الزواج بلا خلافات سينتهي بـ«الطلاق»!!

من قسم منوعات
السبت 10 يونيو 2006|

“أحد أهم خبراء العالم في الطلاق” هو لقب يطلق على باحث أمريكي لديه مركز أبحاث متخصص في الزواج والطلاق في ولاية كولورادو الأمريكية، وقد حصل على هذا اللقب ببساطة لأنه حقق نسبة 90% في توقع حصول الطلاق في المستقبل لأسرة معينة، أي أنه في حال تمكنه من مراقبة أي أسرة لمدة ساعة والحديث مع الزوج والزوجة على انفراد، فإنه يستطيع أن يتوقع ما إذا كانوا خلال خمس سنوات سيكونون سويا أو مفترقين، وذلك مهما بدت السعادة على محياهم ومهما أكدوا أنهم يمضون أجمل أيام عمرهم وأنهم سيبقون ويموتون معا، ومن خلفهم ذرية الأطفال الذين سيحملون العهد من بعدهم.

هذا الباحث لا يستخدم التنجيم طبعا، بل هو يركز أبحاثه على فهم المؤشرات التي تدل على أن الأسرة تمر بمرحلة حرجة، وذلك ببساطة حسب ما يقول لكي يمكن لهذه الأسر أن تعالج هذه المشكلات في وقت مبكر بشكل وقائي لتمنع حصول “انفجار المشكلات” ثم الطلاق لاحقا.

في أحد أبرز الدراسات التي قام بها هذا الباحث على مدى عشر سنوات، تم إحضار مئات الأسر المتطوعة ووضعها تحت كاميرا فيديو للمراقبة، ثم طلب منهم العمل كزوج وزوجة على حل مجموعة من المشكلات والألغاز، وبناء بيت من المكعبات، وغير ذلك.

بعد التمرين والذي يستمر لمدة أربع ساعات، يلتقي الباحث بالأسرة، ويسمع منهم ليتأكد من استنتاجاته عنهم، يسجل توقعاته بشكل سري، ثم يعطيهم بعض النصائح لتنمية حياتهم العاطفية.

خلال السنوات، يتم الاتصال بهذه الأسر، فقط لمعرفة ما إذا كانوا ما زالوا متزوجين بلا طلاق، وبعد خمس سنوات تماما يتم مقارنة توقعات الباحث السرية بالحال الفعلية للأسرة، والتي كانت صحيحة في 90% من الحالات التي درسها.

لماذا يتم الطلاق ولماذا لا يتم؟

المؤشر الأهم الذي استنتجه الباحث هو أساليب “إدارة الخلافات الزوجية” Marital Conflict Management، حيث يقول بأن الأسر تعالج خلافاتها بأربع طرق رئيسية:

  • الأولى: الحوار، حيث يتم مناقشة المشكلة، ويقدم الزوج فيها حججه وتقدم الزوجة حججها، ويستمر الحوار حتى ينتهي بالإقناع، بمعنى أن الطرفين يشعرون بقناعة بأن هذا أفضل حل للمشكلة، طبعا هذا لا يعني أن الحوار موضوعي وعقلاني في كل الحالات، فقد يكون أحد الزوجين “أشطر” من الثاني في النقاش، ولكن في النهاية يخرج كلاهما مقتنعين وسعداء بالنتيجة.
  • الطريقة الثانية لمعالجة المشكلات: ممارسة السيطرة، حيث يكون أحد الزوجين أقوى شخصية من الآخر، فيصدر أوامره أو تصدر أوامرها ويتم تنفيذ المطلوب بدون نقاش، لأن نتائج النقاش ستكون وخيمة وحادة على الطرف الضعيف!!
  • الطريقة الثالثة: الصراع، وهنا ينسى الطرفان الموضوع الرئيسي، ويبدأ السباب وربما الضرب والانتقام والصراخ، وبعد فترة من الغضب، تعود المياه إلى مجاريها مع نسيان القضية الأصلية التي تم الخلاف من أجلها.
  • الطريقة الرابعة: الانسحاب، حيث يتجنب الزوجان النقاش، أحدهما يتظاهر بالنوم والآخر ينشغل بهاتفه، أو يبدآن بالحديث عن موضوع مختلف، ويتجاهلان الموضوع تماما، وذلك لأن أحد الزوجين مقتنع بأن النقاش “غير مجدي” أو سيجعل المشكلة أكبر، وأحيانا تريد الزوجة النقاش فيهرب الزوج، والعكس ممكن كذلك.

هذا لا يعني انتهاء المشكلة، فغالبا تتم الفضفضة مع الأصدقاء والشكوى الدائمة من الطرف الآخر.

حسب هذه الدراسة التي قام بها الباحث، تعتبر الطريقة الأولى هي أفضل طريقة تحافظ على الكيان الزوجي، وفي الغالب يكون الزوجان بعيدان عن شبح الطلاق، وهي عموما الأقل حدوثا في علاج المشكلات.

الطريقة الثانية والثالثة يأتيان بعد ذلك كحلول شائعة للخلافات، وفيها تزيد نسب الطلاق، وإن كانت الطريقة الثانية أفضل من الثالثة في إبعاد شبح الفراق بين الزوجين.

أسوأ الطرق على الإطلاق، والتي تنتهي بنسب عالية من الطلاق، و”الطلاق السيء” بالذات والذي ينتهي بالعداوة الشديدة ورغبة الانتقام على حساب الأبناء ومصالح الطرفين هي الطريقة الرابعة، وذلك ببساطة لأن الغضب والأحقاد تتجمع في العقل الباطن، ثم تخرج في دفعة واحدة على شكل انفجار لا يمكن للشخص أن يتحكم فيه، ويجد نفسه منطلقا في تدمير حياته وحياة من حوله كاستجابة لهذا الانفجار الداخلي.

عندما تشاهد بعض العينات التي قام الباحث بدراستها،  سترى أن الأسر التي تبدو هادئة ليس بينهم نقاش ولا خلاف ولا أوامر، كلما اختلفوا أدار أحدهم رأسه وانشغل الثاني بنفسه، هي الأٍسر التي تنتهي كثير من علاقاتها بالطلاق عبر السنوات.

الدرس الأساسي الذي سيقدمه الباحث أن خير طريقة لبناء حياة زوجية سعيدة هي التعامل مع المشكلات بجدية، الحديث حولها، التفكير فيها بصوت مرتفع، ولا بأس بشيء من الغضب والصراخ والأوامر الحادة، فبدونها ستكون النتيجة هي “الانفجار”!!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية