التعليم.
في الولايات المتحدة واليابان وعدد كبير من دول العالم يوجد “لابتوب لكل طالب”، وتحولت بيئة الفصل إلى بيئة “لاورقية”، فالطلاب يحلون واجباتهم عبر الكمبيوتر ويدرسون عبر الإنترنت، ويتواصلون مع المدرسة والمدرسين عبر الإيميل والمسنجر، ويقدمون عروضهم المدرسية في الفصل عبر برنامج البوربوينت، كما يساهم الآباء في العملية التعليمية من خلال الدخول لموقع المدرسة والاطلاع على تقييم المدرسين لأبناءهم والبرنامج الدراسي وربما حتى رؤية كاميرا حية من الفصل الدراسي.
البعض قد يرى في هذه العملية أمرا مكلفا، ولكن لو أجريت بعض الحسابات البسيطة لربما اكتشفت غير ذلك، فالأسر في يومنا هذا تستثمر عبر ثلاث سنوات في الأدوات الدراسية والقرطاسية بأنواعها بما يزيد عن سعر اللابتوب الذي يغني عنها جميعا، كما أن الدولة تستثمر في الكتب الدراسية والكتب الخاصة بالمدرسين ودفاتر التحضير مبالغ هائلة سيغني عنها وجود لابتوب في يد المعلم، ونشر تلك الكتب على الإنترنت.
إن صدور قرار بنشر أجهزة الكمبيوتر المحمول في المدارس بشكل إجباري _ كما حصل في الإمارات العربية المتحدة _ سيساهم في انتشار الأجهزة بأسعار رخيصة، وخاصة تلك الأجهزة التي يوجد فيها المواصفات التي يحتاجها الطالب فقط دون الزيادات الكثيرة التي تزيد في السعر.
هل تستحق التكنولوجيا والكمبيوترات كل هذا الجهد والتضحيات ؟.
الجواب بلا شك هو نعم، وهذا أثبتته البحوث على العملية التعليمية في مختلف أنحاء العالم، فالكمبيوتر في يد الطالب يساهم في زيادة إنتاجيته وقدرته على التعلم واستمتاعه بالعملية التعليمية كما يساهم في تحضيره للمهارات الأساسية التي يحتاجها كل إنسان في الحياة العملية التي تعتمد على التكنولوجيا أكثر فأكثر كل يوم.
لكن فعالية التكنولوجيا الحقيقية تتطلب بالفعل تغييرا جذريا وعميقا في العملية التعليمية، التي ينبغي أن تبتعد عن الاعتماد على الحفظ والتلقين وكتابة الواجبات حيث تبدو الحاجة لهذا محدودة جدا في عالم ثورة المعلومات و”جوجل” والإنترنت إلى عملية تعليمية تعتمد على المهارات العملية وعلى المشاريع الصغيرة التي يستهلك فيها الطالب طاقته الإبداعية وقدرته على البحث عن المعلومة الصحيحة ووضع كل هذا على شكل حل لمشكلة معنية يقدمها له المدرس كل يوم.
التكنولوجيا ليست الحل ولكنها ستجبر المدارس على الحل!
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية