لو أصبحت وزيرا فسوف.. !

من قسم منوعات
الأربعاء 04 أكتوبر 2006|

هناك اختبار بسيط جدا يسمح لك بسبر أغوار نفسك والتعرف على طموحاتها وكيف ستتصرف لو انقادت لك الأيام وانفتحت لك أبواب الحظ.

عندما تكون مسترخيا نفسيا ومرتاح البال تخيل نفسك وزيرا لأي وزارة تروق لك، ثم اترك أحلام اليقظة تقودك، تخيل كيف ستدير الوزارة، كيف ستتعامل مع أصدقاء الأمس، ما الذي ستغيره، كيف ستتحدث مع الموظفين، كيف ستتعامل مع من سيعارض، ما هي الأمور التي تحققها بسرعة. 

إذا وجدت نفسك تفكر في الكرسي وأنت تتخيل ما يأتي معه من حظوظ وقوة وقدرة على التنفيذ واحترام من الناس و”وجاهة” وغير ذلك فأنت من النوع الذي إذا سيطر، لعب “الكرسي” بعقله، ومن النوع الذي يستمتع بفارق القوة بينه وبين الآخرين، وهو واقع نسبة لا بأس بها من المسؤولين العرب الكبار.

أما إذا قادك خيالك لما ستحققه في الوزارة لمصالح الناس، وكيف ستطور بلدك، واستبد بك الحماس حتى صرت تتكلم بصوت مسموع وأنت تتخيل الإنجاز بعد الإنجاز، ودارت في ذهنك صور الناس السعداء بتحسن واقعهم على يديك، ورأيت نفسك تعمل ليل نهار لتساعد كل من يمكنك مساعدته، فأنت حسب تعريف كتب “الأخلاقيات الوطنية” العالمية.. مواطن صالح!

المواطن الصالح هنا هو من تأسره “الخدمة العامة”، أي خدمة الجمهور والقيام بمصالحهم، أيا كان موقعه سواء كان وزيرا أو كان شخصا متطوعا يوزع الأكل على الفقراء، وهو الشخص الذي يكون قادرا على أن يركز على “البزنس”، ولكنه بدلا من ذلك يؤثر مصالح الناس على حياته مقنعا نفسه بأن المال شيء ثانوي، وأن حياة متواضعة في خدمة قضيته خير له حياة ثرية أنانية.

هذا المعنى الهام في التربية الوطنية مفقود في كثير من دول العالم العربي، ولذا تجد نسبة المتطوعين في أي مجال لدينا محدودة، وكذلك تجد أن نسبة الذين يؤمنون بخدمة الإنسانية دون ربط ذلك بدوافع أخرى محدودة، وكثير ممن نذروا أنفسهم للعمل الخيري فعلوا ذلك بعد أن فشلوا في حياتهم العملية أو الدراسية.

بإمكان كل شخص أن يصبح وزيرا، إذا كان معنى الوزارة لديه هو خدمة الناس، لأن كل منا يستطيع أن يختار مجالا معينا يبذل فيه شيء من وقته وجهده وخبرته لصالح الناس، وزارة لها نظام وفيها موظفون _ ممن قرروا مشاركة هذا الشخص اهتماماته _ ولها أهداف وربما ميزانية متواضعة من تبرعات المتحمسين، لأن العمق الحقيقي لأي وزارة هو النشاط غير الربحي، والذي يخدم في النهاية مصالح العموم على اختلافها.

ومن يدري، قد يأتي اليوم الذي يقدر فيه هذا الجهد في خدمة الوطن، وتصبح وزيرا حقيقا!!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية