آهات «عربية» تبحث عن حلم وتشتكي بقهر!!

من قسم منوعات
الأحد 19 مارس 2006|

في الأسبوع الماضي وجهت سؤالا يتناول أزمة اجتماعية عربية حقيقية: هل يمكن علاج كره العرب بعضهم بعضا؟ ونشر المقال في جريدة “الاقتصادية” وموقعها على الإنترنت، إضافة إلى عدد من المواقع الأخرى، وتلقى المقال ردود فعل متعددة عبر المواقع أو عبر البريد الإلكتروني.

ويبدو أن الحديث عن مشاعرنا نحو الجنسيات العربية الأخرى لامس الكثير من القلوب، القلوب التي تتأسف على هذا الحال، والقلوب الغاضبة على العرب الآخرين، والقلوب التي ما زالت تحلم بعالم عربي أفضل! عبر هذه الردود تسمع الكثير من الآراء.

أسماء، صحافية سعودية، تحدثت عن تجربتها عند زيارة بلد عربي للسياحة وكيف كان التعامل معها سيئا إلى درجة أنها كرهت ذلك البلد العربي.

لا شك أن “تخلف” سلوكيات العرب المدنية التي تلحظها في معظم الشوارع العربية هو سبب للانطباعات السيئة التي يتركها الآخرون في نفوسنا، ولأن السلوكيات المدنية التي يقابلك بها الآخرون في بلاد الغرب أو آسيا متقدمة ومهذبة _ حتى لو دفعنا أضعاف الفاتورة ونحن نبتسم _ فهذا يدفعنا إلى احترامهم.

خذ هذا السبب وأضف إليه حبنا للتعميم وسترى لماذا نحمل هذه الصور السلبية عن بعضنا البعض. من وجهة نظر الدكتور محمد الأمين “من السودان”، التعميم طبيعة بشرية، يشترك فيها معنا الغربيون والأوروبيون ويستشهد قارئ يؤيد هذا الرأي بأن البريطانيين والفرنسيين صاروا يعلقون بشكل سلبي ضد بعضهم البعض عندما اختلفت حكوماتهم في الرأي إزاء الحرب على العراق.

الدكتور الأمين، قال إنه يجري مع عدد من زملائه بحثا عن الصورة الذهنية للسودان في المنتديات العربية على الإنترنت، وهو مصدوم حسبما تصور عباراته بعمق السلبية فيما يحللونه، مما يكتب على الإنترنت، ويأسف لعدم فهم الناس للسودان وتنوعه، ولكنه يركز على أن السودانيين أنفسهم يحملون صورا سلبية ضد سكان المحافظات الأخرى، ويرى أن “كره الآخر والعنصرية” هي السبب.

محمد الوردة و”سعودي” وآخرون، يرون أن البعد عن الإسلام هو السبب الرئيس في المشكلة، بينما تتحدث إيمان من المغرب عن الآخر “الغرب وإسرائيل” كسبب للمشكلة، وتنتقد ما كتبت بأن الصورة ليست قاتمة كما صورتها: “الحمد لله، ما زال العرب يحبون بعضهم بعضا، والشعوب العربية تناصر بعضها بعضا، فإن أنَّت فلسطين صرخ لأنينها ملايين من المغاربة في الرباط، وحين قصفت بغداد، اهتزت شعوب العالم العربي.. والتاريخ يسجل بمداد الفخر عدة مواقف إيجابية للعرب تجاه بعضهم البعض”.

علي صلاح الدين، من جهة أخرى يرى أن المشكلة في حبنا للغرب “حتى لو حصلنا على القوة نستخدمها ضد بعضنا البعض”.

الحكومات في رأي آخرين ممن تفاعلوا مع المقال كانت سببا في كراهية الشعوب لبعضها البعض، فهذا خالد من العراق، يروي كيف كان العراقيون يكرهون شعوبا أخرى كالسعوديين والسوريين والكويتيين تحت تأثير الدعاية الإعلامية في عهد صدام، ولكن لما انفتحوا على الشعوب الأخرى في السنتين الأخيرتين، تغير رأيه في الكويتيين تماما.

“محايد” وضع المسؤولية على “القيادات الفاشلة التي تحارب الآخر للحفاظ على الكرسي”.

تعليق من “سنايدي” جعل الأمر وكأنه أمر لا بد منه “اتفق العرب على ألا يتفقوا”، ويشرح “الحلو” ذلك بقوله “المشكلة هي كل مجتمع عربي يعتقد بأنه الأفضل ويعتقد بأن له خصوصية لا يجب على غيره الاطلاع عليها وكأن هذا المجتمع قد هبط من كوكب آخر، و آخر ما تفكر به المجتمعات العربية أن لها الظروف نفسها والخصوصية نفسها، ودائما _ مع الأسف _ كل مجتمع يرى أنه الأفضل فكيف تريدونهم أن يتحدوا” ويضيف “فربما أنهم اتفقوا على تجريح وقذف بعضهم البعض وهذا بصيص أمل آخر”.

أحد الردود قال إن السبب يعود إلى أنه لا يوجد شيء اسمه العالم العربي، هناك دول عربية متعددة الثقافات تجمعها لغة واحدة، وأن الوحدة العربية هي مجرد كذبة كبيرة صنعها زعماء العرب.

عدة آراء مثل رأي “الباشق” جعلت الإعلام المسؤول الأول والأخير، حيث صارت القنوات الفضائية حسب رأيه وسيلة لتفاخر الشعوب على بعضها البعض، ومن جهة أخرى يحمل “العتيبي” موقع “العربية. نت” الذي أرأس تحريره، مسؤولية تأجيج المشكلة لكونه “ينشر المواضيع التافهة عن الشعوب العربية ويسمح بنشر الآراء المتطرفة”.

وإذا كانت معرفة الأسباب بداية للعلاج، فهناك من اقترح حلولا ومنهم راكان الحمد الذي ركز على أن البداية من فهم كون مصالحنا والمنطق والعقلانية هي التي تقتضي الحل وليس الشعارات، بينما يقدم “فلسطيني” وصفة متكاملة بلهجته العامية قائلا إن المشكلة هي بسبب “الوضع المزري يلي عايشينه.. وخاصة إنه الأمم كلها نازلة فينا ونحنا ساكتين فأكيد رح نفش خلقنا ببعضنا” والحل في رأيه هو “لازم نطور اقتصاداتنا ونصنع لأنفسنا ونفرض وجودنا بقوة عسكرية حتى نكبر بأعين بعضنا وبها الطريقة رح يعجبوا الشعوب بشعب الدولة التي تطورت وأصبح لها قيمتها ورح يبدؤوا يحبوهم وكمان الشعب يلي بحس إنه صار محبوب رح يحب يلي بحبه من باقي الشعوب”.

مروان، يرى أن الحل هو “أن نتخلى عن حب الدنيا ونعمل للآخرة”، وممدوح أحمد فؤاد، يؤيد هذا الرأي مستشهدا بأن العرب بعد الإسلام نبذوا الصراعات الجاهلية.

الكثير من الآراء رأت الحل في التعليم، “تعليم الحب” كما قالت إحدى الكاتبات التي رأت أن هذا يتناقض مع تعليم الشعر الجاهلي وما فيه من نزعات قبلية، و”تعليم الوحدة” كما يقول “فهمان”، وتعليم المزيد عن دول العالم العربي من خلال منهج تضعه جامعة الدول العربية كما يقول “الباشق”، وذلك لأن أساس المشكلة كما يقول بسام بونيني، هو ما نعانيه من الجهل بما نحتاج معرفته عن العرب، ويعلن سري سمور عن شوقه لبرنامج “افتح يا سمسم” ويعتبره بداية لعمل عربي مشترك يجعل الناس تتقارب من بعضها البعض وتتوحد عواطفها.

لقد كانت الآراء السابقة زفرات شعور لأمة يجمع أفرادها بين الألم والحلم، ولكل طريقته في التعبير وتسكين الألم والسعي وراء الحلم.

آخر الآهات جاءت من ماريانا في لبنان “أنا لبنانية ما بكره الشعب السوري بس ما بحب السياسيين عندن ولا السياسيين عننا، إزا السياسيين بيكرهو بعض نحنا شو النا علائة؟”!!

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية