هذه رسالة لكل العزاب في العالم: إذا كنت تندبون حظكم لأن القفص الذهبي لم يفتح أبوابه لكم، فإنكم محظوظون من حيث لا تعلمون لأنكم تطيرون “خارج القفص” وتنعمون بالحرية وتتنفسون الهواء الجميل الذي لم تلوثه عقد الزوجية وقلق المسؤولية وأعباء الحياة الأسرية.
لن تصدقونني لأن هناك من خدعكم وأوحى لكم بأن وراء جدران القفص حياة وردية وجنات تجري من تحتها أنهار الحب وأخبركم قصصا عن العشق والغرام، وكيف يتخلص الإنسان من وحدته ويكون في أنس دائم مع “شريك العمر”.
ستقعون في الفخ الذي وقع فيه الملايين من قبلكم، وستكتشفون صدق كلامي ولكن بعد أن يكون قد فات الأوان وبعد أن يتحول شريك العمر إلى شريك إجباري، يجلس على قلوبكم فلا تكادون تتنفسون أي نوع من أنواع الهواء إلا ذلك النوع الممزوج بالهموم والشيب وضغط الدم وأمراض القلب.
الرسالة أعلاه _ والتي أهديها للقراء الأعزاء بمناسبة عيد الفطر المبارك _ هي مجرد مزحة تفسر عنوان المقال الذي يهدف للمزاح أيضا، فمن أنا حتى أغضب ملايين النساء حول العالم، والحق يقال فإن للحياة الزوجية معان رائعة وأسرار عظيمة وفوائد لا تقدر بثمن، أو هكذا يقال على الأقل في أوساط المتزوجين “السعداء”.
الزواج هو القدر والنصيب لكل الرجال والنساء، ولكن هذا لا يعني أن العزوبية شر كلها، فللعزوبية أسرارها وجمالها كذلك، وهكذا شأن الدنيا فليس هناك شيء في الدنيا كله خير أو كله شر، ولكل شيء ميزاته وسلبياته، وعلى الإنسان أن يقارن دائما بين الإيجابيات والسلبيات ويختار لنفسه ويتحمل مسؤولية قراره.
الحرية هي أحد الأمور الجميلة في العزوبية للرجال أو النساء، تنام متى تريد وتأكل متى تريد، تسافر فلا يشتاق إليك أحد، وتمرض فلا يحزن أحد، تخرج من البيت ولا تعود فلا يقلق أحد، يتحسن شكلك أو يسوء فلا يلاحظ أحد، يصيبك أشد أنواع الاكتئاب فلا ينزعج أحد، وتطير من الفرح فلا يقلق أحد لفرحك غير المفسر.
عندما تنام وأنت عزوبي تأخذ كل السرير لنفسك، تتقلب ذات اليمين وذات الشمال، تضع المكيف على الدرجة التي تناسبك، وتترك الضوء مفتوحا أو الستارة مغلقة فلا تخاف من أحد، ولا تستيقظ لأي سبب في الدنيا إلا لسبب قررته لنفسك.
للكثير من القراء لن تبدو الأمور أعلاه وكأنها ميزات، فالكثيرون يحبون أن يقلق الناس عليهم وأن يجدوا من يتعاطف معهم، ويضحك لضحكهم ويبكي لبكائهم، ولكن الحقيقة أن كل إنسان منا يوجد في أعماقه عزوبي نائم يستيقظ أحيانا باحثا عن الحرية والخروج من القفص والاستمتاع بفوضى الحياة وميزات الوحدة واللامسؤولية.
رسالتي إلى الأزواج من الرجال والنساء أن يراعوا في شريك حياتهم هذا العزوبي النائم الذي يستيقظ أحيانا فيطلب طلبات غريبة لا تبدو مبررة أبدا، لأنها ليست طلبات الزوج الوديع أو الزوجة الوفية مثل الخروج المتأخر والنوم في غرفة أخرى على الكنبة بجانب التلفزيون أو إهمال المنظر الخارجي أو السهر مع الأصدقاء أو حتى الأكل على الواقف في المطبخ.
عندما يستيقظ العزوبي في أعماقنا يجب معاملته برقة وعطف، فهذه أحسن وسيلة ليعود سريعا للنوم عندما يحن الزوج لأكل زوجته البائت وتحن الزوجة لأحاديث زوجها عن عمله.
ولكل العزاب في الدنيا أدعوكم دعوة رجل خبير، لا تتزوجوا حتى تكرهوا الرجل العزوبي في أعماقكم وترسلوه إلى نوم عميق يطول دائما.
لا تتزوجوا حتى تشتاقوا إلى القفص وليس مجاملة للآخرين أو لإشباع نزواتكم العاطفية.
أحيانا فقط: القناعة كنز لا يفنى!
وكل عام وأنتم بخير
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية