وعندما تحقق المرأة ذاتها!!

من قسم منوعات
الأربعاء 14 نوفمبر 2007|

في الأسبوع الماضي كتبت مقالا بعنوان “عندما يتصل الرجل بجانبه الأنثوي”، وكان يناقش النظريات التي تتحدث عن أن الإنسان يجب أن يبحث عن تحقيق ذاته، وناقشت في هذا السياق نظرية هامة لدى الغربيين والتي تنادي بالبحث عن الصفات الإيجابية للجنس الآخر والاقتراب منها.

جاءتني الكثير من ردود الأفعال على المقال والتي تشير بحق أن هناك بحث عميق لدى الإنسان العربي عن ذاته، هو يريد أن يكون من يحب أن يكون، ولكنه لا يعرف أحيانا بالضبط ما يريد، وأحيانا لا يستطيع تحقيق ذلك بسبب الضغط الاجتماعي أو بسبب الظروف المادية والعائلية.

أحد الردود جاءتني عبر الإيميل من قارئة أنقل كلماتها الجميلة كما هي لأنها معبرة عن شعور في غاية الأهمية:

“جميل أن يكون الإنسان ذاته كما ذيلت مقالتك، عندما يتصل الرجل بجانبه الأنثوي، ولكن كم هو صعب تحقيق الذات.. ولا أعرف إذا كان ذلك متاحا خصوصا للمرأة في مجتمعنا الذكوري. كثيرا ما أعيش صراعا مع محيطي لأثبت ذاتي كامرأة تعتز بأنوثتها، وإنسانة تريد إثبات قدرتها في العمل والدراسة، وتعمل على التغيير و التأثير في مجتمعها.. فالآخر “الرجل” ينظر إلى أنوثتي باشتهاء، ويجادل عقلي باستعلاء، ويقيم عملي باستهزاء، فأعيش في حيرة وارتباك.. إذا تكلمت بالسياسة و قضايا المجتمع، فانا متكلفة وبعيدة عن طبيعتي الانثوية.. وإن واصلت دراساتي العليا، إذن أنا دميمة وبعيدة عن الرقة والأناقة.. ولو تابعت مباراة كرة قدم، أو تفاعلت مع حدث رياضي، أطلقوا علي وصف مسترجلة.. مع أن الأنوثة طبيعة وليست تهمة، روح وسلوك، وليست زخرفة وزينة تعجب الرجل.. ولا تناقض بين العقل والأنوثة، والأناقة ليست عدوة العلم، والرياضة ليست صنو الرجولة.. أتمنى ان يترسخ ذلك في عقل الرجل الشرقي، ليحقق كل منا ذاته وليتكامل مع الآخر في بناء المجتمع”.

هذا الوصف التفصيلي لواقع المرأة في عالمنا العربي يرسم شكلا من أشكال التحدي الاجتماعي الهائلة لتحقيق الذات، ولكن هذه المشكلة المتمثلة في الصراع الأبدي بين السيطرة الذكورية وبين المرأة ليست خاصة بالعالم العربي بل هي عامة في مختلف أنحاء العالم، والمجتمع الأنثوي حاول حل هذه المشكلة بطرق عديدة سواء عن طريق إيجاد أنظمة وقواعد تفرض على الرجل احترام المرأة، أو من خلال الحراك السياسي والثقافي الداعي لمساواة الرجل بالمرأة، أو عن طريق العمل على ترقية المرأة لنفسها بحيث تستطيع أن تواجه هذا الضغط الاجتماعي لشخصيتها وأنوثتها في تصرفاتها اليومية دون أن تؤثر على محاولاتها لتحقيق ذاتها.

رأيت عددا من الكتب التي تتحدث بشكل جميل عن ثقة المرأة بنفسها وبشخصيتها وأنوثتها وانطلاقها غير آبهة بالتحدي الذكوري من حولها، وهي وصفة تكاد تكون مناسبة للمرأة العربية التي تعودت على أن تقف خائفة حذرة مرتبكة أمام الرجل العربي الذي قد يحاصرها بكل الطرق.

أنا أرى أن هذا من أهم الحلول لتحقق المرأة ذاتها، وإن كان هذا يحتاج لحد أدنى من الأنظمة والقوانين التي تحمي تلك المرأة إن قررت أن تقارع الرجال وتتحدى قيودهم الوهمية، وهذا موجود في عدد محدود من الدول العربية بكل أسف.

أوبرا، صاحبة البرنامج الأمريكي الشهير تصدر مجلة شهرية تعتبر أحد أشهر المجلات الأمريكية النسائية اسمها O، وهو الحرف الأول من اسمها، والمجلة هي من أروع المجلات التي تناقش هذا الموضوع بشكل شهري من خلال التركيز على المرأة في جوانبها اليومية، والمجلة تباع في عدد من المكتبات العربية _ لمن يتقنون الإنجليزية _ وهي وجبة مميزة للمرأة التي تريد تحقيق ذاتها وأنوثتها.

من المؤكد أن أوبرا، تتحدث عن هذا الموضوع بشكل شهري لأنها أحد الذين واجهوا التحدي، فهي ليست امرأة فقط، بل امرأة سوداء في مجتمع البيض، وكانت سمينة وتنتمي لطبقة فقيرة، ثم استطاعت أن تواجه التحدي وتنطلق في مسيرة رائعة جعلتها من أشهر الناس في العالم ومن أغنى النساء في أمريكا، وحققت نجاحها من خلال برنامجها الذي يعالج التحديات التي واجهتها هي كامرأة من خلال مجلتها، ومن خلال البرنامج الأخير الذي تملكه وهو برنامج ريتشل راي الموجه للنساء الأصغر عمرا من عموم جمهور أوبرا.

في مجتمعنا العربي العديد من النساء الذي كافحوا وحاولوا تحقيق ذاتهم وانطلقوا يبحثون عن الطريق إلى القمة، وهؤلاء يستحقون التكريم والإعجاب، وقبل ذلك، يحتاجون لمن يدرس حياتهم ويحولها لتجربة تقتدي بها النساء العربيات.

لا بأس أن تحلم المرأة بأن تكون كأوبرا ولا بأس أن تحاول!!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية