عندما يريد شخص ما “رجل أو امرأة” اتخاذ قرار الزواج بشخص آخر، فإن السؤال الثاني الذي سيخطر بالبال بعد سؤال الانجذاب العاطفي هو السؤال عن مميزات الشخص الآخر وعيوبه، وكيفية موائمتها لرغبات وأمنيات وأحلام ومميزات وعيوب من يريد اتخاذ القرار.
معظم الناس يميلون للشخص المشابه لهم، فالرجل يحلم بالمرأة التي تكمل جملته التي بدأها، وتفهم مقاصده قبل أن يشرحها، وتكون متوائمة كل التوائم مع أسرته ومحيطه الاجتماعي، والمرأة تحلم بالرجل الذي يقرأ تعابير وجهها فيعرف مقصدها، والرجل الذي تفخر به أمام أسرتها، ويحب طبخها ولا يميل إلا لسحنتها ولون بشرتها وشعرها.
ليس ذلك فحسب، بل النسبة الأعلى من الناس تطرب وتنجذب عاطفيا كلما زاد التشابه بينها وبين الطرف الآخر، والنسبة الأعلى من الناس عندما ترى اختلافا كبيرا بينها وبين الزوج أو الزوجة في الميول والرغبات تعتبر هذا إنذارا أحمر وعاملا دافعا للاكتئاب ومؤشر فشل في العلاقة العاطفية.
لكن هناك أناس آخرون مختلفون تماما، يرون التشابه أمرا مملا ولا يعطي للعلاقة الزوجية بعدها الجميل.
هؤلاء وإن كانت نسبتهم أقل بكثير يريدون أن يتعلموا الجديد من خلال حياتهم الزوجية ويخوضوا عوالم جديدة وربما يتعلمون لغات جديدة، وهم عادة من النوع الذين يحبون المغامرة ولا يبالون كثيرا بالقبول الاجتماعي لهم.
كثير من هؤلاء يقع في الحب ويرغب في المرأة التي يريد الزواج بها أو ترغب هي في الرجل، ولا يبالون بأنهم مختلفين عنهم في العرق أو الجنسية أو الدين أو اللغة أو العادات أو الميول والأهواء. العاطفة هي فقط من يرسم الطريق لهم.
وفي بلد مثل أمريكا، فيه الكثير من التنوع، صارت هذه قضية يتساؤل عنها الباحثين المعنيين بقضايا العلاقات الزوجية والعاطفية، والسؤال الذي يطرحونه عادة: أيهم أنجح، العلاقات التي تقوم على التماثل “التشابه” أو التكامل “الاختلاف بحيث تكون صفات كل طرف غير موجودة عند الطرف الآخر مما يكون سببا للتكامل”؟
أو بطريقة أخرى، عندما تقود أقدار الدنيا الرجل والمرأة إلى اتخاذ قرار الزواج وهم يرون الاختلاف فيما بينهم، يتساؤلون هل سينجح الزواج أو أن هذا الاختلاف سيمثل حاجزا حقيقيا في الفترة اللاحقة بشكل يؤدي للطلاق.
جواب الدراسات العلمية على هذه الأسئلة من خلال دراسة طويلة المدى للحياة الزوجية للأزواج المتماثلين والأزواج المتكاملين _ وهي عبارة تلطيفية للأزواج المختلفين _ ومراقبة تطور العلاقة ومصيرها وهل انتهت للطلاق والصعوبات التي تواجههم في حياتهم الزوجية وصلت للنتيجة التالية:
“الزواج المتكامل ممتع أكثر وأجمل، والأزواج المختلفين يستمتعون بحياتهم الزوجية أكثر ولا يشعرون بالملل بسرعة، وتبقى مشاعر الحب متقدة بينهم لفترة أطول، ويتمتعون باحترام متبادل أفضل، ولكن بشرط واحد، وهو أن يبذلوا الجهد اليومي اللازم لتجاوز الاختلاف والاستمتاع به”.
من جهة أخرى، الأزواج المتماثلون لديهم حياة زوجية أقل إمتاعا، ولكن من السهل الحفاظ عليها ولا تحتاج الكثير من الجهد اليومي لضمان استقرار الحياة الزوجية.
الدراسات حاولت تحديد الجهد المطلوب في الحياة الزوجية بطريقة كمية، والمقصود هنا بالجهد هو ما يبذله الزوج أو الزوجة يوميا من أنشطة للحفاظ على ود الطرف الآخر ومشاركته حياته وتفهم معاناته وتلمس احتياجاته ومنحه الحنان والأمان.
الأزواج المتكاملون يحتاجون للكثير من هذه الجهود للحفاظ على زواجهم مقارنة بالأزواج المتماثلين، ولكن عندما يبذلون هذه الجهود تكون حياتهم أكثر متعة وسعادة..
النتيجة بالطريقة العربية البحتة، إذا كان الزوج أو الزوجة لهم “مزاج” و”رايقين” و”رومانسيين” ومستعدين للانتباه للطرف الآخر طول اليوم، فإن اختلافهم يمنح الحياة بهارات إضافية ويجعلها أكثر ثراء، أما إذا كان الزوج والزوجة “غير فاضيين” وليس لهم “مزاج” ويريدون حياة سهلة تمضي سلسة دون الكثير من التعب فإن التماثل هو الضمان الأفضل لهذه الحياة السهلة، والاختلاف سيكون سببا للمصاعب وربما الانفصال لاحقا.
الذين لا يتعبون من أجل الحب، لا يستحقون ميزاته الإضافية ..!
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية