لو تجنب الزوجان اللوم لما احتاجوا للمغفرة!

من قسم منوعات
الخميس 03 يوليو 2008|

عندما تمر الحياة الزوجية بصعوبات فإن ذلك في الغالب يحصل بسبب شعور الزوجة أو الزوجة بأن الطرف الآخر في العلاقة يقوم بأعمال سلبية، وينتج عنها الغضب والانزعاج، مما ينتج عنه الكثير من اللوم والعتاب، ويتراكم هذا الشعور السلبي مع الأيام لينتج عنه بعد ذلك مشكلات تنخر في جدران الحياة الزوجية.

الحل كما يقول كثير من الناس هو الغفران، وهو أمر إيجابي طبعا، وأظن أن معظم الناس سيقولون بأن المغفرة هي أمر جميل، وهذا صحيح ولا شك.

ولكن مشكلة المغفرة أنها تأتي بعد الشعور باللوم والعتاب والغضب، وإلا لما كان هناك ما نغفره إذا لم نشعر أن الطرف الآخر قد أذنب بحقنا. بكلمات أخرى، من الجميل أن نشجع الناس على المغفرة ولكن الأجمل أن نشجع الزوجين على ألا يشعروا بالغضب واللوم نحو بعضهما البعض.

هذا ما تستنتجه الدراسات المتخصصة في قضايا الزواج والتي بدأت في الحديث عنها في الحلقات السابقة، وتقول بأن على الزوجين أن يعملوا جاهدين على التخفيف من “اللوم” تجاه الآخر.

كيف يمكن فعل ذلك؟

اللوم يأتي عادة كوسيلة انزعاج نفسية من أمر فعله الطرف الآخر في العلاقة والذي يراه الزوج أو الزوجة أمرا سلبيا وجرحا شخصيا وتجاهلا للعواطف المشتركة.

لكن الفعل، أي فعل، ليس سلبيا أو إيجابيا في حد ذاته، بقدر ما نراه نحن سلبيا أو إيجابيا، والناس تتفاوت في ردة فعلها وحساسيتها من الأشياء، فبينما يرى شخص أمرا ما عاديا يراه الآخر سلبيا جدا.

على سبيل المثال، يعود الزوج من عشاء مع أصدقائه متأخرا، بعض الزوجات سترى هذا “تطنيشا” لها وتجاهلا لاحتياجاتها وشوقها لزوجها، بينما زوجة أخرى قد ترى أن الأمر حصل لأن الزوج يجامل أصدقائه أو يستمتع معهم دون أن يعني هذا نسيانه لها.

النوع الأول من الزوجات رأت الأمر سلبيا ويتطلب هذا تعاملا مع الموقف سواء كان ذلك على شكل عتاب سري أو علني ثم المغفرة أو عدم المغفرة، ولكن النوع الثاني من الزوجات لم تحتج لكل هذا لأنها نظرت للأمر بشكل إيجابي من اللحظة الأولى.

هناك زوجات وأزواج أكثر عملية، ينظرون للموضوع بشكل إيجابي، ولكنهم يرون في نفس الوقت أن هناك مشكلة يجب أن يضعوا لها حلولا، فإذا كانت الزوجة ترى أن زوجها يقضي أوقاتا طويلة خارج البيت، فإنها قد تعطيه الأعذار الذي يجعل نظرتها نظرة إيجابية، ولكن هذا لا يمنعها من أن تجلس مع زوجها وتتفق معه على أوقات معينة لا بد أن يقضيها في المنزل معها ومع الأطفال.

طبعا الأمر ليس دائما بهذه البساطة لأن المشكلات تبدأ بقضايا صغيرة ولكن ما يفعله الزوج أو الزوجة هو الاستنتاجات الضخمة وغير المنطقية.

في مثال الزوجة السابق، قد لا تكتفي الزوجة بالعتب على تأخر الزوج في القدوم إلى منزله، ولكنها تستتنتج من ذلك أن الأمر معناه أن الزوج لا يهتم بها، وقد تغير قلبه وأنه لا يحبها وربما يحب امرأة غيرها، وأنه يتضايق منها ولا يستمتع بالجلوس معها، وربما لم يعد أهلا للثقة به أو الاعتماد عليه في ما بقي من حياتها، وغير ذلك من الاستنتاجات السلبية التي قد تبقى لوقت قصير أو طويل.

هنا تصبح المشكلة أكبر، وأكثر عمقا وتأثيرا، وتصبح المغفرة أصعب، وتزداد حدة المشكلة.

الحل هو ألا يقوم أي من الزوجين بهذه النظرة السلبية وهذه الاستنتناجات وأن تكون لديهم نظرة إيجابية نحو الأفعال التي يقوم بها الزوج والزوجة.

هذا الأمر طبعا ليس بالسهل ولكنه يحتاج مران وتدريب شاق وإيمان عميق بأهمية الرؤية الإيجابية وأهمية حماية الحياة الزوجية من العوامل المدمرة بأنواعها.

أن نحب معناه أيضا أن نحمي هذا الحب!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية