الإنسان يحتاج للتعديل الجيني ولاشك.
العالم يشاهد على التلفزيون النماذج “المثالية” للرجل ذي القامة الطويلة والشعر الناعم والعينين البراقتين الملونتنين كما يشاهد نماذج عارضات الأزياء ويقرر كل واحد منهم بمن فيهم فقراء الهند وموزمبيق أن يصبحوا مثلهم.
تحتاج كل النساء للتعديل الجيني لأنهن يحلمن أن يصبحن مثل سندي كروفورد، أو بروك شيلدز، “للأمانة التاريخية واطلاع الزوجة المخلصة وكل العائلة الكريمة: حصلت على هذه الأسماء من معجم “القاموس المحيط” ولم يحصل لي أبدا الالتقاء بهن شخصيا!”.
كل العالم سيكون سعيدا باليوم الذي يأتي ونقف فيه على الطابور لنطلب في النهاية من الموظف اللطيف أن يعدل لون عيوننا إلى اللون الأزرق أو يعدل خريطتنا الجينية لزيادة نسبة الذكاء أو أن يزيد من طولنا قليلا.
الإنسان يحتاج أيضا للاستنساخ لأن هناك عباقرة وشخصيات مميزة _ مثل المذكورة أسماءهم أعلاه ومثل صديقي بيل جيتس _ لا تتكرر ويحتاج إليها العالم دائما.
لكن هل يحتاج الدجاج للتعديل الجيني؟ وهل تحتاج النعجة للاستنساخ؟
مريم نور، ادعت يوما أن دجاج كنتاكي في الحقيقة ليس بدجاج _ هي أخذت هذه المعلومة من موقع إنترنت مزيف أعده مراهق أمريكي وهي معلومة غير صحيحة لأن مطاعم كنتاكي تشتري الدجاج من السوبرماركت _ وأن مجموعة من العلماء الأمريكيين الكبار اجتمعوا في مختبر وعدلوا جينات الدجاجة لتصبح شيئا يشبه الدجاجة في شكلها وطعمها ولكنها ليست دجاجة، طيب لماذا؟
لماذا إنفاق الملايين _ وأنا شخصيا لدي اقتراحات أفضل بكثير لصرف مثل هذه الملايين _ على تغيير جوهر الدجاجة؟ لم يتم تحويل صدر الدجاجة وأجنحتها إلى أفخاذ فيصبح في الدجاجة خمسة أفخاذ ويصبح في إمكاني أكلها جميعها بدلا من الفخدين فقط، ولم يتم ملئ الدجاجة بالبهارات فتصبح جاهزة للطبخ حسب نوع البهارات فتكون هناك دجاجة ببهارات هندية وأخرى ببهارات إيطالية وهكذا.
حتى النعجة “دوللي” التي استنسخوها وأقاموا بها الدنيا وأقعدوها، أنا شخصيا رأيت صورة النعجة حفظها الله من كل سوء ولم أر فيها أي شيئ مختلف، مجرد نعجة عادية لو رأيتها في سوق الغنم لفضلت أخ “نعيمي” محترم عليها.
لا أدري أصلا ما الذي يمكن تحسينه في نعجة إلا إذا كان من الممكن أن يجعلوها تتكلم ونستغني بها وبصوتها الطروب عن نصف المذيعات في قنواتنا الفضائية.
دعوني أقولها بصراحة قد تجرح قلوب بعض المتحمسين للدجاج والنعاج، الإنسانية تمشي في الطريق الخطأ إلى الهاوية.
ليس من المعقول أن يجتمع علماء الغرب البارزين وتنفق مئات الملايين من الدولارات “طيبة الذكر” على تحسين دجاجة أو نعجة تحسينات طفيفة لا معنى لها ويتركوا المستشفيات تقذف كل يوم بأطفال رضع تدرك من نظرة أولى سريعة “ممزوجة بشئ من الحنان والرومانسية الظاهرية في وجود آبائهم الخارجين من معركة الولادة بنصر الحصول على طفل” أن هذا الطفل بكل أسف ليس له مستقبل في عالمنا “المثالي” التلفزيوني الذي يفضل كل شيئ أشقرا أبيضا طويلا ذا عيون ملونة.
ليس من المعقول أبدا أن نهتم باستنساخ النعاج ونترك “الناس الحلوة” تموت ولا يبق منهم إلا الصور والذكرى الطيبة!!
من المؤكد أن هذه هي اللحظات الأولى لانهيار أمريكا والغرب وضياع الإنسانية وحيرتها، ولا بد من تدخل المصلحين ليوجهوا اهتمام هؤلاء العلماء والشركات لما هو أهم مثل الرجال السمر ذوي العيون البنية _ وأنا منهم + أو حتى على الأقل للاستاكوزا والتي بالرغم من طعمها اللذيذ مازال شكلها منفرا جدا ويحتاج لعملية تجميل.
عرضت فكرة هذا المقال على صديقي فقال لي أن كل معلوماتي غير علمية وأن استنساخ النعاج وتعديل الدجاج خطوة على الطريق الصحيح يمكننا من خلالها تحويل شكل عادل إمام، ليصبح مثل ميل جيبسون، وأن تعديل الإنسان واستنساخه يسبب الكثير من المشكلات الأخلاقية والإنسانية وأنه لا يمكن إجراء عمليات تجميل للاستاكوزا وأنه لا يجوز أن أتفاخر بصداقتي الحميمة لبيل جيتس، لحماية نفسي من “المصلحجيين” وأن وأن…
شخصيا أنا أرى الآن أن شركات الهندسة الوراثية عليها أن تبدأ بصديقي هذا _ غفر الله له ولنا ولجميع القراء _ فتخفف من دمه قليلا وتزيد من رغبته في الضحك لأن أخانا العبقري لم يفهم حتى آخر لحظة أن هذا مجرد مقال هزلي معدل جينيا.
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية