عندما يتصل الرجل بـ«جانبه الأنثوي»

من قسم منوعات
الأربعاء 07 نوفمبر 2007|

“الاتصال بالجانب الأنثوي” Connecting with the feminine side، هي عبارة شهيرة شائعة في المجتمع الغربي، وتتحدث عن الرجل الذي يبذل جهدا لاكتساب بعض الصفات التي تصنف عادة من الصفات الأنثوية وليس من الصفات الذكورية وأشهرها البكاء عند الحزن والتعبير عن مشاعر الضعف والشوق والخوف بكل شفافية ووضوح مع الآخرين والحديث عن الذات وغير ذلك من الصفات.

النظرية التي تقف وراء هذه العبارة هي أن الإنسان يتكون عادة من مجموعة من الصفات الذكورية والصفات الأنثوية، إلا أن المجتمع يعلم الذكور أن يحرصوا على الصفات الذكورية ويهربوا من الصفات الأنثوية، كما يعلم الإناث العكس، وهذا يشمل الأمور الجوهرية كما يشمل الأمور البسيطة مثل الألوان التي يحبونها والملابس التي يلبسونها وحتى طريقة الكلام والتعبير وغيره.

هذه الصفات تتكامل مع بعضها _ حسب هذه النظريات _ لتخلق الإنسان السوي، وذلك لأن الإنسان ولد من أب وأم، يرث من الأب نسبة عالية من الصفات الذكورية ونسبة قليلة من الصفات الأنثوية، بينما يرث من الأم نسبة عالية من الصفات الأنثوية ونسبة قليلة من الصفات الذكورية.

هذه النظريات تشجع الرجل أن يبحث عن بعض “الصفات الأنثوية” التي يرونها مهمة للرجل ولكنه يهرب منها عادة بسبب طباعه ومحاولته الظهور بالشخصية الصلبة والقوية والشجاعة في كل وقت، ومن أهم هذه الصفات القدرة على الحديث عن الآلام والمخاوف إلى حد البكاء.

بالنسبة لنا في العالم العربي يبدو هذا الكلام مثيرا للضحك والاستهزاء وربما الاشمئزاز أحيانا، فنحن نرى بشكل حاد أن الرجل رجل وأن المرأة امرأة وأي اختلاط في الصفات يمثل “اضطرابا في الشخصية”، وهذه الرؤية نفسها موجودة أيضا عند قطاع لا بأس به من المجتمع الغربي كذلك، الذي ما زال يضحك من الرجل “الحساس” و”الرقيق”.

لذلك جاءت نظريات أكثر اعتدالا، تحدثت عن المفهوم نفسه وهو الاتصال بالجانب الذكوري “للفتيات” والاتصال بالجانب الأنثوي “للذكور” ولكنهم أوجدوا قائمة مختلفة لما أسموه بالصفات الذكورية والصفات الأنثوية.

الذكر حسب هذه النظريات “أكثر عقلانية”، مباشر، عملي، واثق من نفسه، يريد تنفيذ الأمور حسب ما يراه هو، بينما الأنثى أكثر إبداعا، اكثر انتباها للتفاصيل، أسرع بديهة، ذات مشاعر أجمل وأغنى وأعمق، ومع اهتمام أفضل بالمستقبل وتأثر أعمق بالماضي.

مع إيجاد هذه التعديلات، والتي ركزت ببساطة على ميزات الرجل وميزات المرأة وطالبت الرجل بمحاولة اكتساب المرأة وطالبت المرأة باكتساب ميزات الرجل، صارت عبارة “الاتصال بالجانب الأنثوي” أكثر منطقية وقبولا من الإنسان الغربي العادي، وكتب لها الانتشار الواسع والسريع.

ولكن بعض الأبحاث العلمية جاءت لاحقا لتثبت أن لمحاولة الإنسان من تغيير صفاته ليعبر الضفة إلى الجنس الآخر له آثار سلبية على بعض الناس، فمثلا وجد الباحثون أن النساء الذين يحاولون أن يكونوا شخصية إدارية قوية وواثقة من نفسها وعملية، باحثة في ذلك عن جانبها الذكوري، كثيرا ما تفقد التوازن وتصبح متشددة في علاقاتها مع الآخرين وحادة مع النساء والرجال في آن واحد، وغير قادرة على الحصول على السعادة، كما وجد أن الرجل الذي يتعمق في عواطفه ويكثر البكاء يصبح غير عملي على الإطلاق ويفشل القدرة على النجاح في الحياة.

بشكل ما أثبتت هذه الدراسات أن جزءا من نجاح الإنسان يتضمن من تحقيقه لصفاته الأصلية وعدم السعي لتعديلها بقدر ما يحاول أن يطورها ويجعلها مميزة وقادرة على الوصول به إلى أهدافه وإلى السعادة.

الإنسان سعيد عندما يحقق ذاته أيا كانت!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية