تضاربت آراء خبراء الأسلحة البيولوجية والكيميائية الأمريكيين إزاء تقرير حول محاولات إسرائيلية علمية جادة لتطوير قنبلة جرثومية تستطيع القضاء على العرب، دون غيرهم، كاليهود مثلا، وذلك من خلال تعرف هذه القنبلة على جين معين يتميز به العرب دون غيرهم.
وكان التقرير قد نشرته قبل أشهر صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، وأثار أصداء واسعة في بريطانيا وأمريكا والعالم العربي وإسرائيل.
وكان التقرير قد أدعى بأن مشروع علميا إسرائيليا شديد السرية لتحقيق هذا الهدف، قد قام بناء على أبحاث طبية إسرائيلية استطاعت أن تميز جينا معينا يوجد في العرب، دون غيرهم، ويتم العمل على هذا المشروع في معهد الأبحاث البيولوجية في «نيس تزيونا»، والذي يعتبر المركز الرئيسي للأبحاث المتعلقة بترسانة إسرائيل السرية من الأسلحة الكيمياوية والجرثومية.
بيل ريتشاردسن، النائب المساعد لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون البرامج البيولوجية والكيماوية العسكرية خلال فترة رئاسة الرئيسين الأمريكيين رونالد ريجان، وجورج بوش، قال بأن تطوير مثل هذا السلاح قضية معقدة، وتتجاوز مجرد إعداد السلاح إلى إيجاد طرق عسكرية تضمن إطلاق هذا السلاح بالشكل الفعال، إذ ليس كل الأسلحة الحيوية هي غازات يمكن إطلاقها بالصواريخ كغاز الخردل، بل قد تكون مجرد مادة في إبر تحتاج لتقنية متقدمة حتى يمكن نشرها بين الجمهور المستهدف، وادعاء امتلاك هذه التقنية ليس سهلا.
وأضاف ريتشاردسن، بأنه لا شك أن إسرائيل قد عملت على إنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية منذ فترة طويلة، مضيفا في تصريح من النادر أن يصدر عن مسؤول أمريكي، «لا أعتقد أنه يمكنك أن تجد معلومات حول هذا الموضوع، يبدو أننا دائما كانت لدينا معايير مزدوجة ومتناقضة في التعامل مع إسرائيل مقارنة بالتعامل مع التهديدات البيولوجية التي تصدر عن دول أخرى، لا شك أن لديهم مثل هذه البرامج منذ سنوات، لكن جعل أي شخص يتحدث عن ذلك إعلاميا يبدو أنه أمر صعب جدا».
وأضاف ريتشاردسن، بأن التكنولوجيا البيولوجية متطورة في إسرائيل بالقدر نفسه، إن لم يكن أفضل من أمريكا، وهم استطاعوا أن يطوروا اختبارات الحمل واختبارات لرصد بعض الأمراض مثل «الأنثراكس»، والذي اعتبر عند صدوره تقدما تكنولوجيا ضخما، حيث كل ما تحتاجه الآن هو شريط صغير يتغير لونه إذا كان هناك حمل أو فيروس الأنثراكس في الدم.
الدكتور دافني كاميلي، عالم الأحياء والميكروبات الأمريكي المعروف، والذي عرف بمشاريعه في قضايا الأمن البيئي مع وزارة الدفاع الأمريكي، قال أن هذه القنبلة أمر مستبعد جدا.
وأضاف كاميلي، بأنه علميا حتى الآن لا يمكن إثبات أن شعب معين مختلف عن غيره بجينات معينة.
وقال كاميلي، بأنه لا يدعي أن التقرير غير صحيح تماما، لأن إسرائيل لديها مراكز أبحاث قادرة على إنتاج علمي مماثل للولايات المتحدة، إن لم يكن أفضل، لكنه من جهة أخرى يصعب التصديق بأنه من الممكن إنتاج سلاح يتغلب على جهاز المقاومة في الجسم في شعب كامل.
من جهته قال الدكتور فيكتور ديلفيتشيو، العالم بجامعة سكرانتون الأمريكية، والذي كان قد طور أساليب عملية لرصد الغازات السامة بأن انتاج «قنبلة عرقية» أمر ممكن نظريا، لكنه لا يعتقد أنه يوجد حاليا معلومات كافية عن الجينات البشرية بحيث أن أحد الأعراق البشرية لديه جين معين يمكن مهاجتمه بأسلحة خارجية.
وعلق د. دان جوسين، أحد الباحثين السابقين في نظام جنوب أفريقيا العنصري السابق لشؤون برامج الحرب البيولوجية والكيماوية، بأن جنوب أفريقيا أجرت مئات الدراسات بهدف إنتاج سلاح معين يقضي على السود دون غيرهم، لكنها فشلت في ذلك تماما، وإن كانت في المقابل استطاعت أن تنتج من خلال هذه البحوث عدة أسلحة مميزة للاغتيال، مثل أحمر الشفاه الذي يقتل بمجرد استعماله.
جريدة بارزة في جنوب أفريقيا اسمها «مايل آند جارديان»، قالت تعليقا على التقرير بأنه سيكون من المضحك لو عرفنا أن إسرائيل تعتمد في بحوثها على واحد من هؤلاء الخبراء الجنوب أفريقيين الذي فشلوا في السابق في استهداف السود ويسعون الآن لاستهداف العرب.
أما الصحافي الأمريكي لويس توسكانو، والذي كان يدير فرع وكالة اليونايتد برس في القدس، وصاحب كتاب «الصليب المثلث»، والذي نشر في عام 1990 عن تسرب أسرار إسرائيل النووية، فيقول بأنه ليس لديه شك بأن إسرائيل كانت تعمل على إنتاج أسلحة كيماوية، وكانت الهمسات دائما تشير لمصنع ضخم يعمل بالقرب من حيفا باسم مركز أبحاث تابع لجامعة إسرائيلية.
حسب ما يقوله توسكانو، فإن الخطير حول إسرائيل مقارنة بغيرها من الدول التي تنتج أسلحة كيماوية في العالم الثالث، أن إسرائيل استطاعت تطوير آلية متقدمة لإطلاق هذه الأسلحة بشكل فعال، ولكن إسرائيل ستفكر ألف مرة قبل استعمال أي من هذه الأسلحة بسبب القرب الجغرافي بينها وبين جيرانها من الدول العربية.
* نُشر في مجلة اليمامة السعودية