أنواع الحب ثمانية وكلها قد لا تدوم!

من قسم منوعات
السبت 22 ديسمبر 2007|

لأن الحب واحد من أكثر الأمور تعقيدا وجاذبية للفهم في آن واحد، فقد ظهرت مئات النظريات التي تحاول فهمه وشرحه، وكان الشعراء والحكماء قد سبقوا العلماء والفلاسفة في ذلك، ولكل منهم مفهومه الخاص حول الحب.

لكن واحد من أجمل وأبسط هذه النظريات هي نظرية يطلق عليها اسم “النظرية الثلاثية في الحب” Triangular Theory Of Love، التي جاء بها عالم أمريكي اسمه روبرت سترنبرغ، وتقول إن الحب يقوم على ثلاثة أركان أساسية هي: العلاقة الحميمة، والعاطفة المتوقدة، والالتزام.

يقصد بالعلاقة الحميمة هو ذلك الشعور بالقرب والمحبة والارتباط العميق والفهم المتبادل والمزاج المشترك، أما العاطفة المتوقدة فهي ذلك الشعور الرومانسي والتجاذب الجسدي الذي يحمله كل حبيب للآخر، فيما يعني الالتزام الشعور القوي المتبادل بتحويل تلك العلاقة إلى علاقة زواج أبدية لتأطير ذلك الفهم المشترك للالتزام.

جرب مع نفسك قبل أن تكمل قراءة هذا المقال أن تتخيل أي علاقات اجتماعية يتوافر فيها واحدا أو اثنان أو ثلاثة من هذه العوامل المذكورة أعلاه، وتتخيل شكل العلاقة، وقد تجد نفسك بعد دقائق قد توافر لك فهم واضح لأنواع العلاقات الاجتماعية وتفاوت درجاتها وتحولاتها من علاقة لأخرى.

لاحظ أن علاقة الحب بين الرجل والمرأة التي لا تحمل ركن الالتزام هي علاقة مرفوضة في المجتمع المحافظ، ولكنها موجودة واقعا مما يستلزم التعامل معها أيضا من خلال الدراسات المتخصصة في ذلك المجال.

هناك ثمانية أنواع للعلاقات الاجتماعية بناء على هذه النظرية الثلاثية وهي كالتالي:

1- علاقة لا يتوافر فيها الحب، وهي تلك التي لا توجد فيها أي من هذه العناصر الثلاثة (مثل علاقة العمل).

2- علاقة “الصداقة الحقيقية” وهي تلك التي تتوافر فيها الحميمية ولكن من دون عاطفة متوقدة أو التزام، وهذه العلاقات تتميز بالقرب وشعور الشخص بالدفء والمحبة لأصدقائه، وهي علاقات تدوم عادة لفترات طويلة.

3- علاقة “الحب المشتعل”، حيث تتوافر فيها العاطفة المتوقدة ولكن دون حميمية ودون التزام، وهي التي يطلق عليها أحيانا “الحب من أول نظرة” حيث توجد بين الشخصين مشاعر غريزية وعاطفية متصاعدة، ولكن دون أن يكون بينهما قرب وتفاهم حقيقي، ودون التزام طويل المدى، وحسب الدراسات فإن هذه العلاقات قد تختفي في أي وقت مع ذواء جذوة العاطفة المتوقدة.

4- علاقة “الحب الخاوي”، وسمي بذلك لأنه يتوافر فيه عنصر الالتزام فقط، بينما هو خاو من الحميمية والقرب ومن العاطفة المتوقدة كذلك، وبينما ينتهي كثير من العلاقات الزوجية عبر الزمن إلى علاقة حب خاو، فإن العلاقات الزوجية في المجتمعات المحافظة التي يتم فيها الزواج عبر الأهل دون وجود علاقة مسبقة تبدأ كـ “حب خاو” ثم قد تتطور إلى أشكال أخرى من الحب عبر الزمن إذا بذل العريسان الجهد اللازم لذلك.

5- علاقة “الحب الرومانسي”، وهي العلاقة التي يتوافر فيها عنصرا الحميمية والعاطفة المتوقدة، دون وجود الالتزام، وهي ما يطلق عليه عادة في ثقافتنا العربية المعاصرة اسم “علاقة حب”.

6- علاقة “الحب العطوف”، وهي علاقة تتوافر فيها الحميمية والالتزام دون وجود عاطفة متوقدة، فهناك الشعور الخاص بالمحبة والتفاهم المشترك، وهناك الالتزام طويل المدى، وذلك كما تجد في العلاقات ضمن الأسرة الواحدة، أو في العلاقات الزوجية التي زالت منها الرغبة الجسدية المتوقدة، أو في علاقات الصداقة الشديدة التي يتعاهد فيها الأصدقاء على الصداقة والترابط والالتزام إلى الأبد.

7- علاقة “الحب الساذج”، وهي العلاقة التي تتوافر فيها العاطفة المتوقدة والميل الجسدي والغريزي دون وجود الفهم المشترك والمحبة الحقيقية، وذلك عندما تنتهي هذه العلاقة بالزواج والالتزام بناء على هذا الميل الغريزي، وهذه العلاقات تكون عادة غير مستقرة إلا إذا طور الزوجان علاقتهم الحميمة لاحقا.

8- علاقة “الحب التام”، وهي العلاقة التي تتوافر فيها العوامل الثلاثة معا، وهي تمثل ذروة المتعة والشعور الإنساني الجميل نحو الآخر التي يحلم بها الناس، ولكن سترنبرغ يقول إن المحافظة على هذه العلاقة لفترة طويلة أصعب من الوصول إليها، ولا يمكن أن يتم إلا بالتعبير المستمر عن الحب وعن العاطفة، وفي كثير من الأحيان تستمر هذه العلاقة لفترة من الزمن ثم تتحول إلى علاقة حب عطوف.

أخطر ما توصل إليه سترنبرغ، وهو أستاذ في جامعة ييل الأمريكية الشهيرة، وأجرى بحوثه في الثمانينيات الميلادية، أن هذه العلاقات تتحول سريعا من شكل إلى آخر، وأن أيا من هذه العوامل قد يختفي مع الزمن إذا لم تبذل فيه الجهود الكافية للمحافظة عليه، وأن ليس هناك شيء اسمه “بقاء الأمور على ما هي عليه” كما يظن الكثير من الناس الذين يعيشون علاقة حب ما.

الحب منحة لمن يستحقها ويحافظ عليها، وهم نادرون أما البقية فليس لهم إلا الآلام والجروح و..الخواء!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية