رحلة اكتشاف أعماق محيطات الذات!

من قسم منوعات
الأربعاء 10 سبتمبر 2008|

يسافر الناس لاكتشاف البلاد والعوالم من حولهم، وقد يغوصون في المحيطات وقد يصعدون إلى الفضاء أو يتسلقون قمم الجبال، ولكن رحلة الاكتشاف الصعبة التي يواجهها كل شخص منذ طفولته إلى آخر حياته هي اكتشاف أعماق ذاته، والتي تكاد تبدو كبحر لا قاع له، أو كمغارة محيرة بكهوفها وسراديبها وسكونها المطبق.

الكثيرون يظنون أنهم يعرفون أنفسهم حق المعرفة، ولكنهم أحيانا إذا عادوا إلى أنفسهم وقضوا معها بعض اللحظات الصادقة، تصيبهم الحيرة المزعجة، والتي غالبا ما تنتهي بأن يشغل الإنسان نفسه هربا من الأسئلة الصعبة.

لو أحيانا استمعنا بإنصات مخلص لكيف يصفنا الناس من حولنا لتفاجأنا لأنهم يبدون وكأنهم يصفون شخصا آخر غير الذي نعرفه.

ويتفاوت الناس حسب الدراسات النفسية في قدرتهم على معرفة أنفسهم، ما يسمى بالوعي بالذات، ويتفاوت الناس في قدرتهم على إعادة اكتشاف ذاتهم، حيث ينقسم الناس إلى أنواع ثلاثة بدرجات متفاوتة، نوع يحاول دائما اكتشاف وإعادة بناء ذاته بناء على الملاحظات التي يسمعونها من الآخرين، أو من خلال مقارنة شخصياتهم بشخصيات الآخرين من حولههم، أو من خلال مقارنة سلوكهم برأي المجتمع في هذا السلوك عموما.

النوع الثاني من الناس لا يستفيد من هذه العوامل لأن لديه درجة ضعيفة من الوعي بالذات أو درجة ضعيفة من التحكم بالشخصية والسلوك، والنوع الثالث لديه ثقة عالية بشخصيته، ولديه هوية ذاتية قوية تمنعه من التأثر بالعوامل الخارجية ولا يبالي كثيرا بالنقد أو بالفارق بينه وبين الناس.

كيف تكتشف نفسك؟ ما هي أدوات رحلة الاكتشاف؟ كيف نخوض أعماقنا ونفهم أنفسنا ونتصل بالعمق الحقيقي لها؟

أحد علماء النفس يقترح ثمان أدوات لاكتشاف النفس الأصلية بعيدا عن شوائب الحياة اليومية والمكياج المزيف الذي نمنحه لأنفسنا كل يوم في التعامل مع الآخرين. هذه الأدوات هي:

  • اقرأ روايات، “فهي خير طريقة لمعرفة كيف يشعر الآخرين من خلال الدخول إلى عقولهم، وهو مما يساعدنا على تمييز هويتنا الخاصة”.
  • التأمل والاسترخاء، لأن هذا يمنحنا نوعا من السعادة ليس له علاقة بالعوامل الخارجية وما نحصل عليه، وهذا يساعد على الاتصال بالنفس وفهم ما يشعرها بالسعادة والراحة والاكتفاء.
  • التروي في اتخاذ القرارات، من خلال القناعة التامة بأن كل ما نفعله في الحياة قائم على خيارات شخصية نقررها كل يوم، وعلينا دائما أن نختار ما يسعدنا ويتوافق مع إرادتنا الذاتية.
  • لا تتروى أكثر من اللازم، فالتفكير الطويل في القرارات وكثرة الحسابات قد تفسد علينا أنفسنا، اتبع حدسك، فالحدس الأصلي والانطباع الأولي يمثل نفسك العميقة.
  • أغلق بابك، وامنح نفسك الكثير من الوقت الخاص بك، والهدوء الذي يساعدك على الغوص في أعماق ذاتك.
  • في نفس الوقت، ابق على اتصال قوي بالمجتمع، لأن المجتمع يساعدنا على فهم أنفسنا من خلال مقارنة سلوكنا وطباعنا بسلوكيات الناس وشخصياتهم. الحياة الاجتماعية هي تمدد لحدود الذات!
  • اسمح لنفسك باللهو واللعب، خذ درسا للرسم تعبر فيه عن نفسك، العب رياضة، افعل شيئا استمتع به، اجلس مع أصدقاء تستطيع الاسترخاء معهم.
  • كن جاهزا للخسارة، فالذين يريدون الفوز دائما يفقدون أنفسهم، ويصبحون أسرى لضغوط الحياة من حولهم، ولذا لا بد من الاستعداد للهزيمة كل يوم.

كن متواضعا أمام عظمة الحياة. تعلم منها كل يوم. كن منفتحا لتعلم الجديد منها. كن مستعدا لتهذيب نفسك. آمن بالناس من حولك. اعرف أخطائك وامنح لنفسك القدرة على الخجل من قصورك. لا تضع رقيبا على ذاتك يمنعك من تجربة الحياة من حولك. عش اللحظة بكل أبعادها. ثق في خبرتك الخاصة وحدسك لتحديد ما تفعله. آمن بالإبداع واجعله جزءا أساسيا من حياتك. تحدى عاداتك اليومية وابحث عن التغيير. حاول أن تفرق بين الالتزامات وبين ما لك الخيار فيه.

وعش الحب كل يوم، فالحب أكبر تحدي يوقظ كل خلايا الروح النائمة!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية